حصر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الحرية الدينية في العالم، الصادر سنة 2012 عدد المتشيعين في المغرب فيما بين 3000 و8000 شخص معظمهم من المقيمين من دول عربية، فيما يمثل المغاربة رقما ضئيلا من مجموع المتشيعين بالداخل. لكن الأكيد هو أن هناك كفاءات مغربية ثقافية ودينية تلقت تعليمها في الحوزات، وهذا أمر لم يكن في السابق. كما أن التشيع انتشر في السنوات الأخيرة في صفوف المغاربة المقيمين بالخارج لاسيما ببلجيكا وهولندا- وتعتبر طنجة من المدن المغربية التي تحتضن العدد الأكبر من المتشيعين اعتبارا لقربها الجغرافي من أروبا ولتواجد مقيمين أجانب شيعة من لبنانوسوريا والعراق. ويرى إدريس هاني، عضو الأمانة العامة للتجمع العربي والإسلامي والقيادي في الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين- الذي يوصف بكونه زعيم الشيعة بالمغرب - أن هناك تضخيم ومبالغة بخصوص التشيع في المغرب. وبحسب نظره هناك من يعمل على تضخيم الظاهرة، ومن مصلحة أطراف سماها بالإسم هذا التضخيم قصد جلب الدعم من دول الخليج بدعوى محاربة المد الشيعي في المغرب، وهي مجرد متاجرة ليس إلاعلى حد تعبيره. عصام احميدان الشيعي المغربي يجزم أن الحالة الشيعية في المغرب هي حالة أفراد، وهي ليست حالة سياسية ولا مسكونة بالعمل السياسي، بقدر ما مسكونة بالهم المعرفي والترقي الروحي لأفرادها. لقد كشفت دراسة ميدانية قام بها أحد الطلبة المغاربة في صفوف المهاجرين المغاربة ببعض الدول الأوروبية بخصوص استقطابهم إلى دائرة التشيع وانتهى به الأمر إلى الخلاصة التالية: تكون البداية بالعزف على وتر حب آل البيت ، ثم سرعان ما يتطور الأمر إلى تلقين الضحايا المحبين مقابل عاطفة الحب لآل البيت عاطفة الحقد على غيرهم من الصحابة خصوصا الخليفتين أبي بكر وعمر بحجة سطو الخليفتين على حق الخليفة الراشد علي بن أبي طالب في الخلافة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن ثم إلى الحقد الأسود على أهل السنة من المسلمين باعتبارهم نواصب ، والطعن والتشكيك في عقيدتهم. وقد استدرج بعض الأميين عن طريق المساجد حيث يوفر الشيعة مساجد فيها ما قد لا يتوفر في غيرها من مرافق ، فكان ذلك سببا في إغراء و إيقاع هؤلاء في حبائل التشيع . فبعضهم استهوته أماكن الغسل ، ووسائل النظافة في هذه المساجد ،فأخذ يتردد عليها ... والذي يفسر انتشار التشيع في شمال المغرب، هو أن أئمة المساجد البسطاء المهاجرين ، والذين أغراهم الطمع ، معظمهم من الشمال ، لهذا يسهل استدراجهم للسكان الضحايا من الشمال... وفي هولندا التي تعرف وجود نسبة مهمة من المهاجرين المغاربة من أصول شمالية، يتوزع عدد من المؤسسات الشيعية على كامل التراب الهولندي، ومن بين تلك المؤسسات على سبيل المثال لا الحصر "البرلمان الشيعي الهولندي" بروتردام، المركز الثقافي الإسلامي بأوتريخت، مركز أهل البيت بمدينة الميرا، مؤسسة الكوثر الثقافية بدنهاخ، ومؤسسة فاطمة الزهراء بأمستردام، كما يمتلك الشيعة عددا من المساجد يقارب العشرين ... تتنوع الخدمات التي تقدمها المراكز والجمعيات الشيعية بين كونها تحتضن مساجد أو مكتبات أو تقوم بتوزيع كتب مجانية ومنشورات تحت غطاء الدعوة الإسلامية والأعمال الخيرية، وتتنوع أنشطة هذه المؤسسات ما بين الأعمال الاجتماعية والندوات الدينية والثقافية الموجهة للجاليات المختلفة، وتقديم دروس في اللغة العربية والقرآن الكريم، بالإضافة إلى إحياء المناسبات والطقوس الشيعية... ولا تقتصر هذه الأنشطة على فئة دون أخرى إذ تنظم برامجها النساء والشباب وأيضا برامج خاصة موجهة إلى الأطفال، لكن هذه المؤسسات نفسها تعمل من خلال ذلك إلى استقطاب "المستبصرين" أي المتشيعين الجدد وتجنيدهم للترويج للمذهب الشيعي بين الجاليات التي ينتمون إليها... وبألمانيا كذلك يوجد عدد من المؤسسات والجمعيات الشيعية تنتشر بأغلب المدن الألمانية، ولا تختلف الأدوار والأنشطة التي تقوم بها هذه المؤسسات عن مثيلاتها ببلجيكا وهولندا... وتحتضن تلك الدول العدد الأكبر من أفراد الجالية المغربية والتي يشكل المنحدرون من الأقاليم الشمالية للمغرب الغالبية بينهم... بمقابل النشاط الملفت للمراكز الشيعية في مجال استقطاب متشيعين جدد، يصعب تحديد أرقام دقيقة لعدد المغاربة الذين تحولوا إلى المذهب الشيعي، وذلك بسبب اعتماد هؤلاء على مبدأ التقية، وهو مبدأ يسمح "للمستبصرين" الكذب وإخفاء النوايا الحقيقة على من يخالفونهم في المذهب أو الدين أو الرأي. وفي سنة 2012 كشفت مجموعة من المغاربة الذين يتخدون من التشيع مذهبا لهم عن علم مغربي جديد خاص بهم يضم رموزهم الدينية عبر شبكات التواصل الإجتماعي. ويضم هذا العلم رموزهم الدينية، ويتضمن اسم الجلالة "الله" يتوسطه نجمة إلى جانب اسم الرسول صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين. لا يمكن إغفال حقيقة انتشار التشيع في المغرب التي وقودها الأفراد المغاربة في كثير من المدن المغربية، وذلك أمكن اعتبار ذلك أمرا طبيعيا بحكم حركية الأفكار وانتقالها الذي لا يقبل الحصر والتنميط مادمنا نعيش في عالم صغير تتحرك فيه المعلومة بسرعة فائقة عبر وسائط متعددة منفلتة عن قدرة السلطات على تأميمها، غير أن هذه الأفكار لا يمكن وضعها في الرأس جبرا فهي بحاجة إلى جهد تعبوي وبشري وتنظيمي على درجة عالية من الحركة والتجنيد، وقد نجح المد الشيعي في التغلغل في المجتمع السني المالكي نتيجة تفوقه المنقطع النظير في توظيف كامل طاقاته المذهبية وعنفوان الشباب وجسارة الطرح في جذب فئة تعيش ظروفا خاصة جعلها أكثر قابلية من غيرها للتوجه . ويبدو أن البعض تعرف إلى المذهب الشيعي بالمغرب قبل الثورة الإسلامية في إيران بسنوات طويلة، ويصعب تحديد تاريخ موحد لانتقال الأفكار والمذاهب. لكن يجري التعاطي رسميا مع هذه الحالة باعتبارها حالة سياسية منظمة، وهو ما يخالف الواقع الذي يصفه المراقبون بأنه لا يزال جنينيا سواء في السياق الثقافي والاجتماعي، وهنا لو تركت التشيع دون استيعاب فقد تستثمرها جهات خارجية لحسابات سياسية خاصة. هذه الدعوى المبطنة بأن يتم حماية التشيع وتقبله رسميا ورعايته جاء على لسان الباحث الشيعي المغربي عصام احميدان الحسني وهو مقرب من العلامة السيد محمد حسين فضل الله، وقد ذكر في الموقع الإلكتروني الخاص به أنه كان مالكي المذهب بالوراثة، كما هو حال معظم الشعب المغربي، ثم انفتح على الحركة الإسلامية في سن مبكرة (14 سنة) وعاش في صفوفها إلى أن تحول إلى المذهب الجعفري. وكان لبعض الكتب الشيعية الدور الأكبر في انتقاله إلى المذهب الجعفري، ويرجع الفضل في ذلك وفق سيرته الذاتية إلى الانفتاح الذي عرفه المغرب على الكتاب الشيعي. بحسب بعض المراقبين، فقد بدأ انتشار المدّ الشيعي في المغرب قبل قيام الثورة الإيرانية في عام 1979 ، وقد ساعد نمط التدين في المجتمع المغربي ساعد بشكل غير مباشر في تكييف معطيات التدين الشيعي مع الواقع الاجتماعي للتدين المحلي، خاصة مع انتشار الزوايا والأضرحة والأولياء وثقافة النسب الشريف والانتماء لآل البيت. وهو ما ساعد في استيعاب التشيع من دون حساسية اجتماعية، حتى أن المتشيع في المغرب، بحسب الأخصائي في الحركات الدينية الدكتور محمد الغيلاني - يمكنه أن يعيش وفق طقوسه التعبدية وسط مريدي الزاوية مثلاً، بشكل طبيعي وسلس . ويتبع المنتمين للمذهب مرجعيات كويتية أو عراقية أو لبنانية أكثر مما يتبعون مراجع إيرانيين، وبهذا فإن التشيع في المغرب ليس واحداً، ولا يتسم بالانسجام والتوافق أو التطابق، لأن مصادر التشيع ليست واحدة وخلفياته متعددة ومتناقضة. بهذا المعنى يعكس تناقضات الساحة الشيعية على المستوى العالمي، وهو مازال رهين تلك التناقضات والتجاذبات. من أهم نقاط الضعف في الحالة الشيعية بالمغرب هي عدم قدرتها على إنتاج نخبة محلية، وعجزها عن تنظيم نفسها بشكل يجلب لها فوائد استراتيجية في محيط مازال يشكك في خلفياتها ونواياها وهم بذلك لا يساعدون الآخرين على فهمهم. على الرغم من أنهم لا يظهرون ولا يعبرون عن أي طموح سياسي ضمن الشروط الحالية، كما يبدو أنهم لا يتجهون نحو معاداة الاختيارات السياسية لإمارة المؤمنين، فهم يخاطبون الدولة بوصفها كياناً شرعياً له امتداد في التاريخ ومشروعية دينية يتم تكييفهما مع جهة عقدية تنتمي لمشروع الحكم السياسي وفق وجهة نظر شيعية، ولذلك يركزون على التاريخ العلوي وعلى نسبه الشريف وانتمائه لآل البيت إلا أن التشيع المغربي لازال حالة فردية تلتقي مع ممارسات المغاربة الذين يقدرون آل البيت ويحتفون بالأضرحة، ولكنها لا تحمل حتى الآن مشروعاً مناهضاً للدولة أو للحكم السني في البلاد. رغم انتشار التشيع على امتداد جغرافية المغرب فإن الحديث عن طرق العيش والطقوس مازال أمراً مستبعداً؛ لأنهم لا يعيشون كجماعات ولا يمارسون وجودهم الاجتماعي كطائفة دينية. القاموس العلويون اسم يطلق على المنحدرين من رابع الخلفاء الراشدين، وبالأخص الأئمة منهم. وتتوزع الإمبراطوريات العلوية إلى قسمين، الحسنيون، المنحدرون من الإبن البكر لعلي، الحسن من زوجته فاطمة بنت الرسول [عليه الصلاة والسلام]، الحسينيون، المنحدرون من ابنه الثاني الحسين. ويعتمد هذا الإسم أيضا للإشارة إلى الشيعة، وكل الفرق المتفرعة عنها. الشاذلية تحمل هذه الطائفة هذا الاسم في إشارة إلى مؤسسها أبو حسن الشاذلي، وهي جماعة صوفية. في رحلته إلى الشرق، وهم لم يتجاوز بعد سن الخامسة والعشرين، حل بمنطقة الشرق الأوسط، حيث تعلم العلم الروحي والتصوف. ويتجمع أتباعه في زاوية تحمل نفس الاسم في سيدي بلحسن بتونس. الإباضيون يعتبر الإباضيون إجمالا فرعا معتدلا من الخوارج، وكانوا يشكلون إحدى أقدم مدارس الإسلام، حيث تشكلوا خمسة عقود بعد وفاة الرسول [عليه الصلاة والسلام]. التأسيس لهم كان على يد عبد الله بن عباد التميمي. ويعتبر هذا المذهب الإسلام كلا مكونا من ثلاثة عناصر أساسية: العقيدة، الكلام، والعمل. ويعتبر هذا المذهب هو السائد في الوقت الراهن في سلطنة عمان. الإسماعيليون يعود أصل الإسماعيليين إلى تاريخ وفاة الإمام الشيعي السادس جعفر الصديق سنة 765، وقدوم الإمام السابع إسماعيل، علما أن الشيعة يعتبرون إمامهم الأول هو علي بن أبي طالب. والأمر هنا يتعلق بمذهب "متحفظ" من الشيعة، حيث كان الإمام جعفر الصديق يرفض كل عمل سياسي كسلفه، وهو ما خدم على ما يبدو التيار الشيعي على المستوى المذهبي. وعاش هذا المذهب عصره الذهبي بعد تحالف الإمام عبيد الله المهدي مع أمازيغ قبيلة نفوسة في تونس، مؤسسا بذلك الدولة الفاطمية، التي ستبسط سيطرتها على جزء كبير من شمال إفريقيا. ولحد الآن، يعيش أتباع هذا المذهب في الهند، باكستان، سوريا واليمن. الخوارج يشكل هذا المذهب، مع الشيعة والسنة، أبرز ثلاثة مذاهب في الدين الإسلامي. كان أتباع هذا المذهب يصرون على أنه يتعين على الخلفاء أن يعيشوا حياة مثالية، وأن يتم اختيارهم بطريقة انتخابية من بين أفضل المسلمين، بدون تمييز في الأصل أو القبيلة، وفي ذلك إشارة إلى الشيعة الذين يصرون على الانحدار من أهل البيت، والسنة الذين يشددون على الأصول العربية الأرستقراطية القرشية. يمثل الخوارج إسلاما طهرانيا، ثائر ضد شكل من أشكال الزبونية السنية لأهل الجماعة، وأهل البيت عند الشيعة. ولقد أجازت بعض تيارات الخوارج الخلافة للمرأة. المالكية الأمر يتعلق بواحد من المذاهب الإسلامية الأربعة. أسس له الإمام مالك بن أنس (711 - 795)، عالم الدين والمشرع المنحدر من المدينة. ينتشر المذهب المالكي في شمال وغرب إفريقيا، كما ينتشر في مصر والسودان وفي بعض بلدان الخليج. يتبعه حوالي 20 بالمائة من المسلمين، وهو المدرسة الثالثة من حيث التطبيق، كما أنه هو السائد في فرنسا. المعتزلة أتباع المعتزلة يمثلون النخبة العقلانية في العالم الإسلامي. ويتعلق الأمر بتيار فكري ديني إسلامي ظهر في القرن الثامن. ويناقش المعتزلة عدة قضايا، وبالأخص مسألة ما إذا كان الله خلق الشر، وعلاقة القدر بالحرية، وطريقة تأويل كلام الله المنزل في القرآن. ولقد ظهر هذا المذهب في نفس وقت ظهور تيار السنة والشيعة، وعلى عكسهم اختفى نهائيا في القرن 13 لحساب السنة. الصفويون انبثقت الدولة الصفوية من الجماعة التركية التي ظهرت في أزربدجان حوالي سنة 1301، مع الشيخ صفي الدين، الذي أعطاها اسمها. وكان الصفويون أشد المعارضين للفرقة الإثني عشرية من الشيعة، التي تعتبر الإمام الثاني عشر المخفي قائدها، وهي الفرقة المهيمنة في الوقت الراهن في إيران. الصوفية مذهب يجمع بين الروحانية والزهد، ظهر في القرن الثامن، وانتشر في أوساط السنة، رغم أنه أخذ من الشيعة بعض المبادئ الأساسية، وقام بملاءمتها مع التقاليد السنية. ينتظم أتباع الصوفية في زوايا أو طرق، يؤسسها شيوخ تكون لهم مكانة روحية، ويعتبرون في بعض الأحيان منتسبين لخلف الرسول [عليه الصلاة والسلام] من خلال ابنته فاطمة.