هناك في جنوب السودان مأساة حقيقية، لكنها بالكاد تجد صداها في وسائل الإعلام. ويتعلق الأمر بحرب أهلية طاحنة، انفجرت منذ سنة 2013، وأدت إلى مقتل ما يفوق 50 ألف شخص، ونزوح مايقارب مليونين ونصف من السكان إلى دول مجاورة، بالإضافة إلى المجاعة التي تمس اليوم أكثر من مئة ألف شخص، وتهدد مليونًا آخر، كل ذلك بسبب الحرب الأهلية. ففي يوم تاسع يوليوز من سنة 2011، انفصل الجنوب، رسمياً، عن السودان، غير أنه بعد مرور ست سنوات على ما احتفت به عدد من الدول، ك»استقلال»، لهذا الجزء من البلد الأم، مازالت هذه الدولة الفتية تعيش في ظل الحرب الأهلية والمجاعات والمآسي الإنسانية، لذلك لم يتم الاحتفال بهذه الذكرى، هذه السنة، بسبب الوضع المأساوي الذي يٓعُمّ هذا الجزء الذي فضل الانفصال، باستفتاء اختار فيه 99 في المئة، هذا التوجه. سنتين، بعد هذا الانفصال، اندلعت الحرب بين الفرقاء في جنوب السودان في 2013 ، حيث اتهم الرئيس سالفا كير، نائبه السابق رياك مشار، بالتواطؤ للانقلاب عليه، لتبدأ المعارك بين القوات التابعة لهما، وتتخذ طابعاً قبلياً، تتواجه فيه قبائل الدينكا، التي ينتمي لها، سالفا كير، وقبائل النوير، التي ينتمي لها مشار. ويعتبر عدد من المراقبين أن هذا الصراع، كان كامناً منذ سنوات طويلة، حيث يتهم النوير، قبائل الدينكا، بالسيطرة على مقاليد الأمور، لذلك عندما انفصل الجنوب، تٓمّ اقتسام المناصب والمسؤوليات، على أسس المحاصصة القبلية والعشائرية، غير أن المنافسة من أجل السيطرة على آبار النفط، هي التي زادت في تأجيج الصراع بين الطرفين. وحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن اشتداد المعارك، أسفر عن تصعيد العنف ضد المدنيين، بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية والاغتصاب. وحسب تقارير دولية أخرى، فإن الحرب المندلعة بين الطرفين، تتسم بانتهاكات عرقية والعنف الجنسي والوحشية المفرطة ضد السكان المدنيين. و من المعلوم أن انفصال جنوب السودان، كان مدعوماً بتدخل خارجي، من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا، اللّتين كانتا تساندان كل الحركات الانفصالية في جنوب السودان، بل إن إسرائيل بدورها تدخلت في هذا المخطط، حيث عملت على تدريب المئات من المقاتلين في هذه الحركات الانفصالية، كما باعت لها السلاح، بتواطؤ دول إِفريقية، مجاورة للجنوب السوداني.