انخراطا من الاتحاديات والاتحاديين بمختلف الأقاليم والفروع في الدينامية التنظيمية الوطنية للتحضير للمؤتمر الوطني العاشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد مصادقة اللجنة الإدارية للحزب بالإجماع يوم فاتح أبريل 2017 على مشروعي المقررين التوجيهي والتنظيمي، انعقدت أشغال المجلس الإقليمي لآنفا الحي الحسني بالدارالبيضاء، بدعوة من الكتابة الإقليمية لهذه المنطقة، مساء الجمعة 21 أبريل 2017، بهدف تعميق النقاش في المشروعين معا، والعمل على إغنائهما بالمقترحات والملاحظات من طرف القواعد الحزبية، حيث افتتح اللقاء بكلمة ترحيبية من الكاتب الإقليمي هشام عزمي، الذي ذكّر بسياقات هذه اللحظة السياسية، مستحضرا الأشواط التي قطعها التحضير للمؤتمر العاشر للحزب، الذي يعتبر محطة مهمة في الحياة الحزبية، والذي يساهم فيه كل الاتحاديين والاتحاديات من خلال نقاش المشروعين التوجيهي والتنظيمي وتقديم الملاحظات ووجهات النظر بشأنهما، قبل أن تتم المصادقة عليهما من طرف المؤتمرين. بعد ذلك تناول الكلمة، يونس مجاهد، عضو المكتب السياسي، الذي أبرز أن المؤتمر هو محطة أساسية عند الأحزاب، خاصة حزب الاتحاد الاشتراكي، والتي لا تمر كحدث عابر سواء بالنسبة للحزب أو البلاد ككل، مشيرا إلى أن تحضير المؤتمر العاشر للحزب يأخذ زمنا كافيا، والهدف من النقاش المفتوح الذي تعرفه كل الأقاليم بناء على جدولة زمنية، هو إغناء الورقتين لكونهما مجرد مشاريع إلى أن تتم المصادقة عليهما في المؤتمر، مضيفا بأن الاتحاديين هم يناقشون أمورا ليست بسيطة بل معقدة، بالنظر إلى خصوصياتها السياسية والفكرية، مؤكدا أنه إضافة إلى الخاصية التي يتوفر عليها الحزب المتمثلة في الأدوات العلمية فإن أثرها يجب أن يمتد على أرض الواقع من خلال التفعيل، موضحا أنه على المستوى التنظيمي يجب على الحزب أن يترجم اختياراته في فعل ملموس، سواء تعلّق الأمر بالنضالات، أو التأطير، أو المشاركة في الهيئات المختلفة لتدبير الشأن العام وضمنها الحكومة. وبخصوص التحضير لهذه المحطة التنظيمية في حياة الحزب، أكد يونس مجاهد أن المؤتمر العاشر يأتي في ظل سياقات متعددة تطلب قراءة رصينة متأنية، من بينها الفترة التي قطعها الحزب في المعارضة التي تتطلب تقييما في هذا الصدد، وكذا الانتخابات التشريعية الأخيرة التي كان الجميع ينتظرها، والتي منحت الحزب الذي كان يسير الحكومة عددا أكبر من المقاعد رغم سياساته اللاشعبية، ونتائج إنجازاته الكارثية، مضيفا أن المفارقة التي تتطلب هي الأخرى الوقوف عندها، تتمثل في أن الأحزاب التي شاركته التسيير الحكومي، والتي كان يجب أن تتقاسم معه نفس الانجازات على مستوى المقاعد، لم تتمكن من ذلك، بالمقابل أحزاب المعارضة كلها تراجعت إلا حزبا واحدا ضاعف أعداده وبشكل كبير، مبرزا أنها المعطيات تختلف من المستوى الشكلاني إلى الواقعي، لأن الانتخابات ساهم في نتائجها استعمال المال الحرام وآليات أخرى، وهو ما يطرح مرة أخرى إشكالات مرتبطة بالمنظومة الانتخابية الذي يترتب عنه سؤال التمثيلية الديمقراطية في المغرب بشكل ملح، بالنظر إلى أعداد المشاركين في عملية الاقتراع من مجموع الناخبين. وفي السياق ذاته وقف يونس مجاهد عند الإشكال الذي طال تشكيل الحكومة بعد تعيين عبد الإله بنكيران، مبرزا أن القضايا التي كانت مطروحة للنقاش لم تكن لها أية علاقة بالبرنامج وغلب على الخطاب موضوع التحكم والصراع مع قوى خفية، ولما تطرق الاتحاد الاشتراكي لمسألة البرنامج تم التهجم عليه، مشددا على أن المؤتمر مدعو للإجابة عن مجموعة من الإشكالات المطروحة، ومن بينها سؤال كبير حول المشروع المجتمعي لمستقبل المغرب، إضافة إلى مساءلة آثار العولمة على الفكر والايدولوجيا والاختيارات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب الاجتهاد بخصوص إشكالات الفكر الديني المتطرف المتشدد، والظلامية، والرجعية، التي ظهرت في مصر والعراق وسوريا وتونس والأردن بأشكال متفاوتة وكذا المغرب، والبحث عن العوامل الداخلية التي أفضت إلى ذلك بالإضافة إلى العولمة وآثارها، التي أدت إلى وقوع تحولات بهذا الشكل، وأعطت قوة لتنامي تيارات الإسلام السياسي أو الارهاب أو السلفية … والوقف عند إذا ما كان الأمر يتعلق بتحولات سوسيولوجية، ديمغرافية، عمرانية، أثرت على بنية المجتمع وترتّبت عنها ردود فعل بنكوص ثقافي وغيره، أم أن هناك إشكالات أخرى لم تتم ملامستها بعد، خاصة وأن مظاهر تنامي وانتشار هذا الفكر هي متعددة فهي حاضرة في الأسواق الشعبية، ووصلت إلى الجامعات، وطالت الطبقة المتوسطة هي الأخرى، عبر اللباس وأشكال أخرى، علما أن هذه الطبقة هي التي ظلت معروفة بكونها تدافع عن قيم الحداثة والديمقراطية. ودعا مجاهد، إلى البحث في الأدوات القانونية التي يجب اقتراحها لمعالجة إشكالية تمويل الانتخابات، مشيرا إلى إشكالية استعمال الدين من خلال الجمعيات الاحسانية والدعوية في الانتخابات، حتى يتسنى فصل العمل السياسي عن الدعوي، ثم انتقل إلى نقطة أخرى تتعلق بدستور 2011، مشيرا إلى أن الاتحاد كان سباقا في طرح الإشكال الدستوري والإصلاحات الدستورية والدعوة إلى احترام المنهجية الديمقراطية، مذكرا كيف أكد الاتحاد أن دستور 1996 لايحترمها، وترجم طرحه بمذكرات إلى أن تم التوافق على دستور 2011، بعد ما سمي بالربيع العربي، الذي تلته الانتخابات التشريعية لكن النتيجة منحت الحزب المحافظ صلاحية ترأس الحكومة، فأجهض الكثير من الصلاحيات الدستورية، داعيا إلى طرح سؤال حدود الإصلاحات السياسية التي يجب المطالبة بها اليوم؟ وسؤال المنظومة الانتخابية التي شكلت بدورها مضمون مذكرات سلمت لكل الأحزاب ووضعت أمام الملك، على اعتبار أنه سؤال هو يعتبر راهنيا. وشدد مجاهد على أن المؤتمر مطروح عليه أن يضع خارطة طريق للمستقبل بخصوص جملة من القضايا، مضيفا أن هناك وعيا حادا على أنه بالإضافة إلى المال، هناك بروباغندا للتكنولوجيا الحديثة التي تغزو كل المجتمعات، وبالتالي يجب البحث في كيف يمكن لهامش حرية التعبير هذا الذي يدافع عنه الاتحاد الاشتراكي أن يكون بعيدا عن توظيف اللوبيات بهدف الهيمنة، مشيرا إلى أنه في العالم العربي الفكر الرجعي والخرافي هو الذي استفاد من التطور التكنولوجي وانضاف إليه التضليل والكذب. واختتم مجاهد كلمته بخصوص التحضير المؤتمر بالإشارة إلى أن التقرير التوجيهي تلزمه أداة تنظيمية لتفعيله على أرض الواقع، وبأنه يجب أن يفرز قيادات حقيقية، وأن يجيب على الإشكالات الأساسية، وأن ينصف المناضلين والكفاءات، ويعمل على خلق تنظيمات ذات نجاعة. بعد ذلك تناول الكلمة ابراهيم الباعمراني، عضو اللجنة الإدارية ولجنة المقرر التوجيهي، لتقديم ملخص عن المقرر التوجيهي، مذكرا بالمنهجية التشاركية التي تم اعتمادها في التحضير له، والذي ناقش جملة من القضايا المطروحة حزبيا، وطنيا ودوليا، هذا البعد الأخير الذي يعتبر عاملا متحكما في التوجه العام للسياسات الوطنية، والذي له تأثير على أوضاع المغرب وعلى تموقع الاتحاد الاشتراكي، مسلّطا الضوء على نظام العولمة الذي أدى إلى تشابك وترابط التحديات العالمية التي تطرح على الحزب ضرورة الوعي بها والاسترشاد بها في أفق وضع استراتيجية حزبية بشكل يستحضر هيمنة الليبرالية المتوحشة، وتنامي الحركات المحافظة والمتطرفة، وتكييف الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية مع هذه الأوضاع من خلال مراجعة استراتيجية عملها. وشدّد الباعمراني، على أن المؤتمر العاشر يجب أن يقطع مع عدد من الممارسات السابقة، من خلال إعادة الاعتبار للنقاش الفكري والتنافس بين الأطروحات السياسية، وبأن هذه المحطة هي فضاء للتفكير السياسي وإنتاج الأفكار ذات البعد الاستراتيجي، سواء من حيث تأمل الذات أو التحديات الكبرى أو في اتجاه البدائل، مستعرضا في هذا الصدد، وارتباطا بالشق الوطني، وانطلاقا من مشروع المقرر التوجيهي، مسارات الحزب ومؤتمراته الوطنية السابقة منذ محطة 1959، مؤكدا على ضرورة تحليل الوضع السياسي الراهن واستشراف الآفاق المستقبلية، ومشددا على كون الخلاصات المتوصل إليها ينبغي أن تكون أساسا صلبا لتحديد معالم استراتجية العمل المستقبلي للحزب وإيجاد التأطير السياسي الملائم لبرامجه، مضيفا أن ارتباط الحزب بالمجتمع هو ضرورة حتمية باعتباره لم يعد شأنا حزبيا فقط بل شأنا مجتمعيا. ووقف الباعمراني، عند مجموعة من الأسئلة التي طرحها مشروع المقرر التوجيهي، ومن بينها تخلي الطبقة المتوسطة عن الحزب وعن المشروع الاتحادي، علما أنها كانت حاملة لمشروع التغيير والمرافعة عن قيم الحداثة والتنوير، لكنها اليوم غيّرت تموقعها السياسي إلى جانب الأحزاب المحافظة، إضافة إلى تقييم تجربة حكومة التناوب التوافقي، ومرحلة المعارضة البرلمانية، والمعايير الجديدة بشأن التحالفات، والأداء الانتخابي وعلاقته بوضعية الحزب وموقعه داخل المؤسسات التمثيلية، وخاصة الاستحقاقات المهنية والتشريعية، داعيا في هذا الصدد إلى إعادة النظر جذريا في المنظومة الانتخابية والحرص على مبدأ التكافؤ في التنافس الانتخابي ومسؤولية الدولة لإبعاد الاستحقاقات عن استعمال المال والدين، وكذا سؤال معالجة الاختلالات الاجتماعية المختلفة نتيجة للعجز الذي تعرفه السياسات العمومية المتبعة، وغيرها. بدوره جواد رسام، عضو اللجنة الإدارية ولجنة المقرر التنظيمي، وقف عند الفلسفة التي تم اتباعها في نقاش وإعداد مشروع المقرر التنظيمي، واعتماد استفزاز الذاكرة التاريخية للبحث عن إجراءات تنظيمية تترجم ما ورد في مشروع المقرر التوجيهي، مستعرضا المراحل التاريخية التي طبعت مسار الحزب، والرؤية المقترحة لتجويد الأداء التنظيمي، انطلاقا من انتخاب الكاتب الأول وأعضاء المكتب السياسي مرورا بالمجلس الوطني فباقي الأجهزة، وطنيا، جهويا، إقليميا ومحليا، مستعرضا المقترحات الجديدة في هذا الصدد. بعد ذلك فتح نقاش عام بشأن مشروعي المقررين، واللحظة الحزبية والسياسية، التي يعيشها الحزب وتعرفها البلاد، حيث تعقب على تناول الكلمة عدد من أعضاء المجلس الإقليمي، لطرح أسئلتهم، وإبداء ملاحظاتهم وتقديم مقترحاتهم.