هذا مشروع كتاب،سيصدر عن مؤسسة آفاق للدراسات والنشر ضمن سلسلة»مراكشيات». يتطرق الكتاب لمسار المجموعات الغنائية من خلال السيرة الذاتية لاسم من أسماء زماننا،فنان جيل الجيلالة عبد الكريم القسبجي،مستعرضا تجربته وكثيرا من مفاصل حياته الشخصية والفنية،فالرجل متشرب للفن عمليا وتطبيقيا،مُرتوٍ حتى الثمالة بإيقاعات متنوعة ومختلفة، واقفا عند بصماته التي تركها على تاريخ المجموعات الغنائية، وعلى فرقة جيل الجيلالة بوجه أخص،بوصفه صوتا جميلا متميزا،منحها نفسا جديدا ودفقة حرارية فياضة،أكسبتها طاقة على تأكيد وجودها وفرض ذاتها أمام المجموعات الغنائية الأخرى.من هنا،يمكن القول ان الكتاب يشكل قيمة مضافة ومكسبا من حيث كونه وثيقة هامة، وثيقة فنية، وثيقة تاريخية وعصرية. بعد حفظ الأغاني والانتهاء من توضيب العمل، كانت فترة الصيف قريبة من الانتهاء، وهو ما يعني العودة إلى الدارالبيضاء والبحث من جديد عن مكان للإيواء والتداريب، وبالإضافة إلى هذا المشكل، كان هناك مشكل آخر، وهو من سيعزف للفرقة: «كان برفقة الفرقة عازف أحضره مولاي الطاهر ومولاي عبد العزيز الطاهري من فرقة »الورشان» بالجديدة اسمه امحمد، – يحكي عبد الكريم – كان عازفا ماهرا، يعزف على مجموعة من الآلات كالكمان وغيره، لكن الرجل في فترة إقامته معنا بزناتة، بدأت تظهر عليه أعراض مرض نفسي، ما دفعنا إلى نقله إلى بيته، وتم التفكير في عدة أسماء أخرى، على رأسها فنان لمشاهب والعازف الكبير الشريف لمراني، الذي كان لا يزال مع الإخوة الباهري امحمد وأحمد وسعيدة بيروك ومحمد باطما، لكن في نفس الوقت يؤسس للفرقة في حلتها الثانية التي ستضم الشادلي وسوسدي، وفيما بعد حمادي». «… أبدى الشريف موافقته، وكان معه الشادلي أيضا، في هذا الوقت كنا نبحث عن مكان للتدريب، يواصل عبد الكريم. وفي الوقت نفسه مكان لأقيم فيه أنا الذي أضحيت شبه مشرد، هنا، وللتاريخ، كان الفنان الحسين زينون رائعا، هذا الفنان الكبير لم يتردد لحظة واحدة في جعل ناديه تحت تصرفنا، بل إنه ترك المفاتيح لمحمد مجد، ولم نعد نراه إلا لماما، في زيارات خاطفة جدا. أخيرا وجدت مستقرا ولو لفترة، لم يعد يعوزني سوى الوجبات، وهذه كان يتكلف بها بعض الأصدقاء، مكثت هناك بمعية شهرمان ومحمد برحال الممثل الذي كان معنا في نواس الحمراء، بعد مدة من فراغ الجيب، سيأتي الفرج أخيرا من خلال سهرتين سنشارك فيهما، وقد اقترَحَ اسَمَنا فيهما الأستاذ مصطفى الناصري، الأولى بمدينة سلا، والثانية بمدينة مكناس، رفقة الفنانة الكبيرة عزيزة جلال. كان ذلك بمناسبة صعود النادي المكناسي إلى الدرجة الأولى، وقد غنينا في هذه السهرة بزي الفريق، لأننا لم نكن نتوفر على ملابس للفرقة، وهما الحفلان اللذان سيكون فيهما برفقتنا لمراني الشريف والشادلي، وقليل من الناس يعلمون هذا الأمر. الشريف سيضطر إلى مغادرة جيل جيلالة، لأنه كان بصدد تهييء التقليعة الثانية ل لمشاهب رفقة الشادلي وسوسدي والآخرين، والتي ستكون لها كلمتها في الساحة، ليطرح علينا سؤال العازف من جديد؟ هنا سيحضرني اسم حسن مفتاح، الذي اشتغلت معه ب «نواس الحمراء»، وكان إذاك في جولة مسرحية خارج أرض الوطن، رفقة الأستاذ الطيب الصديقي، وكان معه من فرقة نواس الحمراء جوحر والقرفة وجموع، تكلف محمد مجد بالاتصال بحسن، فقصد المسرح البلدي ليجد الفنان القدير أحمد الصعري، وأطلعه على الأمر، فسارع الصعري كعادته، وهو الرجل الخدوم الطيب والحنون، وكان يعلم بظروف جيل جيلالة، سارع إلى بعث برقية إلى فرقة الصديقي، يشعر من خلالها حسن مفتاح أنه بعد العودة عليه أن يتصل بجيل جيلالة بدل السفر إلى مراكش.