سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوطنيون يحولون المعتقلات إلى فضاءات لنشر الوعي الوطني والنضال السياسي أعلام الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير من قدماء المعتقلين بالسجن الفلاحي العادر
لقد شكلت السجون والمعتقلات والمنافي خلال فترة الحماية أسلوبا من الأساليب القمعية التي سلكها المستعمر وأداة من أدوات الردع والتعذيب والتنكيل بالمواطنين العزل. إلا أنها كانت بالنسبة للوطنيين والمقاومين والسجناء فضاءات لنشر الوعي الوطني وتعميق الحس الوطني والوازع الديني والتمرس على المكابدة والتحمل مثلما كانت ساحات للنضال السياسي والتواصل الروحي بالفكر والقلم. وليس من المبالغة في شيء القول إن الدور التنشيطي لهذه المعتقلات في تلك الفترة الحرجة من تاريخ المغرب قد تعدى المجال الداخلي والمحلي إلى المحيط والفضاء الخارجي من خلال وسائط ومعطيات متنوعة ابتكرتها إبداعات الوطنيين لإشاعة الوعي الوطني وتقوية إشعاعه وتحولت السجون ومراكز الاعتقال ومنها السجن الفلاحي العادر بالجديدة إلى مدارس لإذكاء الروح الوطنية ورفع التحدي وصقل الوجدان الوطني والحض على المقاومة والنضال. ومن الجديدر بالذكر أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير خصصت حيزا هاما من اهتماماتها للبحث والتنقيب وسبر أغوار أوضاع الوطنيين وقدماء المقاومين وإقامتهم بسجون الحقبة الاستعمارية ومن ذلك إقامة مهرجان خطابي بالسجن الفلاحي العادر في غشت 2002 بالجديدة وتنظيم ندوة «الوطنيون والنشاط الوطني في السجون والمعتقلات خلال فترة الكفاح من أجل الاستقلال «بتعاون مع الإدارة العامة للسجون في يناير 2004 بمراكش وندوة «جوانب من حياة الوطنيين والنشاط الوطني» في 14 يناير 2005 بسجن علي مومن بسطات، فضلا عن إقامة مراسم التكريم للوطنيين من قدماء معتقلي اغبالونكردوس، أحياء ومتوفين وذلك بمكان هذا المعتقل التاريخي. فحق علينا بمناسبة تخليد الذكرى 56 لملحمة ثورة الملك والشعب أن نولي التفاتة جديدة الى صفوة من الوطنيين وقدماء المقاومين الذين قضوا فترة الاعتقال بالسجن الفلاحي العادر إبان فترة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال. وفي هذه الالتفاتة التكريمية تعريف بهم وبأعمالهم الجليلة وتضحياتهم الجسام في حقل الوطنية والمقاومة والتنويه بالخدمات الجلى التي أدوها في معترك الوطنية وفي ساحة النضال والشرف لتستلهم منها الأجيال الجديدة والناشئة معاني وقيم الوطنية والتضحية والمواقف البطولية التي تحلى بها الرعيل الأول وجيل الماهدين للعمل الوطني ورواد وأعلام الحركة الوطنية والمقاومة والتحرير. وفي هذا التواصل الروحي والتاريخي مع أمجاد وأعلام الكفاح الوطني أجمل تكريم وأجل وفاء وبرور بتاريخنا الوطني وبصناعة الأماجد من أمثال صفوة الوطنيين من قدماء معتقلي السجن الفلاحي العادر الذين نستحضر أسماء بعضهم وعناوين أعمالهم ومكرماتهم. المرحوم عبد اللّه بن محمد بن الحاج الجيلالي النعامي تنحدر عائلته من أحد أولاد فرج، ازداد سنة 1922 بمدينة الجديدة كبر وترعرع بدرب النخلة، تلقى تعليمه الأولي بالكتاتيب القرآنية، اشتغل في البداية بالفلاحة، ثم بمكتبة كان يمتلكها بسوق علال القاسمي. انخرط هذا المناضل مبكرا في التنظيم المحلي لحزب الاستقلال، وترأس خلية من خلايا فرع حزب الاستقلال بالجديدة، لعب إلى جانب بعض المناضلين دور صلة الوصل بين قيادة فرع الحزب ورؤساء الخلايا. كما كان يقوم بكتابة المناشير التحريضية واستنساخها وتوزيعها بين صفوف المناضلين بالجديدة وناحية أحد أولاد فرج، وينظم اجتماعات الخلية بحسب الملابسات والظروف، ينقل خلالها تعليمات الحزب ومستجدات الساحتين الوطنية والمحلية. لما أعلن عن انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945 بانتصار الحلفاء، قرر حزب الاستقلال تنظيم مظاهرات في سائر مدن المملكة، وكانت الجديدة في مقدمة المدن التي قامت بتنظيم مظاهرة أملا في أن يتحقق للمغرب استقلاله. فخرج السكان في صفوف يتقدمهم رواد الحركة الوطنية والمحلية منهم المرحومون قاسم العمراني وعبد الواحد القادري وأحمد السرغيني وعبد اللّه النعامي ومعهم إدريس لمسفر أطال اللّه عمره. وكان الهدف هو إذكاء الحماس الشعبي لدى المواطنين والحث على مواصلة الكفاح ضد المخططات الاستعمارية الرامية إلى طمس الهوية المغربية. وساهم المناضل المرحوم عبد اللّه النعامي مع رفاقه في النضال في إنشاء المدارس الحرة بمدينة الجديدة وتقديم المساعدات الضرورية لإخراج مشروع هذه المدارس إلى حيز الوجود بهدف المحافظة على الهوية العربية والإسلامية للأجيال الصاعدة. ولما قرر جلالة المغفور له محمد الخامس في أبريل 1947 زيارة طنجة، أدركت سلطات الاستعمار خطورة هذه الزيارة، فاختلقت مكيدة من أجل دفع السلطان إلى العدول عن هذه الزيارة فأعطى بونيفاص للجنود السينغاليين بالدارالبيضاء الأمر للقيام بمذبحة ضد المدنيين، ومع ذلك أصر على زيارة مدينة طنجة. وفي غمار هذه الأحداث الصعبة، قام المناضلون بالجديدة بحملات بين صفوف المواطنين ترمي إلى إذكاء الحماس الوطني تنديدا بهذه الجريمة النكراء فقامت سلطات الحماية باعتقال الوطنيين، ومن بينهم الوطني المرحوم عبد اللّه النعامي عند خروجه من مسجد حمو بلعباس ببوشريط بتهمة قراءة مناشير تحريضية بالمساجد، وحوكم بشهرين حبسا نافدا، ذاق خلالها شتى أنواع التعذيب والترهيب بسجن الجديدة وبالسجن الفلاحي العادر. بعد الاستقلال، عين المرحوم عبد اللّه النعامي خليفة لقائد أولاد فرج وواصل عمله الوطني في تفان وتواضع، همه وهاجسه خدمة وطنه والدفاع عن مقدساته إلى أن وافاه الأجل المحتوم سنة 1963. المرحوم إبراهيم الهلالي ينحدر المقاوم المرحوم إبراهيم الهلالي من مدينة سيدي بنور، انضم مبكرا إلى صفوف المقاومة السرية بمدينة الدارالبيضاء وقدم ضمنها عدة أعمال فدائية في سبيل تحرير البلاد. تعرض المرحوم لعدة اعتقالات منذ سنة 1946، وفي 20 يوليوز 1953 أودع بالسجن الفلاحي العادر صحبة العديد من رفقائه حيث قضى سنة كاملة بتهمة حيازة السلاح والمس بالأمن العام. وبعد حصول المغرب على الاستقلال، تقلد المرحوم عدة مسؤوليات بأسلاك وزارة العدل حيث كان مديرا للسجن المركزي بالقنيطرة فمديرا للسجن الفلاحي العادر ونائب المدير العام لإدارة السجون وظل يؤدي واجبه الإداري والوطني على الوجه المطلوب إلى حين حصوله على التقاعد. وكان قيد حياته رمزا للوفاء والإخلاص لدينه ووطنه وملكه كما كان يتمتع بمكارم الأخلاق والنبل والشهامة ومثالا يحتذى في التفاني في الدفاع عن قضايا أسرة المقاومة وجيش التحرير ومنارة يهتدى بها في الوطنية الحقة من الواجب على الناشئة والأجيال الصاعدة الإقتداء به وبأمثاله من الوطنيين والمقاومين الغيورين. المرحوم محمد بن عبد السلام الجوهري يعتبر المرحوم محمد بن عبد السلام الجوهري من الرجال الأشاوس الذين اشتهروا بإيمانهم القوي وتضحياتهم الجسام وجهادهم الصادق ومن الوطنيين الأبطال الغيورين والمقاومين الأبرار الذين ضحوا في سبيل وطنهم والمتفانين في حب ملكهم والدفاع عن مقدساتهم الدينية والوطنية، وهو أحد المناضلين الذين قاوموا جبروت المستعمر الغاشم، ومن الأوائل الذين أسسوا للمقاومة السرية بمدينة الرباط، وأحد أعضاء الخلية الذين زرعوا الرعب في نفوس المعمرين من خلال تنفيذ عمليات فدائية جريئة شملت القيام بعدة اغتيالات ونشر الوعي الوطني بين صفوف المواطنين. كان ضمن المقاومين الذين صدر في حقهم حكم بالإعدام عقب اعتقاله وممارسة كل أشكال التعذيب والتنكيل عليه، فقضى مدة سنتين بالسجن الفلاحي العادر بإقليم الجديدة. وغداة حصول المغرب على الحرية والاستقلال التحق بأسلاك الوظيفة العمومية فعمل كموظف بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير حيث حظي بالاحترام والتقدير على روح تفانيه في خدمة هذه الفئة المكافحة التي ينتمي إليها إلى حين إحالته على التقاعد. كما ظل رحمه الله وفيا للقيم والمبادئ الأخلاقية والروح والوطنية التي ميزت باستمرار الشعب المغربي على مر العصور والأزمان والتي ستظل شعلة وهاجة يستنير بنورها أبناء هذا الوطن جيلا بعد جيل يستلهمون منها قوتهم للسير في طريق البناء والتشييد وتحقيق المكتسبات وبلوغ الأهداف النبيلة والمقاصد الشريفة وأعلى مدارج الوطنية الحقة. وحظي بالإنعام المولوي السامي عليه بوسام المكافأة الوطنية من درجة قائد. المرحوم الحسين بن الحسين المجاهد يعد المرحوم الحسين بن الحسين المجاهد من الوطنيين الأفذاذ الذين خاضوا نضالا وطنيا ضد المستعمر الغاشم، تدرج في مساره النضالي وعمله الوطني من خلال الانخراط في خلايا الحركة الوطنية حتى أصبح من خيرة أطرها الأبطال يوجه ويعبئ الشباب بالحماس الوطني للدفاع عن دينهم ووطنهم وملكهم. اشتهر رحمه الله بنشاطه في ميدان المقاومة والتحرير والمواطنة في عمله النضالي، فأهله التزامه الوطني لتحمل المسؤولية بإحدى الخلايا بمدينة الرباط إضافة إلى خلايا أخرى بأحواز مدينة الرباط التي يرجع إليه الفضل في تنفيذ عدة عمليات ضد المستعمر وأذنابه. ونتيجة لنشاطه النضالي تعرض للاعتقال عدة مرات ومورست عليه خلال هذا الاعتقال كل أشكال التعذيب وألوان التنكيل ثم قدم بعد ذلك للمحاكمة فصدر في حقه حكم الإعدام. قضى عقوبة حبسية مدتها 30 شهرا أمضاها بين سجون القنيطرةوالدارالبيضاء والسجن الفلاحي العادر بالجديدة. وكان خلال عمله في خلايا الحركة الوطنية بالرباط قدوة في الوطنية ومثالا في أداء الواجب الوطني والدفاع عن حوزة البلاد ورمز سيادتها ووحدتها جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في المنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراهما. المرحوم مصطفى بن التهامي اجديرة يعتبر المرحوم مصطفى اجديرة من الوطنيين المغاوير الذين أذاقوا الاحتلال مر المقاومة والنضال. انخرط في العمل الوطني في سن مبكرة، تميز خلالها بالحماس والبطولة والشجاعة والغيرة على دينه ووطنه وملكه. ظل رحمه الله يجاهد ويكافح بروح وطنية عالية فكان قدوة صالحة في المقاومة والكفاح متسلحا بإرادة قوية وإيمان راسخ. ومن تجليات إرادته الصلبة ويقينه القوي بشرعية الدفاع عن وطنه وملكه شراؤه السلاح حيث كان يقوم بخزنه ويمد به أفراد الخلية التي ينتسب إليها بمدينة الرباط. و إلى جانب ذلك شارك في بعض العمليات الفدائية . وبسبب نشاطه الفدائي الفعال تعرض للاعتقال سنة 1954 بالرباط ومورست في حقه كل أشكال التعذيب. لكن مع ذلك ظل صامدا في وجه الاستعمار متسلحا بإيمانه ومتمسكا بشرعية الكفاح وملتزما بمبادئ الوطنية ومصرا على القيام بالواجب الوطني. قضى مدة حبسية بالسجن بالقنيطرة ثم بعدها بالسجن الفلاحي العادر بإقليم الجديدة وبقي ثابتا متحليا بالروح الوطنية الى أن صدر في حقه عفو ملكي بالإفراج عنه. المقاوم عباس المرابط الأزموري هو عباس بن الحاج المدني بن عبد السلام بن بوشعيب الأزموري، من مواليد مدينة أزمور يوم 25 نونبر 1935، نشأ في أحضان الحركة الوطنية، في وسط متشبع بالفكر الإصلاحي ومتأثر بالرواد الأوائل للحركة السلفية والنضال الوطني أمثال الفقيه محمد الرافعي وشيخ الإسلام أبي شعيب الدكالي. بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، التحق بمدارس محمد الخامس الحرة بالرباط التي كانت تشكل فضاء علميا وتربويا ومؤسسة لتكوين نخبة من الطلبة المتشبعين بالروح الوطنية الأصيلة والفكر الإنساني المتنور والمنفتح على قيم الحرية والعزة والكرامة. وكان عباس المرابط الأزموري من المؤسسين للتنظيم السري الذي ما فتئ أن اتسعت قواعده بعد انضمام فئات من أحياء عديدة بمدينة الرباط وشارك مشاركة فعالة في العمليات التأطيرية والتعبوية وتنظيم اجتماعات سرية لأفراد الخلية بجامع السنة أو منزل مصطفى اكديرة. وجعلت أجهزة الشرطة الفرنسية تضع اليد على المنظمة السرية التي ينتمي اليها المناضل عباس المرابط فقامت بحملة من الاعتقالات في صفوف أعضائها منتصف شهر مارس من سنة 1953. وفي منتصف شهر أبريل من سنة 1954، صدر حكم بالإعدام على كل من عباس المرابط الأزموري واحمد بنقليلو وعمرو العطاوي ومحمد الجوهري والمكي برتيلة ومصطفى اكديرة والحسين الزعري وعبد الرحمان الشرقاوي وحمو الوزكيتي، وهي المجموعة التي رفضت تقديم طلب العفو من دمية الاستعمار ابن عرفة، وعدم القبول بأي إغراء أو تفاوض شرطهم الوحيد هو عودة الملك الشرعي للبلاد. وفي يوم 10 دجنبر 1955، أطلق سراحهم بعفو ملكي لجلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه. وغداة الاستقلال، ظل الوطني عباس المرابط راسخا على المبدأ وثابتا على خياره النضالي فانخرط في غمار الجهاد الأكبر لبناء صروح الوطن المستقل فعين في ماي 1956 مديرا للسجن الفلاحي العادر، وبعد حصوله على دبلوم المدرسة الإدارية، تدرج بأسلاك وزارة الداخلية، فعين قائدا بسيدي بنور وأزمو وأكادير والرباط. انخرط في سلك المحاماة، بعد حصوله على إجازة من كلية الحقوق بالرباط سنة 1956، لينتخب نقيبا لهيئة المحامين بالجديدة، كما عين عضوا بمنظمة العفو الدولية والاتحاد الدولي للمحامين. وحظي بالإنعام المولوي السامي عليه بوسام المكافأة الوطنية من درجة قائد. الوطني عبد الرحمان بنعلو هو عبدالرحمان بن الجيلالي بن علي ازداد سنة 1929 بالجديدة، أهله تعليمه الأولي وحفظه لجزء من القرآن الكريم للالتحاق بالمدرسة الإسلامية المهنية ليحصل منها على الشهادة الابتدائية وشهادة مهنة الخراطة، مما خول له الاشتغال بمصلحة الأشغال العمومية بالجديدة سنة 1945، عايش البدايات الأولى للتنظيم الوطني، وانخرط في النضال الوطني بالجديدة على يد المؤسسين الأوائل للعمل الوطني، وفي مقدمتهم: عبد الرحمان المسفر، عبد السلام السراج، الطالب بنجلون، العربي رمزي الزموري، قاسم العراقي وعبد الواحد التازي. ولعبت خلية المرحوم عبد الرحمان بنعلو دورا هاما في التعبئة الجماهيرية للإضراب العام الذي دعا اليه فرع حزب الاستقلال، فكانت التعليمات التي أعطيت للمرحوم عبد الرحمان بنعلو وباقي رؤساء الخلايا هي: إغلاق جميع المحلات التجارية يوم الاثنين 8 دجنبر 1952 وإعلانه يوم إضراب عن العمل لكل المأجورين وتعبئة الجماهير وإشاعة تعليمات حزب الاستقلال في صفوفهم. وأمام نجاح هذا الإضراب، شنت الإدارة الفرنسية حملة اعتقالات في صفوف الوطنيين، فتم اعتقال الوطني المرحوم عبد الرحمان بنعلو من طرف الشرطة الفرنسية بمقر عمله بمصلحة الأشغال العمومية في الساعة التاسعة صباحا من يوم فاتح يناير، وبعد جلسات استنطاق وتعذيب زج به في سجن بالحمدونية بالحي البرتغالي في ظروف قاسية، قبل أن يحاكم بتهمة إنشاء تنظيمات غير شرعية والمشاركة في اجتماعات غير مرخص لها والإخلال بالأمن العام، وتمت إدانته من طرف باشا مزغان بتاريخ 7 فبراير 1953 بتسعة أشهر حبسا نافذة، قضى منها خمسة أشهر بالسجن الفلاحي العادر ثم نقل إلى سجن اغبيلة بالدارالبيضاء حيث قضى 15 يوما، وبعد ذلك تم نقله الى سجن لعلو بالرباط، حيث قضى بقية العقوبة الحبسية، وبعد خروجه من السجن، واصل عبد الرحمان بنعلو خطه النضالي الى جانب رفاقه في العمل الوطني حتى عودة جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه معلنا بزوغ فجر الحرية والاستقلال. وبعد الاستقلال استأنف المناضل المرحوم عبد الرحمان بنعلو عمله كمسؤول بمصلحة الأشغال العمومية بالجديدة وبقي صادقا في وطنيته وعمله الى أن أحيل على التقاعد سنة 1992. المقاوم المكي بن محمد عبدلاوي التحق المقاوم المكي بن محمد عبدلاوي بالعمل الوطني مبكرا، فخاض وهو في ريعان شبابه غمار المواجهة والتصدي لقوات الاستعمار الغاشم. عمل في حقل المقاومة والنضال رفقة ثلة من رفاقه فكان خلال تلك الفترة من المناضلين الأبطال الذين امتازوا بنشاطهم الوطني وحماسهم للدفاع عن القضية الوطنية. تميز خلال مساره الوطني بسمو الأخلاق وصدق الالتزام والوفاء لشعار المغرب الخالد: الله، الوطن، الملك. ومن سجاياه الرفيعة اتصافه بالوطنية الصادقة التي كان لايبغي عنها بديلا، والشجاعة النادرة التي كان من تجلياتها العظيمة عدم تراجعه عن إنجاز المهام التي توكل اليه في التصدي للمستعمر الغاشم ، إذ شارك في عدة عمليات فدائية ونفذ عدة اغتيالات. تعرض للاعتقال وصدر في حقه حكم بالإعدام سنة 1954، وظل ينتظر تنفيذ هذا الحكم بسجن العادر إلى أن من الله عليه بالافراج سنة 1955. وبعد نيل الاستقلال التحق المجاهد بسلك الشرطة حيث تميز بالصدق والأمانة وحظي باحترام وتقدير من رفاقه الى أن أحيل على التقاعد. الوطني حسن هيكل ازداد حسن بن عبد القادر هيكل سنة 1923 بمدينة أسفي، لما بلغ سن السابعة، رحل مع والدته عائشة بنت الجلالي الى مدينة الجديدة حيث تلقى تعليمه الأولي وحفظ القرآن الكريم بمسجد درب البركاوي، وامتهن التجارة في سن مبكرة. بحلول شهر يناير 1944 وبمناسبة تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال من طرف أقطاب الحركة الوطنية بتنسيق مع جلالة المغفور له محمد الخامس وكباقي شباب مدينة الجديدة المتشبع بالمبادئ الوطنية الصادقة، شارك حسن هيكل في تعبئة ساكنة مدينة الجديدة من أجل جمع التوقيعات المحلية المساندة لعريضة المطالبة بالاستقلال. ومن أجل النهوض باستراتيجية حزب الاستقلال في المجال الثقافي والإشعاعي والتوعوي، قرر مكتب فرع حزب الاستقلال بالجديدة الذي يترأسه المناضل قاسم العراقي اقتناء مكتبة النجاح المتواجدة بزنقة ابن تاشفين واحتضانها لتشكل مركزا هاما وقطبا متميزا بإشاعة الوعي الوطني لدا النشائة والشباب. وعهد للسيد حسن هيكل والمرحوم محمد بن ادريس مهمة تسيير والإشراف على أنشطتها، فارتبط اسم حسن هيكل بهذه المكتبة حتى أصبح معروفا لدى ساكنة المدينة باسم حسن نجاح. وكان حسن هيكل يقوم بتأمين وإخفاء المناشير التي تحث على التظاهر والاحتجاج والتنديد بالسياسة الاستعمارية، فكانت مكتبة النجاح مركزا مهما لتوزيع المناشير وقبلة للوطنيين الذين يغدون اليها في جميع أنحاء منطقة دكالة للحصول على هذه المناشير وتوزيعها بتنسيق محكم وعلى أوسع نطاق، واستمر حسن هيكل في أداء عمله الوطني الى أن قامت الشرطة الفرنسية يوم 21 يناير 1953 بعملية تفتيشية مباغتة لمكتبة النجاح لتضع يدها أثناء التفتيش على بعض المناشير المخبأة إذ حصل ان هذه المناشير لم تسلم بعد لبعض المناضلين المكلفين بتوزيعها بمنطقتي سيدي بنور وأولاد فرج، ليتم إلقاء القبض على حسن هيكل في الساعة الثانية عشر زوالا بتهمة بيع جرائد ممنوعة وتوزيع المناشير الصادرة عن حزب الاستقلال، وذلك رفقة المناضل محمد بن ادريس الذي كان يدرس بمدرسة التهذيب الحرة فأحضر الى المكتبة بالتهمة ذاتها، وأعطيت الأوامر باغلاق المكتبة وتم اقتيادهما الى مركز الشرطة حيث تم التحقيق معهما خلال جلسات استنطاق متعددة قبل أن ينقلا الى سجن الصوار بالحي البرتغالي ليجدا في هذا المعتقل رفاقهما في الكفاح الوطني أمثال: أحمد السرغيني، والحاج لحسن المنصور بالله وعبد الله النعامي، بعد شهر ونصف بهذا المعتقل حوكم حسن هيكل من طرف محكمة مازغان برئاسة الباشا حمو والمراقب الفرنسي بسنة سجنا نافذا لينقلا الى السجن الفلاحي العادر في شهر مارس من سنة 1953 وقد أثارت الزيارات المكثفة لأعضاء مكتب الحزب ومجموعة من الوطنيين والمساندة للمناضلين المعتقلين حفيظة إدارة السجن الفلاحي العادر فعمدت الى تفريق الوطنيين وتوزيعهم على العديد من المعتقلات، فنقل حسن هيكل، محمد بن ادريس وعبد الله النعامي الى سجن علي مومن ومنه الى سجن العلو بالرباط. وبعد قضائه للعقوبة المحكوم بها في شهر ابريل من سنة 1954 عاد حسن هيكل الى مدينة الجديدة ومنع من مزاولة مهنته بمكتبة النجاح، وظل وفيا لعمله الوطني ونضاله من أجل عودة الشرعية وتحقيق الاستقلال. الوطني مولاي امبارك علامي ينحدر السيد علامي مولاي امبارك من قبيلة أيت عيش بدائرة ميدلت، ويعتبر من أقطاب الحركة الوطنية بالأطلس المتوسط في الفترة الممتدة من سنة 1948 الى أكتوبر 1953 ومن الدعاة الى نشرها والتعريف بها في صفوف الأهالي، وكان يمد المسؤولين عنها بالمعلومات الضرورية وبالأسرار التي كان يطلع عليها بحكم وظيفته حيث كان يشغل كاتبا بدائرة خنيفرة. ألقي عليه القبض من طرف السلطات الاستعمارية بتهمة المشاركة في النشاط الوطني وحكم عليه بسنة سجنا قضاها بسجني عين علي مومن والسجن الفلاحي العادر بالجديدة. بعد إطلاق سراحه كانت له اتصالات مع قيادات المقاومة السرية بالدارالبيضاء وقيادات جيش التحرير بالأطلس المتوسط. وقدم السيد مولاي مبارك علامي جسيم التضحيات مسترخصا كل غال ونفيس من أجل تحرير البلاد وفي سبيل تحقيق السيادة المغربية برجوع رمزها جلالة المغفور له محم الخامس طيب الله ثراه معلنا عن انتهاء عهد الحجر والحماية بزوغ فجر الحرية والاستقلال. وغداة الاستقلال أبى إلا أن يعيش عفيفا متواضحا وكريما، وواصل رسالته الوطنية بعد التحاقه بوزارة الداخلية وانخراطه في سجل رجال السلطة، حيث كان مثالا للتفاني والاخلاص والحنكة قائما بمسؤوليته الإدارية رفقة خيرة من الوطنيين القياديين الذين تولوا مهام سامية في سلك السلطة بوزارة الداخلية.