لعل من أهم المكتسبات التي يحق للمغرب أن يفتخر بها هو مساحة الهامش الممنوح للعديد من الاٍطارات «المدنية» خاصة العاملة في مجال " حقوق الاٍنسان" بالأقاليم الصحراوي، و هو هامش اذا كان للدولة دور فيه و في اتساعه فلا يجب اٍغفال أو نكران الحركية النضالية للعديد من الفاعلين المحليين، الذين ظلوا يدافعون عن حقهم في التنظيم و الاٍحتجاج بحرية دون المساومة بموقفهم و مقايضته بالموقف من القضية و الأرض، و اذا كان هذا الهامش قد عرف اتساعا و سمح لبعض التعبيرات ذات الحمولة " الاٍنفصالية" في التواجد والتعبير عن ذاتها و بقبول الدولة بها والتعايش معها بالاٍقاليم الصحراوية، رغم بعض الأخطاء التي وقعت فيها للوصول لهذه اللحظة من تدبير الملف محليا، فاٍنه لابد اليوم من التوجه بالسؤال للعديد من هذه التنظيمات " الحقوقية" التي توجه أنشطتها و أهدافها المركزية في "الدفاع عن حقوق المواطن الصحراوي"، وهي مهام لا يمكن لأي حقوقي و أي مؤمن بمبادئ حقوق الاٍنسان الكونية اٍلا أن يتبنى هذه المطالب وأن يناهض أي انتهاك قد يتعرض له أي اٍنسان أينما كان ليس فقط بالأقاليم الصحراوية. هذا من ناحية المبدئ الذي قد لا يقع الاٍختلاف عليه و حوله، لكن بالعودة لتتبع التنظيمات «الحقوقية» العاملة بالأقاليم الصحراوية التي تتمحور حول المواطن الصحراوي وحول حقوقه السياسية، الاٍجتماعية، الاٍقتصادية والثقافية...واٍذا كنا متفقين حول الأهداف الحقوقية المبدئية كما سلف ذكره، فاٍن الأمر يطرح أكثر من علامة استفهام خاصة عندما يتعلق الأمر بالسؤال عن موضوع الهدف أي المواطن الصحراوي، ويجعل المتتبع يقع لدي خلط حول من هو المواطن الصحراوي الذي يتم الدفاع عن حقوقه، والذي يجب أن يتمتع بها و يمارسها؟ حيث تظل أهم الاٍطارات المعنية بهذا الموضوع هي تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الاٍنسان الذي تعتبر أمينتو حيدر أحد أبرز وجوهه، والجمعية الصحراوية لضحايا الاٍنتهاكات الجسيمة لحقوق الاٍنسان والتي يعد كل من ابراهيم دحان و الغالية ادجيمي أبرز قياداته، والمرصد الصحراوي للطفل والمرأة المؤسس سنة 2012 بالعيون وتعد " الناشطة" فاطمتو منة شهيد المعروفة بباري زعيمته، و لجنة مناهضة التعذيب في الصحراء المتمركزة بالداخلة منذ سنة 2006.....و غيرها من الاٍطارات التي تقدم نفسها للرأي العام الوطني و الدولي بأنها تدافع عن حقوق المواطن الصحراوي بالاٍضافة اٍلى بعض الأسماء و الشخصيات الصحراوية التي تعتبر نفسها من الوجوه "الحقوقية" البارزة بالأقاليم الصحراوية، واذا كنا لا نهدف من هذا المقال تخوين أو اتهام أي كان بالعمالة أو غيرها....فاٍن ما تعيشه المخيمات من حركية شعبية وهبة حقوقية للمطالبة بالتغيير الحقيقي وبالحرية وبمختلف الحقوق المنصوص عليها في المواثيق والاٍعلانات العالمية لحقوق الاٍنسان وما يتعرض له شباب المخيمات من تنكيل و حصار سواء على يد عسكر الجزائر وما استشهاد شابين مؤخرين بالمخميات على يد عسكر الجزائر " 6يناير 2014" واعتصام الشباب في الشهيد الحافظ يجعل من طرح السؤال على هذه التنظيمات والشخصيات "الحقوقية" لتقديم موقفها الحقوقي مما يجري بالمخيمات من انتهاك لأبسط الحقوق التي يدعون الدفاع عليها واجب ملح لمعرفة حقيقة الشعارات التي يرفعونها، فاٍذا كانت هذه الاٍطارات وغيرها تعتبر نفسها معنية بحماية حقوق المواطن الصحراوي وهو حق لا يمكن اٍلا الدفاع عنه من الناحية المبدئية فٍانه السؤال الذي يطرح: أليس المواطن الصحراوي الذي تنتهك حريته ولا يتمتع بأدنى شروط الحق في التعبير والتنظيم....غير معني بالحقوق الكونية التي تم تبنيها من طرف هذه التنظيمات؟ أليس من يتعرض للاٍعتداءات المتكررة سواء على يد قوات الجبهة أو عسكر الجزائر ومطاردتهم في الصحراء جنوبا في اتجاه موريطانيا....هم أيضا مواطنون صحراوين وجب الدفاع عنهم وحماية حقوقهم بنفس القوة والشراسة التي يطرح فيها موضوع حقوق الاٍنسان بالأقاليم الصحراوية؟ أليست الجزائر اليوم تخرق اتفاقية اللاجئين من خلال حرمان اللاجئين الصحراويين بأرض اللجوء"المخيمات" من الحقوق التي كفلتها لهم هذه الاٍتفاقية الدولية؟ أليست المحاكمات الصورية التي تتم بالمخيمات للنشطاء والمختفين و ضحايا الاٍنتهاكات الجسيمة لحقوق الاٍنسان هناك معنيون أيضا بالدفاع عنهم وعن مطالبهم؟ أليس ما يتعرض له اللاجئون من حصار اٍعلامي و سياسي، و حقوقي وحملة التخوين التي تطال كل المعارضين للجبهة و لقيادتها والاٍعتداءات التي ترصد بشكل شبه يومي لمختلف النشطاء بمخيم الرابوني، السمارة والداخلة وأسرود وغيرها من المخيمات تفرض كذلك مطالبة قوات المينورسو التدخل لحماية المواطنين الصحراويين هناك؟ أليست هذه التنظيمات معنية بالوقائع الثابتة التي تؤكد قيام قيادة الجبهة بالتجارة في المساعدة الاٍنسانية بينما المواطن الصحراوي يعيش تحت عتبة الفقر المدقع؟ اٍنها أسئلة اٍلى جانب أسئلة أخرى تحتاج هذه الجمعيات وبعض النشطاء من ضرورة الاٍجابة عنها مادموا يقدمون أنفسهم كمدافعين عن " الشعب" الصحراوي، ومادام من يوجد في المخيمات من لاجئين هم أيضا ينتمون لنفس التركيبة الاٍجتماعية و الثقافية التي ينتمي اٍليها هؤلاء النشطاء، اٍن الدفاع عن حقوق الاٍنسان هو مبدئ لا يتجزأ ولا يجب أن يتأثر بالموقف السياسي أو بالاٍنحياز لجهة ما على حساب هذه المبادئ الكونية، وهو ما يجب القيام به من طرف هذه التنظيمات التي لحدود اللحظة لا تنظر لما يجري بالمخيمات من انتهاك يومي لحقوق الاٍنسان، وهي الاٍنتهاكات المرصودة والموثقة بأدلة دامغة تظهر مدى حجم معانات صحراويوا المخيمات، أما الاٍقتصار على طرح خروقات لجهة ما دون الأخرى فهذا يدعو اٍلى ضرورة مطالبة هؤلاء النشطاء بتغيير لونهم وطبيعة اشتغالهم والتعبير عن حقيقة مواقفهم السياسة التي يغلفونها بطابع حقوقي هم بعيدون كل البعد عن جوهره و عمقه الاٍنساني الكوني الذي لا يجب أن يتأثر بموقف سياسي بل تكون مرجعيته الوحيدة هي المواثيق والاٍعلانات العالمية لحقوق الاٍنسان.