قامت سلطات مراكش مساء الأربعاء 19 مارس 2014 بحملة لتحرير الملك العمومي بمجموعة من الممرات و الأسواق في قلب المدينة العتيقة . و جندت لذلك عددا مهما من أفراد القوات المساعدة و أعوان السلطة الذين عملوا على إنذار أرباب المحلات بوجوب إجلاء السلع المعروضة خارج متاجرهم بالشارع العام و خاصة بحي المواسين و باب فتوح و القصور و دفة و ربع و القصور . و كلها فضاءات أضحى التحرك فيها صعبا و في حالات كثرة مستحيلة بفعل احتلال الطريق الذي تحولت وظيفته من ممر إلى رواق تحتكره البضائع التابعة لبعض أصحاب المتاجر المتواجدة هناك أو من قبل الباعة المتجولين . و اعتبر تحرك السلطة مساء الأربعاء بالأحياء المذكورة مجرد حركة إنذارية ، سيعقبها تحرك حازم من أجل تحرير الملك العمومي ، و إرجاع الممرات المتواجدة بالأسواق و الأحياء المشار إليها أعلاه ، إلى وظيفتها الطبيعية و إحلال قليل من النظام بها بعدما اضحت الفوضى و التسيب هو المبدأ المتحكم فيها حتى صار الناس يتساءلون إن كنا فعلا نعيش في مجتمع تضبطه الدولة و القوانين . وهكذا أعاد سكان مراكش اكتشاف عدد كبير من الفضاءات بمدينتهم من شوارع و مدارات و ساحات عمومية إثر تحريرها من الباعة المتجولين الذي هيمنوا عليها لسنوات طويلة ، حتى نسي الناس ملامحها إثر التغيير الذي حصل على وظيفتها . ففي ظل التحرك الحازم الذي أبدته في الأسابيع الأخيرة السلطات بالمدينة الحمراء ، و الذي لقي استحسانا كبيرا من قبل عموم السكان ، استعادت بعض أحياء مراكش و شوارعها بل و حتى دروبها ، بعضا من ملامحها الحضرية ، بعد أن اغتربت لفترة طويلة في حلة من الترييف الذي فُرض عليها بفعل تهاون المصالح المعنية بصد محاولات احتلال الملك العمومي و حماية الطابع الحضري للمدينة . حتى غدا كل حي و شارع يأوي أسطولا كبير مكونا من آلاف العربات الحديدية المجرورة بالدواب المحملة بالبضائع معلنة بلا تردد أن ما كان يسمى مدينة مراكش لم تعد سوى بادية معلبة في صناديق إسمنتية . الارتياح الذي أبداه المواطنون لحملة السلطات بمراكش لتحرير المجال العمومي من تطاول الباعة المتجولين عُبر عنه من مواقع مختلفة . فبالنسبة للتجار الذي يمارسون نشاطهم بمحلات قانونية تحمل رقم السجل الضريبي ، فهذه الحملة خففت من عبء منافسة غير متكافئة بين تجار حولوا الشارع إلى محلات تجارية من دون أدنى التزام ضريبي أو كلفة للكراء أو ارتباط بالماء و الكهرباء ، ضاربين سياجا سميكا حول المتاجر المفتوحة بهذه الأحياء ، و مسببة لها في كساد كبير . و بالنسبة للسكان فالحملة ، أتاحت لهم على الأقل أن ينعموا بأحياء تتوفر على الحد الأدنى من النظافة المطلوبة في مجال معد للتعمير البشري ، و حررتهم من سنوات طويلة من الصخب و الضوضاء التي ملأت فضاء عيشهم من دون احترام لحميمية الفضاءات المعدة للسكن ، بل حررتهم من سلسلة من الإهانات التي تترصدهم عند احتجاجهم على تحول أزقتهم و دروبهم إل أسواق عشوائية ، أو عند مطالبة بعض هؤلاء من التنحية قليلا من باب البيت أو المنزل ، حيث يكون مصيرهم التعنيف و تلقي سيل من السب و التهديد . و بالنسبة للمارة و مستعملي الطريق ، فقد ذكرت هذه الحملة بأن هناك فعلا ممرات منظمة بالمدينة بها شوارع مخصصة للدراجات و السيارات و على جانبها أرصفة مخصصة للراجلين . ففي ظل سنوات الاستيلاء على هذه الشوارع طُرد الراجلون من الأرصفة بعد أن تحولت إلى واجهة لعرض بضائع الباعة المتجولين ، و اختلط في شريط ضيق بعد امتد مجال تواجدهم إلى الشارع نفسه ، كل مستعملي الطريق من راجلين الذين يسيرون جنبا إلى جنب مع السيارات و الحافلات والشاحنات .