أشار التقرير السنوي حول حرية الصحافة بالمغرب وأوضاع الصحافة بالمغرب إلى أن الواقع بالنسبة للإعلام العمومي لم يتغير، رغم اللغط الذي رافق النقاش حول هذا القطاع، لأن المقاربة التي تمت، لم تسلك الطريق الصحيح، المتمثل في الذهاب نحو ما طالبت به النقابة الوطنية للصحافة المغربية وما جاء في الدستور، وما هو متعارف عليه في التجارب الديمقراطية، حيث تعتبر هذه الوسائط ملكا للمجتمع، ينبغي أن تتجه نحو الاستقلالية والمهنية والجودة، وتقديم خدمة المرفق العام. واعتبر يونس مجاهد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية خلال تقديم التقرير نهاية الأسبوع الماضي أن مؤسسات الإعلام العمومي «لم تعرف جديدا منذ التسعينيات» من القرن الماضي وقال إنه «لا يوجد حتى الآن توجه لإصلاح حقيقي». وأوضح مجاهد إلى أن التوصيات التي تمخض عنها الحوار المجتمعي حول الإعلام والمجتمع وخصوصا ما تم التوصل إليه في اللجنة العلمية «لم يجد طريقه إلى التنفيذ بعد». وأشار التقرير إلى أن الذي ساد هو التنازع بين منظورين، الأول ينتمي إلى ما قبل دستور 2011، ويتشبث بنفس العقلية ونفس الهيكلة والصلاحيات، ويعتبر نفسه في خدمة كل ما هو رسمي، والمحافظة على التوازنات التي طبعت أداء مؤسسات الإعلام العمومي، من قنوات ومحطات ووكالة أنباء، من منظور ما هو سائد في تجارب العالم الثالث أو الدول الشمولية، والثاني، والمتمثل في الحكومة وأغلبيتها النيابية، والتي روجت لخطاب متخلف يسعى إلى العودة إلى ما قبل دستور 2011 أيضا، بمحاولة تغليب كفة الجهاز التنفيذي، والدفع نحو سيطرته على هذه الوسائل. واستعرض التقرير السنوي حول حرية الصحافة بالمغرب أوضاع الصحافة بالمغرب سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى الإكراهات التي يواجهها الصحافيون أثناء ممارسة مهامهم أو من خلال الأوضاع المهنية في مختلف المؤسسات الإعلامية بالمغرب سواء العمومية منها أو الخاصة. وسجل التقرير السلوك، الذي نعتبره ضد الشفافية وحق المواطن في الخبر، من خلال رفض الحكومة تطبيق قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، بخصوص بث الإحاطة علما، حيث أصدر المجلس أمرا للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بالالتزام بنقل الجلسات كاملة، بما في ذلك مداخلة المستشارين في إطار »الإحاطة علما« المتنازع في شأنها بين الحكومة ومجلس المستشارين. وبغض النظر عن الجدل القانوني، فإنه كان على الحكومة ألا تلجأ إلى الرفض، بل كان عليها، من منطق الانفتاح وإعطاء المواطن حق متابعة ما يجري في البرلمان، أن تسمح بذلك، لأنه في جميع الأحوال يغني الممارسة الديمقراطية. ولذلك سيظل السؤال مطروحا من طرف المجتمع، على المسؤولين الحكوميين، في قطاع الاتصال وكذلك على المسؤولين في الإعلام العمومي و كافة السلطات المتدخلة في الموضوع، عن مدى ترجمتهم للالتزامات التي بموجبها يتولون تسيير هذه القطاعات، من أجل تقديم خدمة عمومية رفيعة و جيدة و تستجيب لحاجيات الممارسة الديمقراطية. وانتقد مجاهد في ندوة صحافية بالمناسبة الحصيلة على مستوى العمل التشريعي لتحصين حرية الصحافة، حيث اعتبر أن هذه الحصيلة سلبية، مشيرا في هذا السياق إلى أنه لم يصدر لحد الآن قانون الصحافة والنشر أو النظام الأساسي للصحافي المهني أو قانون الوصول للمعلومة. وشدد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية في معرض تناوله للقوانين ذات الصلة بالصحافة والتي يتم الحديث عنها حاليا على أن المدخل الأساسي لأي إصلاح في هذا الصدد هو ضمان استقلالية القضاء حتى «لا يتم إفراغ» أي قانون مرتقب من مضمونه. وخلص مجاهد إلى أن التوصيات التي تمخض عنها الحوار المجتمعي حول الإعلام والمجتمع وخصوصا ما تم التوصل إليه في اللجنة العلمية «لم يجد طريقه إلى التنفيذ بعد». وقال التقرير أنه بعد انقضاء نصف عمر الحكومة الحالية فلا حديث عن اصلاح قانون (77/03) المتعلق بالاتصال السمعي البصري في اتجاه ملاءمته مع الدستور الحالي، الذي أتاح إمكانيات واسعة من اجل دمقرطة وسائل الإعلام وتطوير الأداء الإعلامي، بترسيخ الاستقلالية والحرية وإرساء تقاليد مهنية من خلال وضع ميثاق التحرير وتشكيل مجالس التحرير. وأشار التقرير إلى أنه في غياب قانون محين، يأخذ بعين الاعتبار التغيرات و التحولات التي عرفها المغرب على جميع المستويات بما في ذلك الاعلام وخصوصا في شقه السمعي البصري، فانه من الصعب الحديث عن تطوير وتجويد أداء وسائل الإعلام العمومية السمعية البصرية، وخدماتها لمصلحة دافعي الضرائب. وأضاف التقرير أن النقاش الذي خلقه دفتر التحملات، والذي حاد عن أهدافه الحقيقية حيث ظل حبيس آليات تفعيل الحكامة الجيدة والشفافية وتكافؤ الفرص في الإنتاج الخارجي وطلبات العروض بالتلفزيون، التي شهدت عدة تجاوزات رصدتها النقابة، هذا النقاش الذي أصاب الإنتاج التلفزي بالفراغ لمدة طويلة، إنما يعبر عن اللامبالاة التي تعاملت بها الحكومة مع المرفق العام والخدمة العمومية في علاقتها مع دافعي الضرائب كما تم إهمال الالتزامات الأخرى المتعلقة بالأوضاع المهنية والمادية للصحفيين والعاملين في القطاع السمعي البصري العمومي . وأوضح أن النقابة نظمت في 19 دجنبر 2013، يوما دراسيا، حول «مستقبل الإعلام السمعي البصري، في ضوء الإصلاح الدستوري»، مع جمعية مقاولات قطاع السمعي البصري » وأسفر عن توصيات هامة، تعتبره برنامجا جديا لهذا الإصلاح، من بينها: وضع خارطة طريق للقطاع، عبر حوار وطني، بمنهجية تشاركية ونقاش عمومي وواسع، تساهم فيه المؤسسات الدستورية والسلطات والقطاع والمجتمع المدني، والخبراء والمعنيون من فاعلين ومنتجين ومستهلكين. الإقرار بضرورة تقوية وتعزيز القطاع العام، كأساس للمجال السمعي البصري في المغرب، وكنواة صلبة لتقديم خدمة عمومية. وتظل المؤسسات، الخارجة عن هذا الإطار، خاضعة للالتزامات والتعاقدات المتوافق عليها، والمؤطرة بالدستور والقوانين. ضرورة تحديد تصور جديد لمفهوم الخدمة العمومية بهدف الانتقال من التوجه الرسمي إلى تطبيق مقتضيات المرفق العام، انطلاقا من المبادئ الواردة في الدستور، ومن التجارب الدولية المتقدمة في هذا المجال. احترام مبدأ الحق في الخبر والوصول إلى المعطيات، واعتبار تعددية الآراء من المبادئ الكبرى، التي ينبغي احترامها، من طرف وسائل الإعلام السمعية البصرية، عمومية وخاصة. الالتزام باستقلالية وسائل الإعلام العمومية السمعية البصرية، عن كل الأطراف، من سلطات وأحزاب سياسية ومجموعات اقتصادية وتيارات إيديولوجية. إعادة النظر في الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، من حيث المهام والتركيبة والتمثيلية وطريقة التعيين وتجديد العضوية، بناءاً على المبادئ الواردة في الدستور في ضوء تقييم تجربتها، لجعلها أكثر انفتاحا على المجتمع وعلى المهنيين، وخارج أية هيمنة سياسية أو إيديولوجية أو إدارية. - توسيع صلاحيات الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، خاصة على مستوى الإحالة الذاتية، حتى تلعب دورها، طبقا للقانون، في تطوير القطاع والتزامه بتعاقداته وأدواره. تخويل الجهاز التشريعي سلطة أكبر، في مراقبة ومواكبة وسائل الإعلام العمومية، السمعية البصرية، والتوجه نحو اعتبار البرلمان هو المجال الأنسب والأفضل للقيام بدور المحاسبة والمتابعة. - مراجعة القوانين المؤطرة للقطاع، في ضوء الإصلاحات الدستورية والتطورات السياسية، الحاصلة في المغرب، نحو مزيد من الانفتاح وتكريس التعددية في الآراء والحق في الاختلاف، ونحو تعزيز تمثيلية المهنيين والمجتمع في المجالس الإدارية لمؤسسات الإعلام العمومي. تطوير آليات الحكامة في التسيير الداخلي لمؤسسات العمومي السمعي البصري، خاصة في إدارة الموارد البشرية، وذلك عن طريق وضع قواعد تكافؤ الفرص واعتماد الكفاءات وربط المسؤولية بالمحاسبة ووضع برنامج متطور للتكوين والتكوين المستمر، و احترام كل مبادئ الشفافية الضرورية، في تسيير مؤسسات الإعلام العمومي، السمعي البصري، من أجل تدبير عصري وحداثي، يتلاءم مع آليات ومقتضيات المراقبة والمحاسبة. اعتبار وسائل الإعلام العمومية، السمعية البصرية، رافعة أساسية في تنمية الثقافة والفن والترفيه الراقي، وذلك بالانفتاح على مختلف المكونات الثقافية والفنية، وعلى الخبرات والكفاءات والمكونات الثقافية والفكرية و الفكرية والفنية، من أجل وسائل الإعلام أدوات في تطوير قدرات المجتمع والإنتاج الوطني والتربية. تعزيز دور وسائل الإعلام السمعية البصرية في تطوير الحوار السياسي والتعددية والتنوع، ومحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة وتصحيح الصورة النمطية حولها، ونشر ثقافة حقوق الإنسان ومبادئ الحداثة والديمقراطية. إرساء القواعد والآليات الضرورية، لضمان الاستقلالية المهنية لوسائل الإعلام السمعية البصرية، وذلك بواسطة ميثاق ومجلس للتحرير، منتخب بطريقة ديمقراطية، ووضع الهيآت والهياكل المستقلة لاحترام أخلاقيات المهنة والتجارب مع متطلبات الجمهور، في الارتقاء بدور هذه الوسائط. وضع مخطط شامل، لتطوير مجالات الإنتاج الثقافي والفني، والصناعة السمعية البصرية، ومختلف الفنون المرتبطة بها، سواء على مستوى التمويل أو التحفيز أو التكوين، بتنسيق مع المنظمات الوطنية الفاعلة في هذه الميادين. القيام بإصلاحات شاملة في قطاعات الإعلام، على مختلف المستويات القانونية والمؤسساتية، استجابة لمتطلبات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وعلى المستوى المالي والمؤسساتي والتجاري والصناعي لتطوير الاستثمارات وتنويع الموارد وتنمية القدرات، دون التساؤل في التمركز والاحتكار.