انطلقت يوم أمس الإثنين في بروكسيل أشواط الجولة الرابعة من المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوربي حول اتفاق التبادل الحر والشامل، وقد أكد الاتحاد الأوربي أول أمس أنه ينتظر أن تكون هذه المحادثات التي ستستمر على مدى 5 أيام «بناءة لمواصلة المضي نحو اتفاق سيشكل نقطة تحول حاسمة في العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوربي والمغرب». وينتظر المراقبون أن يدخل الطرفان المتفاوضان خلال هذه الجولة الجديدة في مناقشة تفاصيل أكثر دقة حول محاور الاتفاق، نقطة نقطة، وذلك بعدما سمحت الاجتماعات الموسعة التي أجريت خلال الجولة الثالثة بالرباط ببلورة الإطار الأول من الاتفاق، حيث قامت 11 لجنة عمل بمسح مختلف أفقي لمختلف الاشكاليات التي يطرحها اتفاق الشراكة الموسعة انطلاقا من قوانين المنافسة والملكية الفكرية والتدابير الصحية واللوائح التقنية للمنتجات الصناعية ومعايير المطابقة ... إلخ. واليوم ينتظر أن يشمل النقاش فصولا أكثر تقدما. وهو ما يتطلب قدرا كبيرا من الدقة، لأن هذه الاتفاقية، و خلافا لغيرها من الاتفاقيات الموقعة حتى الآن من قبل المغرب ، سواء مع الولاياتالمتحدةالأمريكية أو تركيا أو اتفاقية أكادير..، لا تهم فقط تحرير التجارة وإلغاء الرسوم الجمركية، وإنما تشمل التقارب التنظيمي و إزالة الحواجز التقنية أمام التجارة. ويهدف الاتفاق إلى تسهيل التجارة و الإجراءات الجمركية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وتعزيز التعاون الجمركي. وسيمكن هذا الاتفاق الموسع بالاعتراف المتبادل حول معاير المشغل الاقتصادي المعتمد (AEO)، وبالتالي تسهيل ولوج الشركات المغربية الى السوق الداخلية للاتحاد. كما يهدف الاتفاق أيضا الى تعزيز التعاون الثنائي في مجال الأنظمة التقنية، والمنافسة، والمعايير والمقاييس ومراقبة السوق وإجراءات تقييم المطابقة. ومع ذلك فإن هنالك مخاوف مبررة من المهنيين إزاء هذا الاتفاق، خصوصا وأن اتفاقيات التجارة الحرة لم تكن دائما مفيدة للمغرب. كما أن دراسات أجريت حول الموضوع أكدت بوضوح الآثار السلبية لهذه الاتفاقية على قطاعات بعينها . كما هو الشأن بالنسبة للقطاع الصحي حيث تحذر العديد من الجمعيات من الانعكاسات الخطيرة التي قد يخلقها هذا الاتفاق على سعر الأدوية الجنيسة مثلا والتي قد تتعرض للمضايقة بسبب التشديد في تفعيل قوانين حماية الملكية الفكرية. لذلك، فإن إشراك المجتمع المدني في بلورة سيناريوهات الاتفاق الموسع مع الاتحاد ليس مطلبا جمعويا فحسب، بل هو مطلب أوروبي بالأساس، خصوصا وأن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوربية أوصت بإحداث لجنة استشارية بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي ونظيره الأوربي لإشراك منظمات المجتمع المدني في بلورة اتفاقيات الشراكة الموسعة الجارية بين المغرب والاتحاد الأوربي. إذ أن الاتحاد الأوربي يشترط، للتقدم في اتفاقيات الشراكة الموسعة مع المغرب، ضرورة إشراك الحكومة المغربية للمجتمع المدني في صلب النقاش الدائر لبلورة اتفاق التبادل الحر والكامل بين الطرفين. كما أن الاتحاد الأوربي مطالب هو الآخر بالرد على الانشغالات التي أعربت عنها العديد من الجهات في المغرب من كون إبرام اتفاقات تجارية جديدة مع الاتحاد الأوربي قد تتسبب في مزيد من تدهور الميزان التجاري للمملكة، سيما وأن التقرير الأخير لهذه اللجنة أكد بالحرف على أنه «يتعين على الاتحاد الأوربي الرد على الشكوك المتزايدة من المجتمع المدني المغربي من خلال اعتماد استراتيجية تجارية لا تعزز فقط تبادل السلع، ولكن أيضا تسمح بخلق وظائف لائقة وبتشجيع النسيج الجمعوي، وتوطيد حقوق العمال وضمان احترام البيئة «.