قبل رحيله إلى دار البقاء ألف حول الحركة الوطنية بالمدينة القديمة، تحت عنوان ثنايا الذاكرة، إنه المناضل الكبير الغيور على وطنه المرحوم ذ. امحمد الظاهر، فمن هي هذه الشخصية البارزة، التي قاومت الاستعمار الفرنسي مع زمرة من المقاومين الذين نقشوا تاريخ الحركة الوطنية بمداد من الفخر والعز والكرامة؟ ولد سنة 1931 بالمدينة القديمة بالدارالبيضاء، وفي أول خطوة له، نحو التمدرس التحق بالكتاب القرآني، فحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، بعدها التحق بالمدرسة العبدلاوية، حيث نال الشهادة الابتدائية، تم تابع دراسته بجامعة القرويين بمدينة فاس، وبها أدى القسم على يد الشهيد عبد العزيز بن ادريس العمراني الحسني رحمه الله ،بعدها انتقل إلى مؤسسة عبد الكريم لحلو بالدارالبيضاء، إلا أن القرار الجائر الذي أصدره المقيم العام الجنرال جوان حال دون حصوله على شهادة البكالوريا، فالتحق بالتعليم الرسمي كمدرس للغة العربية بالدارالبيضاء لحزب الاستقلال، ومنها مباشرة إلى صفوف المقاومة المسلحة المغربية .اعتقل يوم 16 يونيو 1963 بمقر الكتابة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية بالدارالبيضاء، مزج بين النشاط الوطني والسياسي والعمل الجمعوي خلال مسيرة الجهاد الأكبر بعد الاستقلال، فحصل على الوسام الوطني لأطر ومسيري بناء طريق الوحدة من طرف الملك المحرر المغفور له محمد الخامس، وساهم في بناء »الاتحاد الوطني للقوات الشعبية«، حيث انتخب عضوا ضمن الكتابة المحلية لفرع المدينة القديمة، وعضوا في اللجنة المركزية بالدارالبيضاء .انتخب نائبا برلمانيا بالدائرة الثانية لعمالة الدارالبيضاء في أول برلمان يشهد النور على يد المغفور له الحسن الثاني. أنعم عليه جلالة الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط، كما حصل على الدرع الوطني من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وحظي بتكريم من طرف مؤسسة الزرقطوني للثقافة والأبحاث.
شهدت سنة 1950 بداية توتر سياسي خطير كان وراء تفعيله المقيم العام الجنرال جوان الذي يكن عداء سافرا للحركة الوطنية، ويلح إلحاحا شديدا على محمد الخامس بالتوقيع على وثيقة يستنكر فيها حزب الاستقلال واعتباره حزبا شيوعيا وطرد من حوله من الوطنيين كفضيلة الشيخ المجاهد محمد بن العربي العلوي الذي امتنع عندما دعي لمبايعة ابن عرفة تحت الاكراه قائلا: » لديكم وسيلة واحدة لحملي على إمضاء بيعة ابن عرفة: هي قطع يدي والتوقيع بها« والحاج أحمد بركاش وزير العدل والحاج امحمد أبا حنيني ومسعود الشيكر والاستاذ محمد الفاسي الذي كان صلة وصل بين محمد الخامس وقادة الحزب الوطني عندما كان مدرسا بالمدرسة المولوية وغيرهم من رجال السلطة المغربية الأباة الذين رفضوا المشاركة في هذه المؤامرة الحقيرة ودعمها، فاستبدوا بغيرهم من الأوباش الشيء، الذي كان يرد عليه محمد الخامس بعدم الاستجابة وبالرفض التام مذكرا إياه بأن هذا من اختصاص المحاكم التي تنظر في القضايا الخارجية عن القانون والتي يرأسها بعض القضاة الفرنسيين، إذا كان حزب الاستقلال قد اقترف ما يستوجب ذلك، وطال النقاش حول هذا الموضوع، وتمسك العاهل الكريم بموقفه، مما جعل الجنيرال جوان يهدد جلالته بأحد الأمرين: إما استنكار حزب الاستقلال صراحة أو التنازل عن العرش. ضاربا بعرض الحائط البند الثالث من معاهدة الحماية الذي ينص على تعهد فرنسا ب «بمنح مساعدة دائمة لصاحب الجلالة ضد أي خطر قد يهدد شخصه أو عرشه أو يمس بسلامة دولته»، الشيء الذي زاد من حدة التوتر بين القصر الملكي والاقامة العامة الفرنسية التي كانت على الدوام في خدمة المعمرين والجالية الاجنبية تسهر على تنفيذ رغباتهم العدوانية ولا تستطيع أن تعطي لهم أمرا، مما جعل الحكومات الفرنسية المتعاقبة هي الاخرى مرغمة على مجاملتهم وتخشى غضبهم وتتبنى مخططاتهم الاجرامية وتدافع عنها ولو بوسائل تضليلية تخضع لسلطتهم المطلقة ولو كانت فوق القانون والاعراف الدولية، مما شجع هؤلاء الغلاة على نسق مفاوضات باريس وتخريبها في شهر أكتوبر 1950 التي كان يعلق عليها جلالة الملك محمد الخامس ورفيقه في الكفاح الحسن الثاني كبير الأمل وتحقيق نتائج ايجابية تفضي إلى حل عادل يرضي الطرفين، يعطي شعب المغربي حقه في الحرية والاستقلال، ويضمن حقوق الجالية الفرنسية بالمغرب، نظرا لعدة اعتبارات منها على سبيل المثال مؤازرة جلالته لفرنسا في محنتها والوقوف إلى جانبها إبان الحرب العالمية الثانية، كما سبقت الاشارة إلى ذلك جملة وتفضيلا بالاضافة إلى المجهود الحربي الذي قام به المغرب بشهادة الدول العظمى التي قادت هذه الحرب نحو النصر الذي لم ينل منه المغرب شيئا.