هذه الحكاية، حكايتي، أصبحت أيضا حكاية جماعية، عامة ديموقراطية، جمهورية وسياسية، حكاية فرنسية لأنني وزيرة في الجمهورية، وأنني حملت كلمة بلادي، وفي بعض الأحيان تتمثل هذه البلاد في وجهي، لا هي حكاية جميلة ولا سيئة، فقط هي حكاية حقيقية. بالنسبة لي قبل 39 سنة، الحياة رحلة بدأت في بني شيكر بالمغرب، ولا أعرف تماما كيف هو مسارها، أو بالأحرى أحاول ألا أعرف … بالمقابل، أعرف جيدا لصالح من أعمل كل صباح، كل مساء، في كل مرة أركب الطائرة، أغيب عن عائلتي، أعتذر عن حضور احتفال بنهاية السنة، أو عندما تتصل بي والدتي لتقول لي إنها لم تعد تراني، مؤاخذات حنونة، إنه شيء فظيع. واليوم لا أعتقد أنه بإمكاني أن أتوقف هنا، أن أقول بأنني كنت ناطقة باسم الحكومة، وزيرة لحقوق النساء، وزيرة للمدينة، للشباب والرياضة، ووزيرة للتعليم العالي والبحث العلمي، بأنني وضعت قوانين ووقعت مراسيم، تلقيت ضربات، تكلمت في البرلمان.. ضحكت من صوري من هفواتي، وبالأخص استمتعت وسط هذا الصخب، وأيضا كوني كنت محبوبة، ولي أصدقاء في كل الظروف، كل هذا صحيح ومثير وقاس، لكن هذه ليست فكرة هذا الكتاب. الفكرة هي أن أتحدث عن فرنسا، عن فرنسا بلدي، فرنسا بلدنا...
وزيرة المستقبل أيضا: فمن من الآباء لا يريد رؤية العقول الصغيرة تحتك مع اللغات النادرة وتواصل الحضارة، وأيضا تطور تعلم المثقف مبكرا، مع تكثيف الرحلات الثقافية ومرافقة الأطفال إلى المسرح و إلى الأوبرا، بالإضافة إلى تعليمهم البرمجة مع منع الشاشات والهواتف والتلفزات، إنها وزارة رائعة، وهي فرنسا ذاتها، بجمالها الرائع، وكفاءاتها الخارقة وتفانيها، وأيضا بنصيبها من الغاضبين والمحافظين، وبطبيعة الحال من معلقيها الذين لم ألتق منهم كسولا تائبا: عندما تسمعهم، تعلم أن جميع المتكلمين الكبار هم آخر الثمار الذهبية لمدرسة مهددة، ساقطة وجافة. وهكذا، فبمجرد المس ببعض التوجهات من أجل اكتشافها من طرف أكبر عدد من التلاميذ، يثور احتجاج لا نجده أبدا عندما يتعلق الأمر بالاحتجاج ضد الفوارق في المصائر الدراسية المنحوتة في الرخام منذ سن 6 سنوات، نعم هكذا ينتعش استعمال اللاتينية، وقت التحلية، من طرف مدافعين غريبين أقل حبا للاتينية منه لأقسام اللاتينية، لكن، أنا أتفهم قلق أساتذة مغرمين من احتمال التعامل السيء مع تخصصهم وهذا حصل في السابق، لكن أن يندد آخرون لا يعرفون شيئا عن مدرسة اليوم، ينددون حتى قبل أن يفهموا محتوى هذا الإصلاح أو ذاك فكيف يمكن فهم الصحيح من الخطأ؟ وهكذا تصبح لغة بلدنا، التي لم تكن مهددة أبدا، بمناسبة جملة عابرة أو صيغة متسرعة، الموضوع الرئيسي لمناقشات الموائد وساحة معركة غير مفهومة، فمنذ سنوات، تبنت الأكاديمية الفرنسية تسامحا نحويا ممكنا بخصوص حوالي 2000كلمة متداولة وهذه القواعد الجديدة أدمجت في إصلاح المقررات والبرامج الدراسية لسنة 2008 ، فشكرا السيد نيكولا ساركوزي، ولكن هل علم بذلك على الأقل ؟ ونفس القواعد التي تم تبنيها سنة 2015 بنفس الطريقة تماما والمطبقة تدريجيا في المقررات المدرسية، أثارت ضجة بسبب روبورتاج تلفزيوني مبالغ فيه لن أعود بخصوص هذا الجدل، ولكن أليس عيبا أن يخصص بلد يعيش توترا كبيرا كل هذه الطاقة لموضوع كهذا؟ سأتجاوز العرائض المبدئية، والنسيان السياسوي، والنوايا السيئة للتلاميذ النجباء والقراء الكبار، ولكنني أعتقد أن هذا التشنج الاجتماعي مقلق فصعوبتنا تكمن في التغيير أو حتى تصور هذا التغيير، وبصراحة إذا كانت كلمة مثل (nénuphar)تكتب( nénufar )حتى سنوات 30، فهل قبول كتابتها بهاتين الصيغتين خطير إلى هذا الحد؟ هل هذا تخل؟هل هي نهاية فكرة معينة عن بلدنا؟ بل عن الحضارة؟ هل هذا يمنع التبادل، الحديث، القراءة، الكتابة، اللعب على الخشبة؟ هل هذا يعتبر تقهقرا؟ أنا لست ضد الجدالات، ولكن علي أن أقول بأن جدلا كهذا أثار لدي الشك بأن بلدا حورياتهNympheas)) شهيرة عالميا، يصبح بئيسا ومهووسا لأنه لا يعرف إن كانت كلمة (nymphéa) شقيقة كلمةnénuphar)) هي من ابتكار) (monet أم هل هي كلمة دارجة… بكل صراحة؟ هل بإمكان بلد كهذا أن ينشغل بشبابه وبالعدالة الاجتماعية أو بالبطالة؟ لكن، لنعد إلى مجموعة الصور التي تزين مدخل وزارة التربية، بإمكاني أن أتحدث مطولا عن نتائج بعض ممن سبقوني في المهمة ولا أتصور أن أجدهم اليوم يعطون الدروس بدون ذاكرة، ولكن بدون خلفيات مسبقة وبخصوص هذا الموضوع، أنصح بالرجوع إلى أعمال أنطوان بروست، المؤرخ الشهير للسياسات العمومية في مجال التربية ولكل واحد أن يفهم التراجعات الحقيقية واللامبالاة والاختلالات التي تعتري النظام ولكنني أفهم بالتأكيد أنه من الصعب اختصار هذا التاريخ في تدوينة، إذن ومرة أخرى، لابأس من أخذ آخر اكتشاف لهذا أو ذاك ممن سبقوني، وليس مهما إن كان الأول قد خرج من هذه الوزارة تحت الاحتجاجات في الوقت الذي يصعب أن نؤاخذه إن قاد أدنى إصلاح، كما ليس مهما إن كان الثاني، الرجل المدافع المستميت عن المبادئ الأساسية، سيبقى واحدا من الوزراء الذين فقد في عهدهم تعلم الفرنسية أكبر عدد من الساعات في قاعات الدرس، هذه ليست أشياء نظرية أو إيديولوجية، إنها وقائع، إذن نعم، فالنزاهة الفكرية ليست مهمة، لذا أنا أحاول التركيز على مصدر إلهامي، جان زاي، الرجل الذي أقدره، والذي طلبت أن أشتغل على مكتبه فاكتشفت أن لا أحد استعمله من بعده…