جماعة أهل تفنوت بأعالي جبال الاطلس الكبير المجاورة لجماعة تبقال بإقليم تارودانت، لاتختلف عن هذه الاخيرة في شيء سوى انها تعاني من سؤ التسيير والتدبير، وما يميزها أيضا أن أسرة تتناوب وتتوارث تسييرها، حتى اضحت ضيعة خاصة بهذه الاسرة تفعل بها ما تشاء وكيف تشاء ومتى تشاء، ذلك ما استنجته من كلام العديد من سكان هذه الجماعة الذين التقيتهم في مركز هذه القرية، حين وصلتها كانت الشمس قد توسطت كبد السماء وبرد قارس جمد الدماء في الاجساد، المركز الذي يضم مستوصفا ومدرسة ابتدائية ومقر الجماعة وبعض المحلات التجارية عبارة عن زقاق تتداخل فيه هذهرالمحلات وهو ايضا الطريق الذي يربط هذه الجماعة بالطريق المؤدي الى اولوز من جانب ويربطها بجماعة تبقال من جانب اخر. تحولت البستنا الى اسمال ونحن تجول في هذا الزقاق الذي هو مركز الجماعة، كان الغبار يتطاير علينا، ليس هناك ما يوحي ان عملا ما يتم لاخراج هذه الجماعة من غياهب التهميش والتخلف، الشيء الوحيد الذي كان نسبيا مصبوغا وهو مقر الجماع الموجود على منعرج نهاية زقاق المركز.. لكنها بناية لت تقدم تية خدمة للساكنة، ما يؤكد كلام بعض اعضاء الجماعة ممن اسهبوا في الحديث عن مشاكلهم مع مسييري هذه الجماعة واغلبيتهم المفبركة، يقول احد اباعضاء الجماعيين: مشاكلنا كلها مرتبطة برئيس الجماعة، وتتجلى في انه يعمل على بث التفريقة وسط ساكنة القبيلة، حين مناقشتنا لميزانية الجماعة طالبنا منه ان يتعامل مع كل الدواوير وجهات الجماعة بنوع من التساوي والتوازن ودون تمييز غير انهيهمش دائما الدواوير التي لا يحظى فيها بالاسواط اثناء الانتخابات بما يمكن ان نسميهنوعا من الانتقام.. طالبنا منهايضا تمكيننا من المحضر الذي انجزته لجنة المالية وقلنا له بأننا سنتوجه الى السيد العامل في حالة رفضه، فكان رده بنوع من التنطع وقال، سأعطيكم المحضر وبعدها اذهبوا الى العامل او تجاوزوه الى جهة أخرى.. " وأضاف مستشار اخر: " الواقع ان هذهالاسرة تحكمت في ذواليب هذه الجماعة منذ سنين، ولا تقد م اية خدمة، إلى درجةان ابسط خدمة تقدم في كل الجماعات بالمغرب بكامله في مدنهوقراه وهي المصادقة على الوثائق وتصحيح الإمضاءات، هذه الخدمة البسيطة يحرم منها المواطن في هذه الجماعة ويتطلب الحصول عليها عدة أيام وما يلي ذلك من (سير واجي)، بينما يتلقى سكان جماعة تبقال المجاورة لنا نفس الخدمة في ثوان معدودة ودون أية صعوبة.. ونفس الشيء بجماعة إيكيدي، غير أن جماعة أهل تفنوت وحدها ضد مواطنيها، ولسنا ندري هل هي جماعة أسست لخدمة الساكنة أم أنها ضيعة خاصة بأسرة محددة..؟!!" المستشارون الجماعيون المشكلون للمعارضة يعانون الكثير من التهميش والمعاناة ومازالوا مصرين بتحدي لمواجهة العبث الذي تعيشه هذه الجماعة من طرف الرئيس وأغلبيته، ولعل مجرد إطلالة بسيطة على الحساب الإداري سيتأكد بالفعل أن مسيري هذه الجماعة مصرين على التعامل بمكيالين و ليست لديهم الرغبة في النهوض بهذه الجماعة ونفض الغبار عنها، بل إنهم يزيدون من تعميق جراحها، وفي هذا يقول احد المستشارين الجماعيين: " إن الحساب الاداري لهذه الجماعة يعرف الكثير من الخروقات والتجاوزات، ويتميز بسوء التدبير وغياب ترشيد النفقات، ويذهب غالبه في أشياء ليست فيها أية مصلحة عامة، وقد توجهنا كأعضاء جماعيين في المعارضة لدى عامل اقليمتارودانت مرتين وقدمنا له الحساب الاداري للسنتين الأخرتين وبينا له مواضع الخلل، ووعدنا بأنه سيبعث بلجنة للفحص والتحري ولكن لا شيء من ذلك تحقق.." لا تعجبوا فهذه الجماعة سيرها شخص لا يتوفر على شهادة ابتدائية ولعدة سنوات وحين تم فرض ان يكون الرئيس حاصل على الأقل الى الشهادة الابتدائية دفع بابنه ليكون رئيسا بينما تحول هو الى نائب لابنه قبل ان يموت أما اخوه فهو الكاتب العام بينما موظفا الحالة المدنية هم أصهار هذه الأسرة.. إذن أسرة واحدة تتحكم في كل شيء داخل هذه الجماعة دون ان تقوم بأي شيء لصالح الساكنة.. يقول عضو جماعي: إن الرئيس جمد الكثير من المشاريع التي صادق عليها المجلس ومن ضمنها تلك التي دعمتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فمنذ سنوات تدعم المبادرة الجماعة بما قدره مائة مليون سنتيم كل سنة قصد إنجاز عدة مشاريع، لكن الرئيس جمد هذه المشاريع وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصرشبكة الماء الصالح للشرب بدوار أسراك والسوق الاسبوعي، كما جمد مشروع الدار المتعددة الاختصاصات بدوار تيوتغرام، نفس المصير لقيه مشروع قنطرة شعبة إغيل، وقنطرة شعبة تاكتت، مشروعين بُرمجا منذ سنتين وصادق عليهما المجلس، وبدل أن يعلن عن الصفقة بشكل قانوني في الصحف كما هو معمول به، إلا أنه فوت الصفقة لمقاول بشكل مباشر وهو الامر الذي رفضته سلطات الوصاية.. هكذا إذن يتبين أن الرئيس يقف ضد مصلحة الجماعة بل بلغ به الأمر أن يعرقل مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.."-- اذا كان الماء هو الروح التي تبث الحياة في كل شيء فسكان هذه الجماعة لا يتوفرون على الماء الصالح للشرب، رغم ان اسم هذه الجماعة مرتبط بواحدة من أشهر البحيرات في المغرب وشمال افريقيا وهي "بحيرة تفنوت" ورغم أن هذه المناطق الجبلية لما تعرفه من تساقطات الثلوج تعد خزانا مهما للمياه بل هي المزود الرئسي لكل الوديان والانهار، فجبال الاطلس هي المصدر الرئيسي لكل انهار المغرب فلا يعقل أن تكون المناطق الجبلية محرومة من المياه خاصة منها الصالحة للشرب، اليس هذا تناقض كبير يؤكد بالفعل عبث المسؤولين، أو عدم قدرتهم على توفر أهم أساسيات العيش والحياة والتي هي الماء. يقول احد الاعضاء الجماعيين: "هناك محرك لضخ المياه موجود منذ 1975، لكنه لا يضخ المياه الا في المناسبات التي تحضرها السلطات المحلية كزيارة عامل الاقليم مثلا، ومنذ سنتين تم شراء محرك جديد غير انه لا يستعمل الا ساعتين خلال يوم السوق الاسبوعي فيما مياه الصهريج موجهة مباشرة لبيت الرئيس دون ان يربطه بباقي سكان دوار المركز، وحتى تجار ومقاهي المركز لا تستفيذ من الماء.." الوضع الصحي كما هو الشأن لباقي المناطق الجبلية مازال مريضا ومتأزما وابسط ما فيه هو سيارة الاسعاف التي سبق للمجلس ان قرر مجانيتها لكي يستفيذ منها مرضى وحوامل الجماعة، غير ان هذه السيارة تحولت الى سيارة لنقل الاعضاء المشكلين للأغلبية بالجماعة من المقر الى دواويرهم كما ان الرئيس يستغلها احيانا لأغراضه الشخصية ذلك ما صرح لنا به بعض السكان، بينما اكد لنا عضو جماعي ان من ضمن برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي صادق عليه المجلس سنة 2011 هي تمكين الجماعة من سيارة اسعاف مجهزة لكن مصيرها كمصير باقي المشاريع المبرمجة في هذا الاطار والتي تماطل الرئيس في تنفيذها الى الان. التعمق في جماعة اهل تفنوت الجبلية سيكشف لنا على الكثير من الاسرار والتوابث واهمها صمود المرأة التي تتحدى الطبيعة وفي نفس الان العقلية الذكورية للمجتمع، ورغم أنها تقوم بكل شيء سواء في البيت او خارجه الا ان لا احد فكر في فكها من هذا الشقاء.. فهي التي تحيي المنطقة لان اغلب الرجال من الشباب يهاجرون الى المدن بحثا عن موارد وأغلبهم ينقطع مبكرا عن الدراسة وهذا يحيلنا عن المعاناة الحقيقية للسكان وابنائهم في حقهم في التعليم حيث ما تزال سياسة الدولة فاشلة في التغلب على الكثير من الصعاب التي تمس الساكنة وبناتهم وابنائهم وكذا الاطر التي تجد نفسها منفية الى هوامش معزولة وبالتالي لا تستطيع ان تقدم الجودة اللازمة.. تفنوت بكل بهائها وسحرها الطبيعي لم تستطع اخفاء جراحها والتي حاولنا الكشف عن بعضها في هذا الاستطلاع لكن جبالا من المعاناة وتلالا من الصعاب تنافس هذه الجبال في ثقلها، سنعرض لها في مناسبات اخرى.. إن التحدي الذي مازال يواجه بلادنا هو ضرورة التصالح مع هذه المناطق في المغرب العميق، والاهتمام بثروته البشرية، لعلنا نخطو نحو افق مستقبلي، يزيح عنا رواسب التخلف والتهميش التي يريد البعض الابقاء عليها وكأنها مصير محثوم..