إذا كانت مجموعة "ناس الغيوان" أخذت ما يكفي من العناية والتتبع، فإن مجموعات أخرى ظهرت في الفترة نفسها، ونجحت بدورها في إحداث ثورة غنائية حقيقية، والتي كان وراء تأسيسها أسماء فنية لم تأخذ حقها من الاهتمام الإعلامي مثل الأخوين محمد وحميد الباهيري، اللذين كانا وراء تأسيس مجموعات غيوانية مثل "طيور الغربة" و"المشاهب" و"لجواد" و"بنات الغيوان". الحلقة 19 بعد التحاق مبارك جديد الشادلي ومحمد السوسدي القادمين من مجموعة "الدقة" إلى مجموعة لمشاهب، حققت المجموعة نجاحات كثيرة، خصوصا بعد إصدار ألبومها الأول، في أسطوانة "33 لفة" من إنتاج "أطلسيفون". في صيف 1974، قرر الراحل محمد باطما، القادم إلى لمشاهب من مجموعة "تكدة"، الزواج من سعيدة بيروك، التي انضمت إلى المجموعة سنة 1972، قادمة من مسقط رأسها، مدينة مراكش رفقة الأخوين الباهيري اللذين كانا سببا في دخولها عالم الأغنية الغيوانية من خلال مجموعة "طيور الغربة" التي تحدثنا عنها في حلقات سابقة، كما كان للأخوان الباهيري دور مهم في التحاق محمد باطما ب"لمشاهب" بإلحاح من الراحل سعيد الصديقي الشهير بعزيزي. بارك أعضاء المجموعة قرار باطما ورافقه لمراني إلى مراكش لخطبتها من عائلتها، التي لم تمانع، وبعد بضعة أشهر ستضطر سعيدة للتوقف عن الغناء بسبب ظروف الحمل، ما وضع المجموعة أمام مشكلة البحث عمن يعوضها في أقرب وقت، خصوصا أن المجموعة كانت مرتبطة بالتزامات وعقود مع العديد من الجهات. في تلك الفترة، وقع انشقاق داخل إحدى المجموعات المراكشية، التي كانت تدعى "نواس لحمرا" ليلتحق معظم أعضائها بالفرق الأخرى، حيث التحق عبد الكريم القصبجي وحسن مفتاح بمجموعة "جيل جيلالة"، ليسافر معها إلى باريس لتسجيل ألبوم جديد ضم أغاني "الريفية" و"ليغارة" و"دادة امي" و"بابا مكتوبي" و"ريح البارح"، كما التحق محمد حمادي بأحد الفرق المسرحية، بالدارالبيضاء، قبل أن يلتقي لمراني ويلتحق ب"المشاهب". كان حمادي يتردد بين الفينة والأخرى على مقهى "لاكوميدي" المحاذي للمسرح البلدي، الذي كان في ذلك الوقت قبلة للفنانين من كافة أنحاء المغرب، وذات مرة أخبر أحد أصدقاء المجموعة الشريف، الذي كان جالسا بالمقهى ذاته، بأن محمد حمادي هو أحد أعضاء فرقة "نواس الحمراء"، التي تفككت أخيرا، وأن له صوتا جميلا، فتوجه إليه لمراني وعبر له عن حاجة المجموعة إلى صوت مثل صوته، فلم يتردد حمادي في تلبية دعوته. كان صوت حمادي من الأصوات المتميزة في عالم الأغنية الغيوانية، بشهادة الجميع، إذ أعطى التحاق محمد حمادي ل"لمشاهب" نفسا جديدا، وعرفت هاته المرحلة من تاريخ "لمشاهب" تطورا فنيا كبيرا، فلأول مرة يستعمل الشريف المؤثرات الصوتية على آلة الموندولين، وتجسد كل أكسسوارات المجموعة معنى كلمة لمشاهب، من خلال الرسوم المشتعلة التي أبدعها الراحل لمراني. هاته الصورة كانت رمزا خاصا ب"لمشاهب" أدى إلى تميزها عن باقي المجموعات الأخرى، لتصبح علامة فنية متميزة.