نشرت صحيفة «روسكايا فيسنا» الروسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن الهجوم الأمريكي المفاجئ على قاعدة الشعيرات السورية، ما جعل الجميع ينظر إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أنه السياسي الذي يعتمد على القوة لحل مشاكله. وقالت الصحيفة إن هذا الهجوم أعاد مسألة المواجهة الأمريكيةالإيرانية إلى الواجهة من جديد، نظرا لتوتر العلاقات الأمريكيةالإيرانية واختلاف وجهات نظرهما فيما يتعلق بالملف السوري. وقالت الصحيفة إن الضربة الصاروخية الأمريكية دفعت بكوريا الشمالية؛ للتهديد بتنفيذ هجمات تستهدف من خلالها الولاياتالمتحدة. واعتبرت الصحيفة أن هذه الأحداث أبرزت ترامب كلاعب استراتيجي مهم. وأشارت إلى أن الخطر الحقيقي يكمن فيما إذا ستكون إيران هي الهدف التالي لصواريخ «توماهوك» الأمريكية، ما يعني بداية مواجهة عسكرية جديدة في الشرق الأوسط. وبالتالي، ستحاول الولاياتالمتحدة في حال نشوب هذه المعركة، إظهار كامل قدراتها العسكرية. ورأت الصحيفة أن ترامب الذي لا يحظى بأي دعم من النخبة السياسية الأمريكية، بأمسّ الحاجة لاتخاذ مواقف حاسمة على مستوى السياسة الخارجية. ومع ذلك، من المستبعد أن يكون اقتصاد الولاياتالمتحدة قادرا على تحمل مثل هذه الحروب، خاصة وأنها ستلحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد العالمي. ومن المرجح أن تكون للمواجهة مع إيران؛ تداعيات سلبية، خاصة على سلسلة التوريد التي تعد منظومة بالغة الأهمية لضمان عمل الشركات الأمريكية. وأوضحت الصحيفة أن إدارة ترامب تواجه تحديا صعبا. فمن جهة، يحاول ترامب فرض منطق القوة التي عجز باراك أوباما عن إظهارها، وذلك من خلال تنفيذ وعوده الانتخابية المتعلقة بالحد من تنامي القوة الإيرانية في المنطقة. ومن جهة أخرى، تجد الإدارة الأمريكيةالجديدة نفسها أمام شعب سئم من الصراعات العسكرية. وأكدت الصحيفة أنه أصبح يتوجب على الولاياتالمتحدة اعتماد سياسة ضبط النفس، فيما يتعلق بالملف السوري، فضلا عن المناوشات التي تجمعها مع الكورية الشمالية. وعلى الرغم من أن الولاياتالمتحدةالأمريكية حافظت على هدوئها نسبيا، إلا أن خطر الوقوع في اشتباكات مباشرة مع القوات الروسية على الأراضي السورية، إلى جانب خطر نشوب هجوم نووي خطير، قد يؤدي إلى حرب إقليمية في شبه الجزيرة الكورية، ما زال قائما. وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من محاسن ومساوئ المواجهة العسكرية في كل من سوريا وكوريا الشمالية بالنسبة لإدارة ترامب، إلا أن الهجوم على إيران قد يقلب كل المعايير رأسا على عقب. فمن وجهة نظر ترامب وحلفائه، هناك العديد من العوامل التي قد تدفعه إلى اتخاذ قرار بشأن التدخل العسكري ضد إيران. ووفقا لترامب، فإن الهجوم على إيران سيساهم بالتأكيد في إظهار قدرات الولاياتالمتحدة العسكرية، فضلا عن مدى قدرتها على الانتصار بهذه المعركة. وأضافت الصحيفة أن المواجهة مع إيران ستؤكد مدى التزام ترامب بتنفيذ إحدى وعوده الانتخابية؛ المتمثلة في المواجهة مع إيران وإلغاء «الاتفاق النووي». وفي هذه الحالة، سيتمكن ترامب من الحفاظ على صورته كسياسي قادر على الوفاء بوعوده. لكن أي عملية عسكرية ضد لاعب إقليمي مهم على غرار إيران؛ ستتطلب استثمارا عسكريا كبيرا ما سيؤدي إلى الزيادة في حجم الإنفاق العسكري، كما تقول الصحيفة. وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقا لعدة أسباب تاريخية وسياسية واقتصادية، فإن قرار توجيه ضربة عسكرية ضد إيران سيحظى حتما بتأييد كبير من السعودية وإسرائيل، الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وبحسب تقارير وسائل الإعلام الأمريكية، سيكون الملف الإيراني الموضوع الرئيسي الذي سيناقشه ترامب في الرياض وتل أبيب. وذكرت الصحيفة أن ترامب اتخذ العديد من الخطوات لدعم شركات النفط الأمريكية الكبرى. وعلى الرغم من أن إلغاء ترامب للقيود البيئية ساعد القطاع النفطي، إلا أن سوق النفط الأمريكية سيشهد انتعاشا منقطع النظير في حال اندلاع حرب حقيقية في الخليج العربي. وقالت الصحيفة إن تطور التوترات الجيوسياسية في المنطقة قد يؤدي أيضا إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية. وأكدت الصحيفة أن الهدف الاستراتيجي للأمريكيين الذي من الممكن تحقيقه بالمواجهة مع إيران، هو تفشي الفوضى في المنطقة. كما أن القضاء على النفوذ الإيراني سيؤثر سلبا على الآفاق الجيوسياسية للصين، نظرا «للحزام الاقتصادي لطريق الحرير» الذي تلعب فيه إيران دورا بارزا. وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن تعمل في الوقت الراهن على إلغاء الاتفاق النووي؛ نظرا لأن الإدارة الأمريكية تعتبر أن إيران لم تلتزم بشروط هذا الاتفاق. ولم يتوان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون، في أبريل، عن وصف إيران «بالدولة الراعية للإرهاب». وعلى هذا الأساس، اتخذت واشنطن مسألة مكافحة الإرهاب ذريعة حتى تبرر تدخلها العسكري ضد إيران. وقالت الصحيفة إن روسيا ستواجه تحديا كبيرا لردع الولاياتالمتحدة عن شن هجوم عسكري ضد إيران، مما قد يؤدي إلى تصعيد الصراع العسكري في منطقة الشرق الأوسط. كما سيقع على عاتق كل من روسيا والاتحاد الأوروبي والصين، إيجاد حل دبلوماسي، نظرا لما قد يترتب على الأزمة من تداعيات خطيرة.