احتفاء خاص بالرواية المغربية ذلك الذي شهدته خيمة الإبداع الثالثة التي تنظمها جامعة المعتمد بن عباد في دورتها التاسعة والعشرون، في إطار موسم أصيلة الثقافي الدولي السادس والثلاثون، بتكريم أحد الرموز الروائي والسينارست المغربي يوسف فاضل. وأجمعت مداخلات عدد من مجايلي فاضل من الأصدقاء، الأدباء، والفنانين والروائيين والنقاد، الذين حضروا حفل التكريم الذي احتضنته خيمة الإبداع بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية بمدينة أصيلة على ما يميز أعمال فاضل من سلاسة وتلقائية، جعلت منه ذلك الطائر الذي يحلق في سماء الرواية المغربية. واعتبرت المداخلات أن صاحب رواية "طائر أزرق يحلق معي" والتي اختيرت ضمن اللائحة القصيرة لجائزة بوكر العربية، يستند في كتاباته على الخلفية الاجتماعية والثقافية وكذلك بخاصية المشهدية والكتابة البصرية التي سمحت له بكتابة الرواية بنفس سينمائي. السنارست المغربي الحاصل على جائزة المغرب للرواية، حسب وزير الثقافة المغربي السابق محمد الأشعري، له نصوص يمكن اعتبارها نصوصا مرجعية في الرواية الحديثة في المغرب، مشيرا أن "التراكم الذي أنجزه يستحق دراسة وتأملا لأنه يحمل الكثير من الاختيارات الشجاعة". وسجل الأشعري، أن فاضل يعد أحد الكتاب الذين أعطوا لمهنة الكاتب معنى حقيقيا في هذه الممارسة، معتبرا إياه "ليس كاتبا اعتباطيا ولا يكتب بطريقة متقطعة، لأنه من المؤسسين الأساسيين لحرفة الكتابة في المغرب". وقال الروائي والشاعر المغربي، إن ليوسف فاضل "إنتاجا منتظما وأن هناك نوع من النضج في تجربته من عمل إلى عمل"، موضحا أنه "اهتم كذلك بالفنون المشهدية كالسينما والمسرح وكتب فيهما وأنجز فيهما أعمالا فردية". الأشعري أشار في شهادته إلى أن ليوسف فاضل انتماء خاص للمقاربات الفنية في العمل الأدبي أيضا، مشيرا أن "له أسلوبه وطريقة بناء خاص للرواية استفاد كثيرا من اهتماماته المسرحية والسينمائية". من جانبه يرى الممثل المغربي محمد بسطاوي أن صديقه "يوسف فاضل قدم للبلد في أكثر من جنس إبداعي"، مشيرا أن له مواهب متعددة استطاع من خلالها أن يكتب في المسرح ويمزج بين السيناريست والروائي والمخرج وفي القريب سيخرج له شريط طويل في السينما. البسطاوي الذي وصف فاضل بصديق العمر، والمخلص والمحافظ على المهنة، قال إن تكريم الفنانين يجب أن يكون وهم على قيد الحياة، مشيرا أن فاضل يمتاز بقدرته على السفر عبر وسائل الإبداع في المغرب ليوصل سيرته. الناقد السينمائي مصطفى المسناوي، اختار أن يصف يوسف فاضل بالمبدع الشامل، صاحب الأعمال القوية التي منحت السينما المغربية شخصيات راسخة في الأذهان إلى اليوم كدور محمد مفتاح في فيلم المكتوب، وشخصية الطفل علي زاوا. وقال المسناوي إن الكثيرين لا يعرفون أن فاضل من المعتقلين المغاربة القلائل لأجل سبب ثقافي، موضحا أن السلطات الأمنية اعتقلته لمدة شهر سنة 1974 بسبب مسرحية كتبها تحمل اسم "الگِيرّة"، مبرزا أن السلطات بررت ذلك بكونها تمس بالنظام، وهو الاعتقال الذي انتقلت معاناته إلى دفتي مؤلفاته بشكل نضالي. وسجل المسناوي، أن أعمال فاضل القوية لم ينجح في تحويلها إلى أفلام سينمائية، وهو ما لا يشذ عن قاعدة متعارف عليها وهي أن الأعمال الروائية القوية يصعب نقلها إلى السينما، وهو نفس الطرح الذي ذهب فيه الممثل المغربي محمد الشوبي الذي أشار أن الأفلام السينمائية لا تستوعب كل عوالم الرواية. وقال الشوبي في هذا السياق إن الخلاف في نقل الرواية للسينما حاصل باختلاف القراءات، معتبرا التفكير بالكلمات لا علاقة له أبدا بالتفكير في الصورة، وهي المفارقة الذي تضعف الأفلام المغربية.