المرحلة التي نجتازها تفرض على الجميع اليقظة وإعطاء مضمون ملموس لخصوصية النظام السياسي المغربي بوصفه ملكية ديمقراطية واجتماعية إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، شأنه في ذلك شأن العديد من الحركات التقدمية، عبر العالم، موضوع مساءلة من طرف المغاربة، بمختلف أصنافهم، حول قضايا متعددة، منها ما هو راهني ومنها ما هو استراتيجي.
الأخوات والإخوة، الضيوف الكرام من داخل المغرب وخارجه: ينعقد مؤتمرنا العاشر في ظرفية عالمية وجهوية وقُطْرٍيةٍ مليئة بالتقلبات والتحديات، إنه زمن التحول المتسارع والتساؤل المعقد، زمن التحيين والتجديد، زمن الابتكار والمبادرة، زمن تراجع اليقينيات وتصاعد المتحولات، إننا اليوم، شهود على عصر ناشئ يصوغ الجيلُ الحالي والأجيال الصاعدة عناصر مرجعيته أو مرجعياته الجديدة. فالمتفائلون ينذروننا ببزوغ عالم أكثر عدالة ومساواة وحماية للطبيعة ولصالح العلم، الذي تحل فيه المعرفة مكان الرأسمال التقليدي. والمشككون ينذرون بزعزعة المكتسبات المبنية على قيم الإنسانية والتضامن، ينذرون بتعدد مواطن الصراع داخل المجتمعات وبين الثقافات والحضارات: صراع بين الخصوصيات المتنامية، والهويات التجزيئية، من جهة، والمراكز المدبرة والموجهة للنمطية، نمطية السوق الشمولية، نمطية العولمة المكتٓسِحٓةِ، من جهة أخرى. بين هؤلاء وأولئك فضاءات شاسعة من البشرية تعيش على إيقاع البحث عن القوت اليومي، عن تلبية الحاجات الأساسية من سكن لائق، والتزود بالماء ومن خدمات صحية أساسية تحد من وفيات الأطفال والنساء الحوامل، ومن تهميش الأشخاص الموجودين في حالة الإعاقة، ومن خدمات تمكنهم من ولوج منظومة تعليمية، توقف مسلسل التهميش الاقتصادي وتوقف مسلسل توسيع الهوة الرقمية، فاليوم نجد نصف ساكنة العالم أي حوالي 3 مليار نسمة تعيش بأقل من 2 دولار في اليوم وحوالي مليار يقبع في الأمية. هذه الاضطرابات لا يُسْمٓحُ معها أي استسلام، علينا اليوم أن نكون من بين أولئك الذين يقاومون التهميش، ويسايرون التطور، ويتحملون حظهم من مسؤولية التحديث والتغيير، حتى نكون في قلب الطلائع التي تتولى مهمة نبيلة، وهي إعلاء قيم التضامن والعدالة الاجتماعية والتسامح وتحطيم الحواجز، التي تعوق إقامة عالم حريص على حماية البيئة التي هي ملك عام، وعالم منصف تجاه الأقطار النامية وخاصة في قارتنا الإفريقية. إنها لمسؤولية كبرى، تلك الملقاة على عاتقنا، نحن التقدميون في عالمنا العربي والإسلامي، من أجل إيقاف مسلسل العنف والتطرف والإرهاب، ومن أجل تأمين السلم والاستقرار، لتمكين إخواننا في المشرق العربي وفي العالم الإسلامي، من حياة لم يعد فيها اللجوء والهجرة والتشرد هو المآل. إخواني أخواتي ضيوفنا الكرام، منذ مؤتمرنا الأخير، عاشت بلادنا أحداثا ومحطات مهمة، تلت ما اصطلح عليه بالربيع العربي، إنها أحداث ما زالت تداعياتها سارية، تاركة وراءها أجزاء شاسعة من الجسد العربي، تئن من الدمار والاقتتال ومن الصراعات بين أطراف متعصبة، ناسية أو متناسية بأن الهدم سهل والبناء صعب وإعادة البناء أصعب، وإذا كان للتدخل الخارجي دور كبير في ما جرى وما يجري، فعلينا أن ننظر كذلك إلى العوامل الذاتية، التي أوصلت الأنظمة السياسية والأنساق المجتمعية إلى حالة الهشاشة، سهُلَتْ معها المخططات التدميرية والانقسامية. علينا أن نعيَ مدى أهمية المكتسبات التي جناها المجتمع المغربي من ديناميكية التغيير، التي صاحبت الحراك المغربي سنة 2011 ، والتي أدت إلى صياغة منظومة مؤسسية دستورية وسياسية أفضت إلى اجتياز منطقة الاضطرابات بأمن وأمان. إنني هنا أحيي نضج الشباب المغربي وروح المسؤولية التي طبعت سلوكه وأطرت حركيته، ولعل المرحلة التي انتهت قد مكنت الجميع من ملامسة وقياس أهمية التحول السياسي الذي طرأ، وتفرض على الفاعلين السياسيين عدم الانسياق مع السهولة والتبسيط، في معالجة تطلعات الشباب والقوى الحية، فالمرحلة التي نجتازها بمالها وما عليها، تفرض على الجميع اليقظة عبر الإنصات إلى آلام وآمال المواطنين، ودرء مخاطر إهمال التطلعات نحو منظومة سياسية ومؤسسة تصون كرامة المواطن وتحمي حقوقه، عبر توطيد مقومات دولة الحق والقانون وإعطاء مضمون ملموس لخصوصية النظام السياسي المغربي بوصفه ملكية ديمقراطية واجتماعية. فالديمقراطية تبنى على أرضية مؤسسية تضمن المشاركة السياسية الفعلية للمواطنين. أما الطابع الاجتماعي فينبني على نهج سياسة تتوخى العدالة والتكافؤ في الحظوظ بين الحواضر والأرياف، بين الجنسين، بين الناشطين والعاطلين، بين العاملين والمتقاعدين، سياسة تقاوم كل عناصر التهميش خاصة تلك التي تطال الأشخاص، في حالة إعاقة والأطفال المشردين والأرامل. فالدستور الجديد لا يمكن أن تقتصر جِدّتُهُ على قائمة الأبواب والبنود القانونية، التي تحدد الإطار الشرعي لتنظيم الدولة وعلاقتها بالمجتمع، بل إنه إطار لن يفيٓ بكل معانيه ومبتغاه إذا لم يتبلور في ممارسة فعلية لمقاومة الفساد الانتخابي، وتأمين المنافسة الشريفة والشفافة، وتكمن أهدافه العملية في ممارسة فعلية للعدالة التي تحفظ حق المتقاضين ودور الدفاع وجعل الحرية هي الأساس. كما تكمن في ممارسة تعبئة الطاقات والوسائل المالية والفكرية والموارد البشرية من أجل منظومة تعليمية لا طبقية حديثة ومتناسقة مع متطلبات التنمية. وتكمن في توسيع مجال تقاسم السلط بين مراكز الدولة والمجالات الترابية اللامركزية. وتكمن في ممارسة تضمن التعدد الثقافي واللغوي ضمن وحدة الهوية الوطنية لكل هذه المجالات وغيرها، لتشكل الأرضية التي يمكن أن ترقى بدستور البلاد إلى ما يتوخاه وينتظره المغاربة. وفي هذا الصدد علينا أن نُقِرٓ بأنه إذا كان مجال الإصلاح لا يزال شاسعا، فإن إيقاعه لا يمكن أن يظل حبيس التدبير المتراخي للزمن، فالانتظارات المتصاعدة لا تنتظر. إخواني أخواتي ضيوفنا الأعزاء؛ إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، شأنه في ذلك شأن العديد من الحركات التقدمية، عبر العالم، موضوع مساءلة من طرف المغاربة، بمختلف أصنافهم، حول قضايا متعددة، منها ما هو راهني ومنها ما هو استراتيجي. لقد عملنا في إطار مجهود جماعي على بسط المواضيع والإشكالات،المطروحة وناقشتموها على امتداد الأشهر الماضية عبر اللقاءات العديدة على مستوى اللجنة الوطنية التحضيرية واللقاءات الجهوية، وأنتهز هذه الفرصة للإشادة بالعمل الجدي، والذي قمتم به، والذي يؤكد للجميع بأن تحضير هذا المؤتمر اتسم بالمناقشة المفتوحة والمنفتحة على المجتمع، حيث وضعت الوثيقة التوجيهية في المواقع الاجتماعية و لقيت الإقبال من حيث التعليق والإغناء والمساهمة. واليوم يمكننا جميعا أن نفتخر بالجهود المبذولة من أجل إنجاح هذه المحطة. إن المواضع التي يتضمنها المقرر التوجيهي، ليست أطروحات جاهزة للاستعمال، بل منها ما هو توضيحي وتحليلي لواقعنا اليوم ، ومنها ما هو نظري، يمكن أن يعتبر مساهمة لإغناء المنظومة الاشتراكية الديمقراطية، ومنها ما هو تأكيدي بخصوص مقومات الهوية الوطنية والسيادة المغربية والوحدة الترابية والوطنية. لقد عالجتم خلال اللقاءات المختلفة معضلات أساسية، من بينها معضلة التماسك الاجتماعي، والتحالفات والتنسيق السياسي، والمشاركة في الحكومة. وفي هذا الصدد أجمعتم على أن قاعدة التحالف هي نوعية المشاريع، التي ليست توافقات بين الأجهزة الحزبية، وأنا معكم في السؤال المطروح، وهو كيف يمكن أن نستجيب لانتظارات المغاربة. إن المطلوب اليوم هو العمل من أجل التقدم الاقتصادي والاجتماعي، لذلك فإن موقفنا اليوم في الأغلبية يتأسس على احترام حد فاصل بين العمل والسكون، بين التحديث والمحافظة، بين الابتكار والتقليد. إن منظورنا لدور الدولة، ينطلق من مبادئنا الاشتراكية، والتي لا نُريدها دولة «حارسة»، تسمح للصراع الاجتماعي واقتصاد السوق بالتحكم في مصير البلاد. لقد كنا، كاشتراكيين ديمقراطيين ضد فكرة تحطيم الدولة، ونؤمن بالدولة غير المحايدة التي تقوم بدور تحفيزي واجتماعي لصالح الفئات الاجتماعية الأكثر تضررا داخل المجتمع، وذلك من خلال توفير شروط العيش الكريم، والحماية الاجتماعية العادلة والمنصفة. إننا مع الدولة الداعمة للتخفيف من حدة آثار نظام العولمة، الذي يُنتج المزيد من الفقر والهشاشة، في ظل غياب تنافسية الاقتصاد الوطني قادرة على تحقيق التوازن المنشود. وبهذا الخصوص، تعرف بلادنا أوراشا إصلاحية كبرى، تُعيد هيكلة الاقتصاد الوطني نحو الأفضل، وتُدعمه بآليات القدرة على المنافسة من خلال توفير البنيات التحتية اللازمة، وتقديم التحفيزات المناسبة للمقاولات الوطنية، وتبني سياسة مُندمجة للتنمية البشرية. وهي أوراش كبرى لا يُمكن للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلا أن ينخرط فيها، ليس فقط من خلال التأييد المبدئي، ولكن أيضا بالمساهمة على مستوى المؤسسة التشريعية، وعلى المستوى الحكومي، بوضع السياسات العمومية الكفيلة باستثمار هذه الأوراش لتحقيق القفزة النوعية التي ستُسٓرعُ من دينامية التنمية الشاملة. وهذا ما يُفسر إلى حد كبير، توجهَ حزبنا بخصوص حرصه على المشاركة في تدبير الشأن العام من خلال الحكومة الحالية، إذ اعتبرنا أنه ينبغي أن نكون في صلب الإصلاحات الشاملة وليس على هامشها. صحيح أن المسافة كبيرة بين سعة الطموح وضيق الموارد، ولكن نقولها من هذا المنبر: على الحكومة أن تكون أكثر طموحا وجرأة في إقحام حقول، كانت تعتبر الى حد الآن صعبة المنال، وأعني هنا بالدرجة الأولى أن بلادنا مطالبة بتوسيع مجال المبادرة والتحرر من قيود الهاجس المحاسباتي والمالي الذي يفرض على بلد في طريق النمو، مثل المغرب، أن تكٓبلٓ سياسته العمومية باعتباراتٍ ميزانيةٍ، وهي اعتبارات أصبحت عرقلة تحد من مجالات الممكن. نعم كلنا نعلم أن نسبة النمو الاقتصادي، إذا ما ظلت في حدود 3 أوحتى 4 في المئة، لن تؤدي إلى إيقاف الهشاشة الاجتماعية، عبر البطالة وتقهقر القدرة الشرائية للجماهير الشعبية. لقد نالت السياسة المتعبة في الحكومة السابقة من مستوى عيش الطبقات المتوسطة، ورمت بفئات واسعة من الساكنة في التقهقر الاجتماعي. هل يمكن أن تنتهج سياسة أخرى؟ نقول نعم، فالكل يتعلق باسترجاع المبادرة الوطنية في مجال التدبير المالي والاقتصادي، فالمغرب في حاجة اليوم إلى صياغة نمط من التنمية لا يراهن فقط على العوامل الخارجية والعولمة، ولكن البلاد في حاجة إلى نمط تنمية، يحرك قوى الإنتاج الوطنية ويقوي القدرة الشرائية من أجل تنمية السوق الداخلية، نمط يفتح إمكانيات جديدة أمام ولوج الشركات الصغرى والمتوسطة لمصادر التمويل، وفي هذا الصدد على الحكومة وخاصة مديرية الخزينة ان تنكب على دراسة سياسة القرضية والمصرفية وأن تبتكر في مجال أدوات التمويل. إننا ندق ناقوس الخطر من أن التمادي في السياسة النقدية والمصرفية المالية، قد يؤدي إلى مزيد من عوامل الإفلاس المقاولاتي، وبالتالي من فقدان مناصب الشغل، مع ما يترتب عن ذلك من تقهقر للمستوى المعيشي للأسر المغربية، وتفاقم عجز صناديق الاحتياط الاجتماعي بسبب تراجع نسبة التشغيل. الأخوات والإخوة، الضيوف الأعزاء، إن مؤتمرنا العاشر ينعقد في سياق تحديات دولية وإقليمية وقومية، وفي مقدمتها حماية حق شعبنا الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وهنا لا بد أن نجدد تضامننا التام والشامل مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وندعو الحكومات والبرلمانات والهيئات الدولية إلى التحرك العاجل من أجل إقرار حقوق الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لأبشع أنواع الاحتلال والاستيطان، الذي عرفته البشرية. كما نعتبر أن المسلسل التخريبي الذي تعرضت له بلدان وشعوب عربية، بفعل التدخل الخارجي وإذكاء روح الطائفية والإرهاب، ينبغي أن يتوقف، وأن تتحمل النخب السياسية والثقافية مسؤوليتها في البحث عن حلول سياسية، متوافق عليها، حماية لوحدة بلدانها واستقرارها وأمنها. ولا يفوتنا هنا أن نسجل تضامننا مع كل الأقليات المسلمة، التي تعاني الاضطهاد، ونطالب بحمايتها من طرف المجتمع الدولي. إن العالم مطالب بالاهتمام بأوضاع الشعوب الإفريقية التي تئن من التهميش وانعدام الحقوق الأساسية في العيش الكريم، وفي هذا الصدد نعبر عن اعتزازنا بالجهود التي يبذلها جلالة الملك في دعم التنمية الاقتصادية والبشرية، في قارتنا، ولنا اليقين أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي ليست عودة سياسية، فقط، بل إن ذلك من شأنه أن يعزز القدرة التفاوضية لقارتنا عبر قيام مشاريع جنوب جنوب وأخرى ثلاثية. إن المناورات والحسابات الضيقة لا معنى لها اليوم، فهي لا تصبو إلى البناء، بل إلى التفرقة، والحال أن قارتنا وفضاءنا المغاربي في حاجة لتجاوز عناصر التنافر والشقاق والتوتر. ألم يحن الوقت لندشن جميعا مسيرة جديدة، توحد الإرادة وتدمج الموارد، وتخلق لأجيالنا الصاعدة فرص الاندماج الاقتصادي والتمكن من حضارة المعرفة ؟ إن مصلحتنا جميعا أن نربيٓ أبناءنا على التآخي، ففي ذلك ربح لمجتمعاتنا ولاقتصاديتنا، إنني من هذا المنبر أناشد أشقاءنا في الجزائر للتخلي عن التوجه المشجع للانفصال وسوء التفاهم بين الشعوب، ففضاؤنا المغاربي جريح وممزق. وما يخدم مصلحته هو المصالحة في ليبيا وتوطيد الدولة الديمقراطية المدنية في تونس والاندماج الاقتصادي من نواكشط إلى طرابلس وبنغازي عبر الرباطوالجزائر، فضاؤنا المغاربي متصل ولا يمكن أن يقبل عاقل بالتمادي في إيقاد نار التفرقة. ونُسجل هنا، أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بقي موقفه ثابتا بخصوص نزاع الصحراء المغربية المفتعل، ولم يُغير موقفه رغم الضربات الموجعة التي تلقاها خلال سنوات القمع، كما أنه بلور مواقفه من خلال قناعات مبدئية مبنية على التفاعل الإيجابي مع أي حل سياسي، يتم في إطار المحافظة على السيادة الوطنية على مجمل ترابه. ومن هذا المنطلق، فإننا مع مبادرة الحكم الذاتي كأساس للتفاوض، ما دام أن هذه المبادرة ليست إلا خير تجسيد لإرادة المنتظم الدولي في اعتماد حل سياسي.. ولا شيء غير ذلك. وبهذا الخصوص، يُؤكد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ويُجدد الدعوة إلى إخواننا في الجزائر الشقيقة لتجاوز هذه الأوضاع، من خلال رفع اليد عن محتجزي تيندوف، والسماح لهم بالالتحاق بإخوانهم وذويهم، ليعملوا سويا على إرساء دعائم حكم ذاتي يسمح للساكنة بالمساهمة في إنجاز النموذج التنموي للأقاليم الصحراوية. إخواني أخواتي ضيوفنا الكرام؛ هذا المؤتمر لن يكون لحظة عابرة بل إنها الحلقة الأولى من سلسلة المهام التي تنتظرنا في مسيرة التجديد والتحديث. إنه عنوان اليد الممدودة إلى كل النيات الحسنة والطاقات الخلاقة من مثقفين وأدباء وفنانين ومقاولين ونقابيين ومن حقوقيين وعاملين اجتماعيين، لمد الجسور مع مغرب الغد، مغرب المبادرة والابتكار، مغرب عصري في مؤسساته وتوجهاته السياسية ومتجذرِ في هويته، الغنية بتعدد مصادرها وملامحها. إن الحقيقة الثابتة والمبدئية، هي أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية جزء من اليسار، ينتمي إلى القوى التقدمية والحداثية والديمقراطية، ويُؤمن بكل القيم الكونية المشتركة بين القوى الاشتراكية العالمية، والمتمثلة في الحرية، والمساواة، والعدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، والإنصاف، والتضامن. إلا أن هذا الانتماء، لا يُمكن أن يُكبل حرية حزبنا في عقد التحالفات التاكتيكية المناسبة في اللحظة المناسبة. وعلى هذا الأساس، فإن تحالفاتنا ينبغي أن تتميز بالواقعية وبالدينامية اللازمة لتحقيق مشروعنا الاشتراكي الديمقراطي، وذلك بالشكل الملائم للظرفية السياسية القائمة. فلنطرق باب المستقبل، ولن ننجح في قيادة الفضاء العمومي ونحن ننظر خلفنا، بل علينا تقوية التوجه التقدمي عبر المبادرات الجامعة للطاقات الخلاقة. عاش الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عاش المغرب دوما، دولةً ديمقراطية، ومجتمعا منفتحا على عصره.