عرف فريق الرجاء البيضاوي كيف يجني غلة المباراة التي جمعته بالدفاع الجديدي، لحساب مؤجل الجولة الثالثة والعشرين من الدوري الاحترافي، وتمكن لاعبو الرجاء من حصد ثمار ثلاث نقط ما أحوجهم إليها في هذا الظرف بالذات، حيث أضحى مصير اللقب بين أقدامهم، لكن شريطة الفوز خلال المحطتين المتبقيتين من عمر البطولة. صحيح أن العناصر الرجاوية لم تقو على رسم صورة ترضي الجماهير الغفيرة التي حجت إلى مركب محمد الخامس، حيث كان الأداء باهتاً على مستوى خطي الوسط والهجوم، لكن العبرة بالخاتمة، ذلك أن فريق الرجاء الذي عاد من بعيد عزز رصيده، وأنعش حظوظه في معانقة العالمية من جديد، ذلك أن ثلاث نقط فقط تفصله عن المتصدر المغرب التطواني. وإذا كان فريق الرجاء ظهر بصورة باهتة لم ترق إلى الحد الأدنى من تطلعات وانتظارات الجمهور، فإن الدفاع الجديدي كان منتشراً بشكل جيد فوق رقعة الميدان، على مستوى جميع الخطوط، رغم الهدف المبكر الذي سجل عن طريق ضربة ثابتة، أحسن استثمارها المدافع اسماعيل بلمعلم بضربة رأسية في الدقيقة التاسعة، وهو هدف لم يحرر لاعبي الرجاء من الضغوطات الكبيرة التي مورست عليهم، كما أن النهج التكتيكي للمدرب عبد الحق بنشيخة المتأسس على الحراسة اللصيقة وملء وسط الميدان، شل من حركية العناصر الرجاوية، وجعلها تكتفي بالدفاع، دون أن تفرض أسلوبها وتفجر إمكاناتها، بل انكمشت إلى الوراء، معتمدة على المرتدات التي كانت محتشمة في أكثر من مناسبة. ويمكن القول بأن فريق الدفاع الجديدي كان أكثر استحواذاً على الكرة، وكان بإمكانه تعديل الكفة في أكثر من فرصة، لكن سوء التركيز وسوء الطالع، ويقظة الدفاع والعسكري... عوامل فوتت على الجديديين العودة على الأقل بنقطة واحدة، لكن رغم الخسارة، فقد ترك الفريق الدكالي انطباعاً مشرفاً. هلال الطير مساعد مدرب الرجاء، الذي حضر الندوة الصحفية وقاطعها الطاقم التقني للفريق الزائر، أكد أن المباراة تميزت بالحذر المبالغ فيه من قبل الفريقين، وأن لاعبي الرجاء عانوا كثيراً من ضغوطات نفسية كبيرة، لكن المباراة مفتاح البطولة. واعترف الطير بقوة الفريق الخصم، موضحاً في ذات السياق «كان الجديديون جيدين دفاعياً، وأغلقوا جميع المنافذ، وخلقوا لنا عدة متاعب، وكان بمقدورهم تعديل الكفة في أية لحظة، إلا أن تدخلاتهم كانت عنيفة»، واعتبر مساعد البنزرتي بأن الأهم هو الحصول على ثلاث نقط، ولو على حساب الأداء. الفوز الذي حققه فريق الرجاء البيضاوي اعتبره المتتبعون جسراً إسمنتياً يعبد الطريق نحو معانقة اللقب، حيث بات الفريق الأخضر مرشحاً فوق العادة للحفاظ على لقبه، وهذه الانتعاشة هي التي جعلت الجماهير الرجاوية تحج بكثرة إلى اللعب، وتعطي بعض الدفء بالمدرجات، وتخلق أجواء التحفيز والاحتفالية خلال هذه المباراة التي قادها الحكم عبد الرحيم اليعقوبي، والتي عرفت قبل انطلاقها استحضار روح قيدوم الصحفيين محمد بوعبيد، حيث وقف الجميع لقراءة الفاتحة، ترحماً على هذا الإعلامي المحنك الذي أسلم الروح لباريها مساء الأربعاء الماضي، بعد عطاء حافل لما يزيد عن ثلاثين سنة.