تعتبر رواية « Le conquerant de l?empire imaginaire « ، للكاتب وعالم السياسة الأستاذ عبد الله ساعف ، والتي صدرت مؤخرا عن منشورات «La croisée des chemins» من الأعمال الروائية المغربية القليلة التي تستفرد بسمة التخييل التاريخي ، وهي أيضا من النماذج التي استلهمت التاريخ من اجل صياغة تاريخ تخييلي لفهم الذهنيات والطبائع والعلاقات بالسلطة. تستقطع الرواية فترة محددة من التاريخ المغربي وهي الفترة الممتدة من 1591الى1630 والتي شهدت انطلاق الحملة العسكرية التي وجهها الملك احمد المنصور الذهبي إلى إمبراطورية الصنغاي في عهد عاهلها اسكيا إسحاق الثاني.وقد عين على رأس هذه الحملة جودار الذي استطاع بعد عبوره الصحراء، وبعد سلسلة من الاشتباكات أن يهزم جيش اسكيا إسحاق الثاني في معركة نونديبي حيث أرغم هذا الأخير على الاندحار نحو غاو ، قبل أن يسلم المدينة إلى المغاربة بصفة نهائية. بعد تحقيق النصر ، يظهر جودار باعتبارها بطلا، إلا انه كان مترددا ومشوش الذهن في تدبيره لهذا الظفر ، لاسيما بعد محاولة السكيا مقايضة انسحاب الغزاة بمجموعة من القطع الذهبية ومن الرقيق. وفي الوقت الذي كان يغوص فيه جودار داخل الغابة الإفريقية ، كانت الرسائل والتقارير المخيفة تصل بين يدي السلطان انطلاقا من الجهات الجديدة للإمبراطورية حول وضعية مجموع بلاد السودان وحول الانحرافات الخطيرة لجودار . لذلك اتخذ الملك قرارا ببعث السارد من اجل تقييم الوضعية العامة للإمبراطورية في السودان ومعرفة ما الذي حصل لجودار الذي بدا يظهر كشخص يبتعد عن عالم السياسة والحرب بكيفية لا رجعة فيها . إن الرواية هي إذن تقرير يقتفي آثار شخصية من أكثر الشخصيات التي جذبت إليها الأنظار في التاريخ السياسي لبلاد المغرب.مع توظيف مجموعة من العنصر الاطوبيوغرافية في محاولة للكشف عن حالات توتر الوعي. كما أن رواية عبد الله ساعف تقتصي من القارئ أن يقراها دفعة واحدة حتى لا يضيع منه جزء من أجزاء المتاهة الحكائية ، كما أنها تشكل مجالا لتفكيك الترميزات الحاضرة والغائبة في انساق المجتمع المغربي.