{ بداية هل وحدها متلازمة «جوغرين» ، هي المؤدية إلى اجتفاف الفم أم أن هناك أسبابا أخرى؟ أولا يجب التعريف بأن المقصود بجفاف الفم هو قلة أو انعدام اللعاب، وذلك بفعل عدم قدرة الغدد اللعابية على القيام بوظيفتها أو ضعف مردوديتها نتيجة لعوامل متعددة ، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، نقص أو انعدام في فيتامينات « أ، ب1، أ و «، تناول بعض الأدوية كتلك المضادة للاكتئاب، أدوية تخص مرض الباركنسون أو ما يعرف بالرعاش،وكذا الأدوية التي توصف لمرضى الضغط الدموي، ومن يعانون من داء السكري غير المتوازن. إلى جانب الأشخاص الذين يخضعون للعلاج بالأشعة بفعل تعرضهم لسرطان الفم والحنجرة، إلا أن السبب الرئيسي إلى جانب العوامل السالف ذكرها، يكمن في الإصابة بمرض متلازمة «جوغرين» الذي يؤدي إلى هذا الجفاف. { أين تكمن أهمية اللعاب في الفم؟ اللعاب له دور أساسي ومحوري كبير في الفم، فهو يحمي الأسنان من التسوس، كما أن الأشخاص الذين يعانون من جفاف الفم أو ما يعرف بمرض «النشوفية»، تكون لديهم مشاكل في الأكل، لأنه في غيابه يلتصق الأكل باللسان والأغشية الداخلية للفم، مما يتعذر معه المضغ والبلع بشكل طبيعي، فيلتصق الأكل، فضلا عن عدم القدرة على التذوق وتحديد طبيعة ما يُؤكل، وهي الغاية التي لايمكن أن تتأتى في غياب ماء في الفم الذي يذيب هذه المأكولات بعض الشيء، الأمر الذي يمكّن من وصولها إلى العضو المسؤول عن التذوق الذي هو في الطبقة الباطنية للغلاف اللساني، الذي في حال عدم وصول المحلول إليه يعجز عن تصنيف المادة الموضوعة على اللسان. ثم هناك دور آخر يتمثل في النطق الجيد من عدمه، إذ أنه نظرا لالتصاق اللسان بالأغشية الداخلية للفم، فإن ذلك يؤدي إلى تموضعه بشكل غير سليم يضعف القدرة على نطق سليم، ولايمكّن من إخراج الحروف من مخارجها بكيفية عادية، وذلك راجع لعدم توفر اللعاب، وهنا أود التنبيه إلى ان هناك من الناس من هم في حالة متقدمة من مرض «النشوفية» ، والذين ينعزلون عن الناس نتيجة لهذا التعثر في الكلام، الأمر الذي يعرضهم لتداعيات نفسية. وعليه، فإنه في غياب أو ضعف كمية اللعاب في الفم، يحس الشخص المريض بالعطش الشديد، يعاني مع الأكل، يعجز اللسان عن التذوق، وبالتالي عملية الأكل يجب أن تكون مرفوقة بالشرب المنتظم والمتوالي، ويؤدي الأمر كذلك إلى تشقق الشفتين، وإلى مرض المبيضات الذي تتسبب فيه بعض الفطريات، حدوث آلام في الفم، المعاناة مع أمراض الأسنان واللثة، بالإضافة إلى عدم القدرة على تحمل طواقم الأسنان الاصطناعية التي يتم الالتجاء إليها كبديل في حال عدم الاهتمام بصحة الفم والأسنان، والتي هي الأخرى لاتصبح حلا في هذه الحالات. { عودة إلى موضوع تسوس الأسنان، كيف يؤدي المرض إلى ذلك؟ بخصوص موضوع التسوس، الجميع على علم بأن نسبة الحموضة ترتفع وتزداد بفعل الأكل، كما أن لعابنا يتكون من الماء بنسبة 99 في المئة، وهو ما يمكن من تقليص نسبة هذه الحموضة التي تعد عاملا أساسيا في التسبب بتسوس الأسنان، لأن الوسط الحامضي تنتعش فيه البكتيريات لتخريب السن والتسبب في تسوسه، أخذا بعين الاعتبار أن اللعاب به انزيمات من قبيل «ليزوزيم» التي تقضي على بعض البكتيريات، كما أن الأملاح المعدنية المكونة للأسنان من قبيل أيونات الكالسيوم والفوسفاط هي موجودة بشكل كبير في اللعاب الذي يخلق نوعا من التوازن عبر تدعيم الأسنان بها بصفة منتظمة، فضلا كذلك عن عملية التنظيف الذاتي للفم التي تتم من خلال اللعاب الذي يفرز منه الجسم حوالي لتر ونصف يوميا. { في هذه الحالة، ماهي الخطوات التي ينصح بها؟ أمام عدم قدرة قيام الغدد اللعابية بوظيفتها الاعتيادية يتم العمل على محاولة الاستفادة مما تبقى منها وتشغيل تلك النسبة المتوفرة، لذلك نوصي المرضى بالعمل على مضغ اللبان/العلكة، أو تناول قطع الحلوى «الفنيد»، لكن شريطة أن تكون بدون سكر حتى لانضيف عاملا آخر مساعدا على التسوس، كذلك يطلب منهم شرب كميات من عصير الليمون/»الحامض» دون تناولها بكثرة، لأن في ذلك رفعا من مستوى الحموضة في الفم، وبالتالي يطلب منهم شربها وكذلك شرب مياه بها بيكاربونات ومضمضته بها، وفقا لوصف نسبتها وتدقيقها من طرف الطبيب المختص، لتقليص حموضة الفم . إلى جانب ذلك يوصى بتبلبل الفم بالماء بين الفينة والأخرى، وأخذ الوقت الكافي في المضغ لإفراز اللعاب، وفي الحالات المتقدمة التي يكون فيها اللعاب قليلا بشكل كبير يتم وصف أدوية بعينها تتضمن مواد لإفراز لعاب اصطناعي، فضلا عن أدوية محفزة للإفرازات ك «البيلوكاربين»، لكن للأسف هي غير متوفرة في المغرب، وهناك مشروع لتصنيعها محليا. إلى جانب ذلك يوصى بزيارة طبيب الأسنان بصفة منتظمة، على الأقل مرتين في السنة، حتى يتسنى الخضوع للعلاج في بداية المرض تفاديا لأية مضاعفات حادة.