سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوطنيون يحولون المعتقلات الى فضاءات لنشر الوعي الوطني والنضال السياسي مفكرة أعلام الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير من قدماء المعتقلين بالسجن الفلاحي العادر
لقد شكلت السجون والمعتقلات والمنافي خلال فترة الحماية أسلوبا من الأساليب القمعية التي سلكها المستعمر وأداة من أدوات الردع والتعذيب والتنكيل بالمواطنين العزل. إلا أنها كانت بالنسبة للوطنيين والمقاومين والسجناء فضاءات لنشر الوعي الوطني وتعميق الحس الوطني والوازع الديني والتمرس على المكابدة والتحمل مثلما كانت ساحات للنضال السياسي والتواصل الروحي بالفكر والقلم. وليس من المبالغة في شيء القول إن الدور التنشيطي لهذه المعتقلات في تلك الفترة الحرجة من تاريخ المغرب قد تعدى المجال الداخلي والمحلي إلى المحيط والفضاء الخارجي من خلال وسائط ومعطيات متنوعة ابتكرتها إبداعات الوطنيين لإشاعة الوعي الوطني وتقوية إشعاعه وتحولت السجون ومراكز الاعتقال ومنها السجن الفلاحي العادر بالجديدة إلى مدارس لإذكاء الروح الوطنية ورفع التحدي وصقل الوجدان الوطني والحض على المقاومة والنضال. ومن الجديدر بالذكر أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير خصصت حيزا هاما من اهتماماتها للبحث والتنقيب وسبر أغوار أوضاع الوطنيين وقدماء المقاومين وإقامتهم بسجون الحقبة الاستعمارية ومن ذلك إقامة مهرجان خطابي بالسجن الفلاحي العادر في غشت 2002 بالجديدة وتنظيم ندوة «الوطنيون والنشاط الوطني في السجون والمعتقلات خلال فترة الكفاح من أجل الاستقلال «بتعاون مع الإدارة العامة للسجون في يناير 2004 بمراكش وندوة «جوانب من حياة الوطنيين والنشاط الوطني» في 14 يناير 2005 بسجن علي مومن بسطات، فضلا عن إقامة مراسم التكريم للوطنيين من قدماء معتقلي اغبالونكردوس، أحياء ومتوفين وذلك بمكان هذا المعتقل التاريخي. فحق علينا بمناسبة تخليد الذكرى 56 لملحمة ثورة الملك والشعب أن نولي التفاتة جديدة الى صفوة من الوطنيين وقدماء المقاومين الذين قضوا فترة الاعتقال بالسجن الفلاحي العادر إبان فترة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال. وفي هذه الالتفاتة التكريمية تعريف بهم وبأعمالهم الجليلة وتضحياتهم الجسام في حقل الوطنية والمقاومة والتنويه بالخدمات الجلى التي أدوها في معترك الوطنية وفي ساحة النضال والشرف لتستلهم منها الأجيال الجديدة والناشئة معاني وقيم الوطنية والتضحية والمواقف البطولية التي تحلى بها الرعيل الأول وجيل الماهدين للعمل الوطني ورواد وأعلام الحركة الوطنية والمقاومة والتحرير. وفي هذا التواصل الروحي والتاريخي مع أمجاد وأعلام الكفاح الوطني أجمل تكريم وأجل وفاء وبرور بتاريخنا الوطني وبصناعة الأماجد من أمثال صفوة الوطنيين من قدماء معتقلي السجن الفلاحي العادر الذين نستحضر أسماء بعضهم وعناوين أعمالهم ومكرماتهم. المرحوم الحاج أحمد باحنيني ولد المرحوم الحاج أحمد باحنيني بمدينة فاس سنة 1909 وفيها تلقى تعليمه بثانوية مولاي ادريس. تابع دراسته العليا بكلية الحقوق بالرباط. حصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم القانونية من جامعة الجزائر، كما حصل على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي. اعتقل سنة 1944 بعد توقيعه على وثيقة المطالبة بالاستقلال وقضى فترة الاعتقال مع صفوة من الوطنيين ببرج فاس ومنه نقل مع تلك الصفوة الى السجن الفلاحي العادر لمدة سنة ونصف. وغداة الاستقلال اشتغل بالمحكمة الابتدائية بفاس. تدرج في عدة مناصب فكان ترجمانا ومحاميا ومديرا لديوان المرحوم محمد الزغاري، وكاتبا عاما لوزارة الداخلية، فوزيرا للعدل ثم وزيرا أول، كما تقلد المنصب السامي للرئيس الأول للمجلس الأعلى. وفي كل المناصب والمسؤوليات السامية التي أسندت إليه، عرف المرحوم الحاج أحمد باحنيني بنزاهته واستقامته وخدمة الصالح العام وحسن تدبير الشأن العام والمرفق العام، مما أكسبه وافر التقدير وجعله محفوفا بالثناء والإشادة إكبارا لسيرة حياته التي كرسها في سبيل عزة وطنه والإسهام في إعلاء رايته سواء في ملحمة الجهاد الأصغر من أجل تحرير الوطن من ربقة الاحتلال أو في ملحمة الجهاد الأكبر حيث واصل رسالته الوطنية بكل عزم واقتدار في مختلف المهام الجسام التي تفانى في القيام بها على أحسن الوجوه، وازعه دوما الإيمان بالله وشعاره حب الوطن والتضحية في سبيله والتفاني في التعلق بأهداب العرش العلوي المنيف. لبى داعي ربه في 10 يوليوز 1971 رحمه الله وجازاه الجزاء الأوفى عما قدم من جلائل الأعمال ذودا عن حمى الوطن وحياضه وإعلاء لرايته وصروحه. المرحوم محمد الغزاوي ازداد المرحوم محمد الغزاوي يوم 27 شتنبر 1909 بمدينة فاس في كنف عائلة عريقة. تابع دراسته بثانوية مولاي ادريس بفاس، فاستفاد من ربط علاقات وطيدة مع قدماء تلامذتها، أمثال المرحومين محمد الزغاري وأحمد الحمياني والدكتور الفاطمي الفاسي. كما استفاد من بعض شيوخ جامعة القرويين مثل شيخ الإسلام المرحوم محمد بن العربي العلوي. وقد عرف المرحوم محمد الغزاوي بشجاعته وغيرته الوطنية العميقة وكانت له ارتباطات وثيقة برجال الحركة الوطنية وعلى رأسهم المرحوم الزعيم علال الفاسي. كما كان معروفا بعلاقاته الوطيدة بالقصر الملكي بفاس. عمل المرحوم محمد الغزاوي على إنشاء جمعية رياضية تسمى «الرياضية» بفاس سنة 1940 وكانت تؤدي أدوارا وطنية مهمة أقلقت راحة بال المستعمر مما نجم عنه وضع محمد الغزاوي تحت المراقبة والحراسة من لدن السلطات الاستعمارية وحل هذه الجمعية سنة 1944 بعد اعتقال مؤسسها. وقد كانت مشاعره الوطنية تشده الى قادة الحركة الوطنية وعلى رأسهم الزعيم علال الفاسي. لذلك قرر الحزب الوطني المطالبة بالاستقلال وتم إعداد الوثيقة التاريخية، كان المرحوم محمد الغزاوي من الموقعين عليها. وقد اندهش الفرنسيون لتوقيعه فكان من جملة الذين ألقي عليهم القبض. اعتقل على إثر ذلك وقضى بسجن برج النور بفاس 136 ليلة بعد توقيعه على وثيقة المطالبة بالاستقلال. ثم نقل إلى السجن الفلاحي العادر بنواحي مدينة الجديدة. وقد نظم بداخله إضرابا كبيرا تضامنا مع رفاقه القادة الوطنيين المرحومين عبد الرحيم بوعبيد وقاسم الزهيري وكذا المجاهد أبي بكر القادري أطال الله عمره الذين كانوا هم أيضا معتقلين بالسجن الفلاحي العادر وأرغموا على ارتداء بذلة السجناء، واستمر الإضراب والاحتجاج حتى أذعنت إدارة السجن إلى العدول عن هذا الإجراء والسماح للمعتقلين الوطنيين بارتداء اللباس المدني العادي. وبعد الإفراج عن المرحوم محمد الغزاوي، قررت الإدارة الاستعمارية فرض الإقامة الإجبارية عليه بمدينة الجديدة نظرا لما أصبح يشكله من خطورة على الفرنسيين بسبب نشاطه الوطني المكثف وتحركه الدائم وتسديد الإصابات المقوضة للأهداف الاستعمارية مما كان له أبلغ الأثر في إرباك مخططات المستعمر. وقد سجل المرحوم محمد الغزاوي موقفا تاريخيا بمجلس شورى الحكومة في دورته المنعقدة في دجنبر 1950 حيث اصطدم بالمقيم العام الجنرال جوان منتقدا توجهات الميزانية بصفته مقرر ميزانية الأشغال العمومية. اتخذ المقيم العام قرارا بطرده من مجلس شورى الحكومة الذي كانت جلسته علنية، فتضامن معه أعضاء الحزب بالمجلس وطلبوا مقابلة جلالة المغفور له محمد الخامس فاستقبلهم يوم 13 دجنبر 1950وكان ذلك من أسباب الأزمة بين المقيم العام وجلالة المغفور له محمد الخامس التي أدت الى مؤامرة 20 غشت 1953. وإثر هذا الحادث قرر المرحوم محمد الغزاوي مغادرة البلاد. فسافر إلى فرنسا ثم الى الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث كان يساند بقوة ما كان يقوم به ممثلو حزب الاستقلال في كل من أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية. وكان يتواجد ضمن البعثة المغربية بنيويورك لطرح قضية المغرب أمام الجمعية العامة لهيئة الأممالمتحدة في دورتها لسنة 1952. وبعد حصول المغرب على استقلاله، عاد المرحوم محمد الغزاوي الى أرض الوطن ليساهم في بناء المغرب المستقل. فتم تعيينه على رأس الإدارة العامة للأمن الوطني. وفي يوليوز 1960، عين مديرا عاما للمكتب الشريف للفوسفاط، ثم وزيرا للتجارة والصناعة، وعين بعد ذلك سفيرا للمغرب في لندن ثم سفيرا بباريس، قبل أن يعود لممارسة أنشطته التجارية والاقتصادية. توفي رحمه الله بالرباط يوم 2 فبراير 1998 ودفن بمقبرة القباب بباب الفتوح بفاس تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته. المرحوم محمد البقالي ولد المرحوم محمد البقالي سنة 1915 بمدينة سلا وبها تلقى تعليمه الأولي حضر حلقات الدروس التي كان يلقيها كبار العلماء بالرباطوسلا من أمثال المرحومين الشيخ أبي شعيب الدكالي وشيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي وعبد الرحمان حجي والشريف القادري وأحمد بن عبد النبي. في سنة 1932، بدأ مزاولة التعليم الحر بمدرسة النهضة بسلا، وانضم إلى صفوف الحركة الوطنية وخلاياها، فكان عضوا في الطائفة وفي الحزب الوطني. وعند تأسيس فرع النهضة بالزاوية القادرية سنة 1933، أصبح يدرس بها. وقام بنصيب وفير في تأسيس جمعية المحافظة على القرآن الكريم. مارس مهنة الصحافة مع المرحوم سعيد حجي. وكان ينشر عدة مقالات في جريدة المغرب التي كانت تصدر بسلا. وفي سنة 1936، شارك في مظاهرات سلا المؤيدة للمطالب المستعجلة، فألقي عليه القبض وحكم عليه بثلاثة أشهر سجنا قضاها بسجن لعلو. وفي سنة 1937، شارك في المظاهرات احتجاجا على نفي المرحوم الزعيم علال الفاسي، فقبض عليه إثرها وحكم عليه بشهر سجنا قضاه بسجن لعلو. وكان من المؤسسين للتعليم الحر بسلا صحبة أبي بكر القادري والحاج أحمد معنينو، وأصبح سنة 1944 مديرا لمدرسة باب لعلو التي سبق أن درس بها في بداية مشواره المهني. وقع على وثيقة المطالبة بالاستقلال. وإثر مشاركته في مظاهرة سلا التاريخية في 29 يناير 1944، حكم عليه بعامين قضاهما بسجن لعلو وبالسجن الفلاحي العادر فسجن اغبيلة بالدارالبيضاء. وفي سنة 1952، كان ضمن الجماعة الوطنية التي نفيت الى تافيلالت، فقضى ثلاث سنوات في منافي اغبالو نكردوس والطاوس وارفود. وبعد الاستقلال تولى عدة مهام ومسؤوليات منها التحاقه سنة 1957 بديوان وزير التربية الوطنية المرحوم محمد الفاسي كمكلف بكتابته الخاصة. ثم التحق سنة 1965 بثانوية النجد بسلا مكلفا بأمور إدارية والتحق سنة 1968 بديوان وزير الدولة في الثقافة والتعليم الأصيل، عمل بعد ذلك في مركز التنسيق بين اللجان الوطنية العربية للإسيسكو «الرباط». أحيل على التقاعد سنة 1975. شارك في المسيرة الخضراء المظفرة في 6 نونبر 1975 وبعدها انتقل إلى عفو الله ودفن بمقبرة الشهداء بالرباط. المرحوم عبد الرحيم بوعبيد إزداد المرحوم عبد الرحيم بوعبيد في 23 مارس 1920 بسلا وبها تلقى تعليمه الابتدائي ليواصل بعده تعليمه الثانوي بثانوية كورو بالرباط. انخرط في سلك التعليم الابتدائي كمعلم. انضم الى صفوف الحزب الوطني وناضل بالتزام وانضباط وبرز كمسير وناشط حزبي ثم مسؤول بقيادة الحزب. وفي سنة 1942 اصبح عضوا بالطائفة وهي منظمة سرية للحزب الوطني. وقد كان أعضاؤها بالرباطوسلا المرحومين محمد اليزيدي والحاج عمر بنعبد الجليل والمهدي بن بركة ومحمد غازي والهاشمي الفيلالي وأبي بكر القادري. اعتقل بعد توقيعه وثيقة المطالبة بالاستقلال وقضى 18 شهرا في الاعتقال بكل من سجن سلا والسجن الفلاحي العادر والسجن المدني اغبيلة بالدارالبيضاء. بعد ذلك توجه الى فرنسا لمتابعة دراسته العليا بها وعاد في أواخر سنة 1949 لإصدار جريدة «الاستقلال » لسان حال حزب الاستقلال بالفرنسية وكان مديرا لها. أسهم في تنظيم الحركة النقابية بالمغرب. غير أن الإدارة الاستعمارية أصدرت قرارا بمنعه من التنقل في المغرب للحيلولة دون تأسيس وتنظيم العمل النقابي وبالأخص في مدن الدارالبيضاء واسفي وفاس ومكناس والرباط التي كان ينتقل اليها بشكل سري. بعد الأحداث الدامية التي وقعت في الدارالبيضاء سنة 1952، نفي إلى «تنالت اداي» بسوس ثم نقل الى سجن الدارالبيضاء حيث أحيل على المحكمة العسكرية مع بقية أعضاء الحزب بتهمة المس بسلامة الدولة . والجدير بالذكر ان المرحوم عبدالرحيم بوعبيد هو من اتخذ مبادرة القيام بإضراب عام بالمغرب تضامنا مع الطبقة العاملة في تونس على إثر اغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد في 5 دجنبر 1952. بعد خروجه من سجن القنيطرة المركزي، كلفه الحزب بمهمة في فرنسا للاتصال بالرأي العام الفرنسي والدولي وشارك الى جانب المرحومين المهدي بن بركة ومحمد اليزيدي والحاج عمر بن عبد الجليل في مباحثات إيكس ليبان في غشت 1955. عين وزيرا للدولة في الحكومة الائتلافية المكلفة بالتفاوض مع فرنسا واسبانيا بشأن الاعتراف باستقلال المغرب وبعد انتهاء المفاوضات عين سفيرا بفرنسا. بعد اختطاف طائرة أحمد بن بلة والزعماء الجزائريين احتج المغرب على فرنسا بأن سحب سفيره من باريس فعاد عبد الرحيم بوعبيد الى المغرب ليتولى مهمة وزارة الاقتصاد الوطني والمالية في حكومة امبارك البكاي الثانية في أكتوبر 1956 وحكومة عبد الله ابراهيم في دجنبر 1958 الى ماي 1960. بعد إقالة حكومة عبد الله ابراهيم، أصبح المرحوم عبد الرحيم بوعبيد من ابرز زعماء المعارضة ومن كبار المحامين الذين رافعوا في المحاكمات السياسية التي جرت في الستينات والسبعينات. وفي 17 ماي 1963 انتخبته مدينة القنيطر ة نائبا عنها بالبرلمان. ومن موقع المعارضة، تولى عدة مهام رسمية للتعريف بقضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية في الخارج. وفي يناير 1975 انتخبه المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كاتبا أول. ثم اعتقل المرحوم عبد الرحيم بوعبيد مع عضوي المكتب السياسي محمد اليازغي ومحمد الحبابي على إثر البلاغ الذي أصدره المكتب السياسي برفض فكرة الاستفتاء في الأقاليم الجنوبية المسترجعة ونقل الثلاثة الى ميسور قبل الإفراج عنهم في فبراير 1982. في شتنبر 1984، انتخب نائبا برلمانيا بالمحمدية. لبى داعي ربه والتحق بالرفيق الأعلى يوم 8 يناير 1992 المرحوم محمد الفاسي ازداد المرحوم محمد الفاسي بمدينة فاس سنة 1908، نشأ يتيما في حضن عمه المرحوم المهدي الفاسي، والد المرحومة مالكة الفاسية التي تزوج بها سنة 1935، التحق المرحوم محمد الفاسي بالكتاب القرآني مثل أقرانه، ثم انتقل الى مدرسة أبناء الأعيان الابتدائية، ثم المدرسة الادريسية الثانوية، وأكمل دراسته العليا بباريس حيث حصل فيها أولا على البكالوريا الفرنسية، وهو أول طالب مغربي نال شهادة الباكالوريا من فرنسا، ثم حصل على شهادة الإجازة في الآداب سنة 1932 وعلى دبلوم مدرسة اللغات الشرقية، وفي سنة 1934، حصل على دبلوم الدراسات العليا، ثم الدكتوراه من جامعة السوربون، وأثناء وجوده بفرنسا أيام الدراسة من سنة 1927 الى سنة 1934. ساهم في تحرير مجلة «المغرب» الفرنسية التي كان يشرف عليها المرحوم احمد بلافريج والمحامي الفرنسي «بيرجانلوكي» والتي كانت اللسان المعبر عن صوت الحركة الوطنية، ثم نشر مع جماعة من رفاقه الوطنيين كتابا بعنوان «عاصفة على المغرب» تحت اسم مستعار «مسلم بربري» لدى صدور ماسمي بالظهير البريري حيث شرح فيها أبعاده ومقاصده. في فرنسا تعرف المرحوم محمد الفاسي على الأمير شكيب أرسلان وربطتهما صداقة حميمة، وعند زيارة الأمير شكيب أرسلان لمدينة تطوان سنة 1930، أقيم له حفل تكريم حضره ممثلا لمدينة فاس الأستاذ محمد الفاسي، وقد كان لهذه العلاقة الأثر البالغ في بلورة الحركة الوطنية الى حركة سياسية وطنية. بعد أن عاد المرحوم محمد الفاسي من باريس. أصبح عضوا في الجماعتين السريتين لكتلة العمل الوطني، «الزاوية» و «الطائفة» واشتغل بالتدريس بالسلك الثانوي ثم بالتعليم العالي، وأسندت إليه إضافة الى ذلك مسؤولية قسم المخطوطات العربية بالخزانة العامة. وعلى إثر توقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال اعتقل المرحوم محمد الفاسي فقضى فترة اعتقال في سجن برج النور بفاس وقضى مدة أطول منها بالسجن الفلاحي العادر قرب مدينة الجديدة، قبل أن يطلق سراحه سنة 1946 لتفرض عليه الإقامة الإجبارية في الرباط. وبقي منصبه شاغرا بجامعة القرويين الى أن أعاده اليه جلالة المغفور له محمد الخامس سنة 1946. وقد اختاره ضمن أساتذة المعهد المولوي الذين رافقوه على متن القطار في رحلته التاريخية لمدينة طنجة يوم 9 ابريل 1947. وفي سنة 1951، أبعدته السلطات الاستعمارية عن جامعة القرويين ليعود الى الرباط ولكنه لم يتوقف عن نشاطه السياسي فواصل اتصالاته مع جلالة المغفور له محمد الخامس ومع ولي العهد الأمير مولاي الحسن وكذا مع رفاقه في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال بحيث كان بيته بحي حسان مركز الالتقاء والاتصال ومقرا للعمل النضالي، كما كان يدخل الى القصر الملكي متنكرا بلباس امرأة، ولما كانت السلطات الاستعمارية تتربص به وتلاحقه باستمرار، تمكنت من إلقاء القبض عليه اثر اغتيال الزعيم النقابي التونسي والمغاربي فرحات حشاد في دجنبر 1952، وتم ايداعه سجن أنيف بإقليم الرشيدية، ثم نقل إلى معتقل اغبالونكردوس. وبهذا المعتقل كان المرحوم محمد الفاسي يمثل التحدي لسلطات الاحتلال بكونه كان يثبت على صدره صورة مصغرة لمحمد الخامس، وظل يحملها دون أن يعبأ بأوامر سجانيه. وبعد إطلاق سراحه سنة 1954، استأنف عمله الوطني. وفي شهر غشت 1955، بادر المرحوم محمد الفاسي رفقة المرحوم محمد اليزيدي للاتصال بالزعيمين البطلين محمد بن عبد الكريم الخطابي وعلال الفاسي، يرحمهما الله لتنسيق المواقف أثناء المفاوضات الجارية مع فرنسا حول عودة جلالة المغفور له محمد الخامس واستقلال المغرب، وكان المرحوم محمد الفاسي في مقدمة مستقبلي جلالة المغفور له محمد الخامس واستقلال المغرب. وكان المرحوم محمد الفاسي في مقدمة مستقبلي جلالة المغفور له محمد الخامس مع القيادة الاستقلالية حين وصوله إلى مدينة نيس بفرنسا في أكتوبر 1955، قادما إليها من منفاه بجزيرة مدغشقر. وكان يهتم بالأدب الأمازيغي وألف فيه، وكذلك وضع كتابا في النحو البربري وقاموسا يتعلق بوضع الكلمة البربرية وشرحها باللغة العربية أو الفرنسية، واهتم أيضا باللغات بصفة عامة، وخاصة لغات البلاد الإسلامية كالتركية والفارسية علاوة على اللغة العبرية. أسس جمعية الصداقة المغربية السوفياتية. وكان رئيسا لها. وقد عينه جلالته وزيرا مكلفا بالديوان الملكي سنة 1979 إلى أن انتقل إلى جوار ربه رحمه الله رحمة واسعة في دجنبر 1991. المرحوم أحمد الحمياني ختات ازداد المرحوم أحمد الحمياتي ختات يوم 14 دجنبر 1909 بفاس وبها تلقى دراسته الابتدائية والثانوية ثم واصل دراسته بجامعة القرويين والتحق بمعهد الدراسات العليا المغربية بالرباط بقسم الدراسات القانونية والإدارية. فتخرج منه بامتياز سنة 1931. يعتبر المرحوم احمد الحمياني ختات من الرعيل الأول للحركة الوطنية ومن رجالاتها الأشاوس الذين أبلوا البلاء الحسن في ساحة النضال الوطني الذي واكب مراحله وأطواره منذ فرض الحماية على المغرب. فلقد كان المرحوم أحمد الحمياني حاضرا وشاهد عيان على الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة فاس سنة 1912 وعمره آنذاك لا يتجاوز الثلاث سنوات. كانت هذه الأحداث ذات تأثير قوي في تجدر شعوره النضالي وحماسه الوطني وغيرته للدفاع عن مقدسات البلاد، وهو الذي ترعرع في أحضان أسرة مثقفة ومتشبعة بالأفكار الوطنية وبالقيم الإسلامية. شارك في أحداث سنة 1937 التي كانت قاسية على الوطنيين الذين قتل منهم الجنرال نوكيس عددا كبيرا ونفى وسجن منهم الكثير، بعدها مباشرة، قدم المرحوم أحمد الحمياني ختات استقالته من أسلاك الوظيفة العمومية ليلتحق بسلك المحاماة بفاس إلى أن كلف في سنة 1944 رفقة عدد من أفراد جمعية قدماء تلاميذ فاس بإعداد وتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال والتي كانت بحق تتويجا ملموسا لمعركة الاستقلال بمفهومها الصحيح. ونظرا لما كان له من باع كبير في الميدان القانوني والإداري، كلف الأستاذ أحمد الحمياني بتحرير الوثيقة مع الحاج أحمد باحنيني وذلك بمنزل المرحوم محمد الزغاري وبحضور المرحوم الحاج عمر بنعبد الجليل وتم إعداد نسختين من وثيقة المطالبة بالاستقلال باللغتين العربية والفرنسية. ثم نقل إلى السجن الفلاحي العادر بناحية الجديدة الذي مكث به إلى حدود سنة 1945. وفي نطاق الدعوة للمصالحة التي أطلقها المقيم العام الفرنسي آنذاك «كابريل بيو» بين السلطات الفرنسية والوطنيين وبإيعاز من هذا الأخير، تم الإفراج عنه مع مجموعة من الوطنيين. وبعد الاستقلال، تولى المرحوم أحمد الحمياني ختات عدة مسؤوليات، كما انتخب عضوا بالمجلس البلدي بفاس وأسندت إليه الحقيبة الحكومية لوزارة الداخلية، وتولى مهمة رئيس المجلس الأعلى للقضاء سنة 1957 ثم عين مديرا للديوان الملكي سنة 1959. وبعد إحالته على التقاعد، امتهن الفلاحة وظل ثابتا على المبدأ، حافظا للعهد إلى أن توفي رحمه الله يوم الأحد 18 دجنبر 2005 بمدينة فاس. كما حظي بشرف المثول بين يدي جلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم 11 يناير 2005 بمقر إقامة جلالته بورزازات بمناسبة تخليد الذكرى 61 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال بمعية رموز الحركة الوطنية من الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، حيث تم توشيحه بوسام العرش من درجة ضابط. المرحوم محمد الزغاري ولد المرحوم محمد الزغاري سنة 1902. وبعد حصوله على الشهادة الابتدائية، التحق بثانوية مولاي إدريس. انتخب رئيسا لأول جمعية أنشئت بالمغرب لقدماء تلاميذ ثانوية «مولاي إدريس» فوجهها توجيها وطنيا من خلال إحداث فرق تمثيلية شخصت روايات صلاح الدين الأيوبي وعدة روايات من تأليفه ورصد ريعها لفائدة الجمعية والمعوزين من تلاميذ المدارس. في أواخر سنة 1943، أشرف المرحوم محمد الزغاري بمعية صفوة مخلصة من رجالات الحركة الوطنية الأفذاذ على الصيغة النهائية لوثيقة المطالبة بالاستقلال بمنزله الذي كان مقرا للاجتماعات المتتالية والمنتظمة إبان فترة الإعداد لها. وفي سنة 1944، كلف المرحوم محمد الزغاري مع المرحومين الفقيه غازي والحاج عمر بن عبد الجليل ومجموعة من الوطنيين بمهمة تبليغ نسخة من الوثيقة المطلبية للإقامة العامة الفرنسية وقد سلموها فعلا للوزير المفوض في غياب المقيم العام الفرنسي. إثر ذلك، ألقت السلطات الفرنسية القبض عليه ليقضي سنتين بسجن برج الشمال بفاس والسجن الفلاحي العادر بالجديدة الذي مكث به سنة كاملة. وفي سنة 1941، اشتغل كعضو بالمجلس الأعلى لحزب الاستقلال وبلجنة التعليم وانتخب نائبا أولا لرئيس غرفة التجارة والصناعة. وبعد خروجه من السجن، ظل يناضل في صفوف الحزب كعضو بمجلسه الأعلى وبلجنة التعليم كما كان عضوا في مجلس الشورى كمنتخب في غرفة التجارة والصناعة بفاس. وعرف بانتقاداته الشجاعة للمشاريع الاستعمارية. وقد ترتب عن هذا السلوك وهذه المواقف النضالية حرمانه من مرافقة جلالة المغفور له محمد الخامس في رحلته الى فرنسا. تقلب المرحوم محمد الزغاري في عدة مناصب حكومية هامة بعد الاستقلال حيث عين نائبا لرئيس الحكومة سنة 1955 ثم وزيرا للدفاع ووزيرا مكلفا بالتنمية. وفي سنة 1957 عين سفيرا للمغرب في باريس. ثم عين في سنة 1958 مديرا للمكتب الشريف للفوسفاط ثم محافظا لبنك المغرب. وعاد مرة ثانية في سنة 1967 ليشغل منصب محافظ بنك المغرب حيث بقي يزاول مهامه الى أن التحق بالرفيق الأعلى في سنة 1969 بعدما كرس حياته لخدمة بلاده تغمده الله بواسع رحماته ومغفرته ورضوانه. المرحوم امحمد بن سودة ولد المرحوم امحمد بن سودة سنة 1912 بفاس. تابع دراسته بجامعة القرويين وبعدها بثانوية مولاي ادريس. انخرط في وقت مبكر من عمره في العمل الوطني وتم تكليفه من طرف حزب الاستقلال بقطاع التعليم والرياضة نظرا لحيوته ولباقته وشخصيته الفذة التي أكسبته محبة وتقدير الجميع. وكان بيته ملتقى العديد من الشباب المتحمس للعمل الوطني والمجند لخدمة القضايا الوطنية. حين تقدم الحزب بوثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 كان المرحوم امحمد بن سودة مؤهلا مع إخوانه بفاس للتوقيع عليها بتلقائية وحماس. وقام بدور فعال في تعبئة وتنشيط الجماهير خلال أحداث 29 و 30 يناير 1944 بعد اعتقال قادة الحزب بفاس. فزج به في السجن ونفي مع رفاقه المعتقلين الى أن أفرج عنهم سنة 1946. وفي سنة 1950 ، أسس مع رفاقه في العمل الوطني هيئة للإسعاف اهتمت بأوضاع عائلات المنكوبين وضحايا أحداث 1944. اعتقل المرحوم امحمد بن سودة في سنة 1952 وزج به في السجن بميسور. وبعد نفي جلالة المغفور له محمد الخامس، لعب دورا هاما في مؤازرة الوطنيين والمقاومين. وبعد استقلال المغرب، شغل عدة مناصب منها مندوبا للشبيبة والرياضة بالدارالبيضاء، ثم مفتشا لمخيمات الشباب في المغرب كما أشرف على تنظيم الألعاب العربية الأولى بالدارالبيضاء قبل أن يرقى مفتشا عاما لقطاع الشبيبة والرياضة. توفي رحمه الله يوم 23 غشت 1970 إثر نوبة قلبية بمحطة القطار على الحدود التشيكية النمساوية، فنقل جثمانه الى الدارالبيضاء حيث ووري الثرى رحمة الله عليه.