في حفل جنائزي مهيب، ودعت مدينة أيت أورير ابنها البار المناضل الوطني و الاتحادي أحمد خيار.. حيث ووري جثمانه الثرى بعد ظهر أول أمس الاثنين 10 أبريل 2017. كان بيت الراحل مكتظا بالمعزين من كل الأجيال، رفاقه في النضال، ورفاقه في المعتقل.. ونساء ممن ضحين لتعبيد الطريق لهؤلاء المناضلين، فالرجل لم يكن عاديا، فهو من المعدن الأصيل، معدن الوفاء للوطن، معدن الوفاء للمبدأ، معدن الشموخ والجلد ونكران الذات.. أحسسنا أن الأسرة الصغيرة للفقيد، الأرملة للا زهرة والابن محمد وباقي أفراد الأسرة قد شعروا بالاطمئنان والاعتزاز بانتماء الراحل لحزب القوات الشعبية، حين أخبرهم الكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمراكش، عبد الحق عندليب، أن إدريس لشكر الكاتب الأول للحزب كلفه بتقديم التعازي للأسرة وباسم المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ونيابة عن كافة الاتحاديين بالمغرب كله.. وذكر عبد الحق عندليب بأهم المحطات النضالية للفقيد، بعدما قدم مجموعة من رفاق الراحل في الكفاح وفي المعتقل والذين أبوا إلا أن يحضروا رغم تقدمهم في السن، ورغم وضعهم الصحي الذي لا يسعفهم، علي أركاز، عبد الرحمان شوجار، عبد العظيم نجاحي، عبد الله المانوزي.. وأضاف أن ما نعيشه اليوم من حرية و ديمقراطية ما كان ليتأتى لولا تضحيات الراحل ورفاقه في النضال ممن ذاقوا محنة الاعتقال والتعذيب وضحوا بأرواحهم من أجل هذه اللحظة.. وعبر عبد الحق عن الافتخار و الاعتزاز بما قدمه أحمد خيار من خدمات جليلة لوطنه وشعبه لأنه ابن الشعب.. وفي كلمة مؤثرة ممزوجة بالدموع، عبرت الابنة البكر لأحمد خيار عائشة خيار، عن اعتزازها بانتماء أبيها للمقاومة ومواجهة الصعاب وهم لم يتجاوز بعد16 سنة من عمره، ثم الانتماء لحزب جرب كل الصعاب وذاق كل المحن من أجل مغرب تشرق فيه شمس الحرية وينعم بالأمن والسكينة ،وهو حزب القوات الشعبية، مذكرة بدور أمها المرحومة الزوجة السابقة لوالدها، والتي كانت سندا له في درب الكفاح، فقد كانت تعرف متى وأين تخفي سلاحه وكيف توصله إليه حين يقتضي الأمر ذلك.. وختمت كلمتها بتقديم الشكر للاتحاد الاشتراكي ومناضليه الذين كانوا سندا لأبيها، وحققوا معه الكثير من الأشياء التي أسست للمغرب الحديث.. ولم يغالب الكثيرون دموعهم خلال الكلمة المرتجلة لابنة الفقيد.. أما كلمة سعيدة الوادي عضو الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي بمراكش فقد زادت من ذلك الشعور الإنساني حين قالت إن نساء المناضلين والمعتقلين الاتحاديين كن في الواجهة النضالية، لأنهن كن يعملن على إنجاح عمل المناضلين من خلال تحمل كل عواقب نضال رجالهن، وبينت سعيدة الوادي كيف استطاعت تلك النساء الحفاظ على أسرار المناضلين وتسهيل مهامهم، وأيضا قدرتهن على تحمل كامل المسؤولية في القيام بواجبهن تجاه أزواجهن وأبنائهن وهم في ساحة الكفاح ومواجهة كل التحديات والانخراط في الكفاح الذي يقوده رجالهن.. الموكب الجنائزي للفقيد أحمد خيار الذي حضره عدد من المناضلين الاتحاديين من مختلف الأجيال يتقدمهم أعضاء الكتابة الإقليمية بالحوز و مراكش وفعاليات سياسية وحقوقية ونقابية ومناضلو المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان وجمهور غفير من المواطنين، كان حدثا مهما بأيت اورير وبجهة مراكش، وكان الألم يعتصر كل الذين شاركوا في هذا الموكب أو الذين لم يستطيعوا المشاركة فيه لعدم قدرتهم على تحمل الصدمة لأن الفقيد كان هامة شامخة في النضال الوطني.. بين بيت الفقيد والمقبرة مسافة تجاوزت الكيلومترين.. كان خلالها الوداع الأخير لرجل وفي للوطن، وهو ما أكده أحمد فروخ أحد قدماء الاتحاديين بإقليم الحوز حين وصف المناضل أحمد خيار في كلمة تأبين الفقيد بابن مسفيوة الأصيل المخلص لتربته ووطنه وشعبه وقال: «أخونا أحمد خيار، هاهم إخوانك يشيعونك إلى مثواك الأخير. أخونا أحمد خيار لقد حلقت في سماء الكفاح والنضال، وحلقت في كل فضاءات الحرية والديمقراطية والكرامة للمواطن المغربي، حلقت ما حلقت، و كتب لك أن تدفن في تربتك، أنت ابن البلد، ابن مسفيوة، أنت المناضل الكفء، جزاك الله كل الجزاء، وهاهم إخوانك المناضلون من المقاومة وجيش التحرير من الكفاح السياسي والحقوقي يباركون رحيلك إلى دار البقاء». أحمد خيار مناضل مغربي اتحادي ناضل من أجل هذا المغرب الحر ولم يكن يوما يروم مصلحة ذاتية خاصة، لكنه كان مغربيا حتى النخاع، يعيش ذاته من خلال وطن بكامله، وطن تسوده العدالة والديمقراطية .. يذكر أن المناضل الاتحادي الكبير أحمد خيار انتقل إلى دار البقاء صباح يوم الأحد 9 أبريل 2017 بمستشفى ابن طفيل بمراكش .. وقدم الرجل تضحيات جسام من أجل مغرب حر ديمقراطي وذاق مرارة الاختطاف والاعتقال والتعذيب، حيث اعتقل على خلفية محاولة اغتياله للمدعو المناضي الذي وشى بعدد من المناضلين، وتسبب في الاعتقالات التي طالت أزيد من 192 مناضلا اتحاديا خلال سنوات 69 و70 و71 من القرن الماضي ومن ضمنهم محمد الحبيب الفرقاني وعبد الرحمان شوجار وأحمد بن منصور وعبد الله المانوزي وعلي بشر ومحماد رشاد وغيرهم، حيث تم تقديمهم إلى محاكمة مراكش الكبرى سنة 1971 التي أصدرت عدة أحكام بالإعدام وبالسجن المؤبد وبعشرات السنين. وحكمت المحكمة العسكرية بالقنيطرة على المناضل أحمد خيار بالإعدام، و ظل ينتظر تنفيذ الحكم لأزيد من 25 عاما مقيد اليدين بحي الإعدام بالسجن المركزي بالقنيطرة.
المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تنعى المقاوم المرحوم أحمد خيار بقلوب ملؤها الخشوع والإجلال، وأفئدة مكلومة من أثر المصاب الجلل والرزء الفادح، ودعت أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير المقاوم المرحوم أحمد خيار الذي لبى داعي ربه راضيا مرضيا يوم الأحد 11 رجب 1438 الموافق ل 9 أبريل 2017 بمستشفى ابن طفيل بمدينة مراكش. ازداد المقاوم المرحوم أحمد خيار سنة 1940 بمسفيوة، ويعتبر من المناضلين المخلصين والمدافعين المستميتين عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية. انخرط في صفوف المقاومة والتحرير سنة 1953، وساهم مساهمة وازنة ومتميزة في العديد من العمليات الفدائية التي كانت تستهدف مصالح المستعمر، كما شارك في عدة هجومات بالركيبات وفم لحسن. وفي التفاتة وفاء وبرور وتقدير لمساره الوطني والنضالي، نال الراحل العزيز حظوة تكريمه من لدن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ضمن صفوة من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير بمدينة القنيطرة في 7 غشت 2015. وتجمع الكثير من الشهادات على مساهماته الوازنة والمتميزة في صفوف المقاومة والتحرير، مخلفا سيرة حياتية وأخلاقية وقيمية وإنسانية عطرة، ومسيرة وطنية ونضالية طافحة بالبذل والعطاء والسخاء ونكران الذات. ظل وفيا للعهد إلى أن وافاه الأجل المحتوم، مخلدا بخصاله وأعماله حياة مكللة بالمكرمات وفضائل الأعمال التي ستبقى راسخة في ذاكرة كل محبيه، ينهلون من معينها النابض قيم الوطنية الحقة، وأخلاقيات المواطنة الايجابية والمسؤولة والفاعلة، والتشبث بالمثل العليا والذود عن المقدسات الدينية والوطنية. لقد اجتمعت في الفقيد المبرور صفات الوطني الغيور والمقاوم الجسور والمناضل الملتزم، فغدا بذلك نموذجا حيا وطرازا فريدا في قوة الإرادة والثبات على المبادئ والوفاء لنهج الوطنية التي تشبع بها وآمن بها طيلة مسيرته الوطنية والنضالية. كما كان نموذجا للمناضل الملتزم بقضايا وطنه، متحليا بحسن الصفات والمناقب والخصال والفضائل، متمسكا بالمبادئ السامية والمثل العليا ومكارم الاخلاق والأداء المتميز من أجل عزة وطنه وكرامة أبنائه، إذ نذر حياته لتحرير الوطن من قبضة الاحتلال الأجنبي ليرفل في عز الحرية والاستقلال والوحدة الترابية والوطنية. وفي هذا الظرف الحزين، يتقدم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بعبارات أحر التعازي وأصدق المواساة إلى عائلة الفقيد الصغيرة وعائلته الكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، ضارعا إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان، وأن يتغمد الراحل العزيز بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب وحسن المآب، وأن ينزله منزل صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" صدق الله العظيم.إنا لله وإنا إليه راجعون