ماتيس في طنجة" رواية للكاتب الجزائري عبد القادر جميعي. وهو روائي في رصيده العديد من الروايات: تخييم، محطة الشمال، الأنف على الزجاج، لحظة نسيان. وهي روايات منشورة عند واحدة من أهم دور النشر الفرنسية. تحكي "ماتيس في طنجة"، وهي من الصنف البيوغرافي، عن زيارة ماتيس لطنجة سنة 1912 رفقة زوجته "إميلي"، تحت وابل من المطر، الذي سبق نور طنجة الذي سيجده ماتيس دون نظير. سيكتشف الفنان العبقري ألوان المدينة ومناظرها وسكانها الذين في أغلبيتهم مغاربة وإسبان ويهود. لكنه سيجد غيابا كبيرا للعنصر الأنثوي الذي يعتبره ضروريا لعمله الفني. وهذا العمل الأدبي هو عبارة عن رسالة طويلة، عنوانها الأصلي "زهرة في الشرفة"، وهو مقتبس عن لوحة لماتيس، وزهرة هي عاهرة في طنجة فرضت نفسها على الخيال الخلّاق... جاء إلى طنجة تلميذاك القديمان "كيز فان دوغن" و"هنري مانغان"، في فترات تختلف عن الفترة التي جئت فيها. بعدك بأربع سنوات، أقام جاك ماجوريل محمل لوحاته في هذه الأزقة. أقام إدغار دوغاس سنة 1870في "كونتنونتال"، وهو فندق باذخ. بول غوغان، المتوحش الذي تحب والذي اقتنيت، قبل ثلاث سنوات من ذلك، لوحته "رأس طفل"، فضّل التيه في جهات أخرى من الكرة الأرضية. وإلى نهاية حياته، واجه رياحا أخرى، وزوابع مختلفة. في جانب الأدب الأجنبي، جاء الكتاب الأمريكيون بعد الحرب العالمية الثانية. طيلة تلك الإقامة، كنت تهتم أيضا بالصناعة التقليدية، باللباس والهندسة الموريسكية. لا أعلم هل تحب الطبخ المحلي، لكنني أعرف أن إلهامك هو ما تريد تغذيته مادام هو شيئ ملح ومستمر في عملك. طيلة السبعة أشهر التي قضيتها في المغرب- وهي أطول مدة قضيتها في الخارج- أبدعت، بين الأضواء الأولى والأخيرة للنهار، بين الطين والهيجان، بين الحرارة والخوف، حوالي عشرين لوحة وستين رسما، وملاحظات ودراسات تُعدُّ ضمن إبداعك الغني. وباعتبارك ربّ عائلة جيد، رغم "كرهك للكتابة"، كنت تتراسل كثيرا مع أبنائك وأقربائك. كنت أيضا تعطي أخبارك لأصدقائك الذين بقوا في الميتروبول وإلى جمّاعي لوحاتك، سيرغي شتشوكين و إيفان موروزف، اللذان يعيشان في روسيا. بلد الثلوج العليا، بلد دوستويفسكي والأيقونات ذات الوجوه الكهنوتية التي رأيتها، سنة 1911 في موسكو، أثناء معرض حول الفن البيزنطي. ستحكي كل شيء لأميلي التي التحقت بك، في أكتوير 1912، رفقة شارل كاموان، وبقت معك بضعة أيام. تسليتك الرئيسية هي أن تقوم بانتظام بنزهات فوق الحصان على الشاطئ الطويل البالغ ثلاثة كيلومترات ونصف. عندما يكون الجو صحوا كنت تستحم في البحر. لم يكن جدي يقوم بذلك أبدا مادام البحر كان في الجهة الأخرى من المدينة. سنوات بعد ذلك، اصطحبنا والدي لنتخبط في مائه الدافئ والوسخ. كان الأمر كما لو أننا نلتقي لأول مرّة عمّة جذّابة وبعيدة. عمّة بعينين زرقاوتين أحتفظ بذكرى سيئة عنهما: لقد كدت أغرق، وأنا في السابعة عشر، في "كاب فالكان". منذ ذلك الحين، وأنا أستشعر دوما نوعا من الرعب عندما أمر فوق الجسور التي تركب الأنهار، ولم أتعلم أبدا السباحة. رغم أنك كنت تريد، وأنت شاب، أن تصبح بحارا، فأنت لم ترسم ساحل طنجة. "كاموان"، الذي تعرفت عليه رفقة "ماركيت" في مرسم "غوستاف مورو" قام بذلك، كان يهتم أيضا بالمقاهي الموريسكية، بالمساجد، بمشاهد الشوارع وبالنساء اللواتي رسمهن في لوحة "بيوت مشبوهة". "سيكون مرغما على المجيء إلى الطبيعة الميتة الفاضلة التي تعيد طرح المعنى"، تكتب ل"ماركيت" الذي طلبت منه، دون نتيجة، ألا يتعفّن كثيرا على ضفة "السين" ويلتحق بك هنا حيث الجو مشرق.