ائتلاف حقوقي: تجميد "ترانسبارانسي" عضويتها من هيئة الرشوة إعلان مدوي عن انعدام الإرادة السياسية في مواجهة الفساد    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    الصين تندد بالرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على منتجاتها    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    تبادل الضرب والجرح بالشارع العام يوقف ستة أشخاص بالدار البيضاء    هذه توقعات الأرصاد الجوية اليوم الأحد بالمغرب    طنجة تتأهب لأمطار رعدية غزيرة ضمن نشرة إنذارية برتقالية    تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المغرب    نشرة انذارية…تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المملكة    توقيف 3 صينيين متورطين في المس بالمعطيات الرقمية وقرصنة المكالمات الهاتفية    ترامب يعلن عن قصف أمريكي ل"داعش" في الصومال    ريال مدريد يتعثر أمام إسبانيول ويخسر صدارة الدوري الإسباني مؤقتًا    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    "بوحمرون".. الصحة العالمية تحذر من الخطورة المتزايدة للمرض    الولايات المتحدة.. السلطات تعلن السيطرة كليا على حرائق لوس أنجليس    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    شركة "غوغل" تطلق أسرع نماذجها للذكاء الاصطناعي    حجز أزيد من 700 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة بطنجة    توقعات احوال الطقس ليوم الاحد.. أمطار وثلوج    اعتبارا من الإثنين.. الآباء ملزمون بالتوجه لتقليح أبنائهم    الشراكة المغربية الأوروبية : تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب ودمج CNOPS في CNSS    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    زكرياء الزمراني:تتويج المنتخب المغربي لكرة المضرب ببطولة إفريقيا للناشئين بالقاهرة ثمرة مجهودات جبارة    بنعبد الله يدين قرارات الإدارة السورية الجديدة ويرفض عقاب ترامب لكوبا    BDS: مقاطعة السلع الإسرائيلية ناجحة    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    "تأخر الترقية" يخرج أساتذة "الزنزانة 10" للاحتجاج أمام مقر وزارة التربية    رحيل "أيوب الريمي الجميل" .. الصحافي والإنسان في زمن الإسفاف    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    المغرب التطواني يتمكن من رفع المنع ويؤهل ستة لاعبين تعاقد معهم في الانتقالات الشتوية    العصبة الوطنية تفرج عن البرمجة الخاصة بالجولتين المقبلتين من البطولة الاحترافية    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    الولايات المتحدة الأمريكية.. تحطم طائرة صغيرة على متنها 6 ركاب    المغرب يتجه إلى مراجعة سقف فائض الطاقة الكهربائية في ضوء تحلية مياه البحر    بنك المغرب : الدرهم يستقر أمام الأورو و الدولار    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    انتحار موظف يعمل بالسجن المحلي العرجات 2 باستعمال سلاحه الوظيفي    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    غزة... "القسام" تسلم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر بالدفعة الرابعة للصفقة    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    هواوي المغرب تُتوَّج مجددًا بلقب "أفضل المشغلين" لعام 2025    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تبقال الجماعة التي تطل من أعلى لتبقى معزولة محاصرة

جماعة تبقال ترسو على أعلى نقطة على سطح البحر في شمال افريقيا.. تطل على العالم من أعلى وإن كانت معزولة عن هذا العالم في غياب أي اهتمام.. صحيح تغير الوضع وتمت «ململة» بسيطة لكنها غير كافية لاخراج المنطقة من العزلة والتهميش..
قبل أزيد من عقد كنت في هذه الأعالي ، عندها جئت المنطقة من أولوز بإقليم تارودانت وكانت كل البنيات التحتية منعدمة تماما، وكان الطريق عبر مسالكها الوعرة ومنعرجاتها الخطيرة وبدون تعبيد يشكل أكبر حاجز لتنمية المنطقة.. لكن هذه المرة سلكنا طريقا أخرى عبر أكويم وتيديلي بإقليم ورزازات حيث وجدناها معبدة لازيد من 50 كيلومترا وفكت العزلة نسبيا، يقول لحسن ايت افقير وهو أحد المناضلين الاتحاديين وكاتب فرع الحزب بجماعة تبقال: « يعود الفضل في شق وتعبيد هذه الطريق الى فتح الله ولعلو في عهد حكومة التناوب حيث زار المنطقة ووجدها معزولة تماما ، حيث يقف غياب الطريق أمام أي تنمية لهذه المنطقة.. تألم كثيرا وقال بأنه لا يعقل أن تكون هذه المنطقة المناضلة التي أنجبت الكثير من الوطنيين والمقاومين ممن قدموا أرواحهم وحياتهم في سبيل استقلال البلاد، وساهموا في معركة الديمقراطية، من العار أن تبقى مناطقه معزولة، فوعد بالتسريع بتعبيد وشق الطريق ، وهو الامر الذي تم بالفعل حيث بدأت الاشغال في اقل من شهر من زيارة و لعلو للمنطقة..» .
وأضاف لحسن: « فتح الله و لعلو لم يفك عزلة المنطقة بشق هذا الطريق فحسب .. بل فك العزلة ايضا بتثبيت رادارات الهواتف النقالة حيث أصبح السكان يتواصلون مع العالم عبر هواتفهم النقالة وإن كان الريزو في بعض الأحيان يضعف..» .
كان الطريق نسبيا أفضل مما كان عليه في المرة السابقة.. ورغم أننا سلكناه ليلا، فلم نحس بأية اهتزازات .. صحيح مع مرور الزمان يحتاج الى توسيع وترميم ما تخلفه السيول او الثلوج من إتلاف وجرف حواشيه، الا أن الحال افضل مما كان.. وصلنا جماعة تبقال وقد أسدل الليل سواده على المنطقة دون أن أحس بعياء.. كان البرد قارسا وكان علينا ان نلف حولنا اغطية بحثا عن بعض الدفء .. قال مستضيفنا، للاسف لم تسقط الثلوج هذه السنة، وهذا شيء غير مفرح، والبرد دون الثلج يحزن سكان الجبال الذين لا يهنأون إلا إذا رأوا منطقتهم تكسوها نصاعة بياض الثلوج التي تشكل خزانا مائيا يعد هو الحياة لكل الكائنات التي تعيش هاهنا، وحتى في الوادي فدون ثلوج تنضب مياه الوادي والآبار وتختفي الشلالات وتكسو قساوة السواد والحزن المنطقة..
في الصباح خرجنا ، اقتحمنا سوق تبقال ومركزها القروي، بنايات اسمنتية صغيرة، ومتاجر ومحلات للبيع عرفت بعضا من التطور مقارنة بالماضي، إلا انها لم ترق لطموحات السكان الذين قال لنا بعضهم إن الجماعة تحسن أداؤها مقارنة بالماضي خاصة على مستوى الوثائق الإدارية وكذا الاستفادة من سيارة الإسعاف التي تقدم للسكان مجانا وهذا تطور لابأس به..
السوق الأسبوعي يأتيه السكان كل اربعاء قال لنا عنه بعضهم: «سوق مهمش وليس منظما وليس هناك من ينظمه ويفتقد للكثير من المرافق.. الذبائح لا تخضع لاية مراقبة طبية ولم يسبق أن رأيناها.. المجزرة حفروا بجانبها بئرا تتجمع فيه النفايات والدماء عير بعيد من السكان.. وأصبح مرتعا للكلاب الضالة التي تقطع الطرق عن المارة.. بل الخطير ان هذه الكلاب توحشت الى درجة انها تتهجم على الماشية، ولم يعد السكان يخافون فقط من الذئاب بل اليوم حتى الكلاب.. يتهجمون على اسطبلات السكان وينهشون فيها الاغنام والماعز..» .
غير ان السكان يشتكون من مشاكل اخرى هي اكبر من مسيري الجماعة التي لا موارد لها سوى مداخيل الضريبة على القيمة المضافة..
تبقال هذا الاسم الذي يردده الجميع باعتبار انه يتعلق بأعلى قمة جبل في المغرب في شمال افريقيا ، هو اسم امازيغي تم تحريفه، فهو اسم مركب من كلمتين،» توك» ومعناها اطلالة، «أكال»، الارض، او التراب، ومعناها المركب هو توك كال اي إطلالة على الارض..
وبالفعل حين كنا هناك تبين أننا نتأمل كل الأرض والتراب.. وشيء جميل أن تكون في الأعلى لتتأمل العالم بكامله.. لكن الكثيرين قالوا لنا جميل أن تعلو الكل وتطل عليه من فوق، لكن الأقبح ان تحصر في العلو دون منافذ فإما أن ترتمي ويكون مصيرك الموت وتتحول الى اشلاء يصعب جمعها لتدفن في لحد واحد، وإما ان تبقى معزولا في الاعالى الى أن تتحول الى نحت من جليد قد تذوب وتنتهي مع أول اطلالة لشمس اليوم الموالى، او تتحول الى صخر جامد لا حركة لك، وبعدها تصبح جمادا في احسن الاحوال ، قد تكسر لترمم جدار محظوظ يريد تزيين بيته بمجسمات قد تأتي من بعيد..
رحب بنا الكثيرون، وجالسنا الكثيرون، وتحدث معنا الكثيرون، قاسمهم المشترك انهم مغاربة يعشقون وطنهم، لكنهم يودون من هذا الوطن أن يحس بهم كأناس أسسوا لنضال كبير من أجل أن يصبح الوطن وطنا حرا مستقلا متدفقا بشلالات الحياة والتفاني والشموخ..
قال أحد السكان: «لست أدري كيف أبدأ الحكاية، فعشق الوطن جنون لا يضاهى، ومعاناة الوطن ألم أشد مضاضة، وبين العشق والألم شعرة لم تكن لمعاوية، لأن هنا يوجد إحساس آخر بلغة هي الهوية والملاذ هي تحقيق للوجدان، هي التحدي في الكينونة والوجود..» .
كلام أدركت من خلاله أن فلسفة الحياة في هذه المناطق تقتضي صياغة أسئلة أخرى في شكلها بسيطة وفي عمقها ثقل اثقل من جبال الاطلس..
يقول احد المواطنين: «إن أكبر تحدي نواجهه هو محاربة الجهل، ومن هنا تأتي أهمية التربية والتعليم، ولأن الامم تتباهى بما استطاعت ان تحققه بفضل تعليم أبنائها من الشعوب الأخرى في التعليم والتحصيل وإنتاج العلم والبحث والتفكير في المستقبل والمساهمة في رفاهية الإنسان باعتباره كائنا له قدرات مؤثرة في مسار هذا الكون سلبا أو إيجابا..» .
لكن سكان هذه المناطق لا يتحدثون بعد عن المتعة والرفاهية، بل يطلبون فقط ان تتوفر لهم اساسيات العيش الكريم وأهمها التعليم.. ومن مظاهر التلاعب في هذا المجال في هذه المنطقة، ما يتعلق بعملية التسيير وهي مساعدات تقدم لأمهات قصد تشجيع أبنائهن في التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي في العالم القروي حيث تقدم للام مائة درهم عن كل طفل على أساس أن لا يتجاوز عدد الأطفال ثلاثة .. هذه العملية حسب السكان تشوبها الكثير من الخروقات.. يقول احدهم: «إن المشرفين على التوزيع في إطار عملية التيسير ومعهم بعض الموظفين بالجماعة يتعاملون بمكيالين، ففي الوقت الذي يذهبون إلى بعض المركزيات يفرضون على أمهات تابعات لمركزيأت أخرى الذهاب اليهم ومن مسافات بعيدة ما بين 15 أو 17 كلم وفي الوقت التي ينوبون فيها، اي هؤلاء الموظفون ، عن نساء يتواجدن في المراعي(العزيب) يمنعون بعض الآباء من تسلم حصص نسائهم المنهمكات في أشغال الحقول والحطب، بمعنى حلال على البعض وحرام على البعض وفق مزاج هؤلاء الموظفين» ..
يقول مواطن آخر: «نعاني في هذه المناطق أيضا من عدم انضباط بعض رجال التعليم وغيابهم المستمر مما يعرقل العملية التربوية، والضحية الأول هم أبناؤنا وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك معلمة في فرعية أزرو التابعة لمركزية أبي عنان المريني منذ أربع سنوات وإذا ما حسبنا أيام عملها طيلة كل هذه المدة لن تتجاوز الشهرين.. وقد تقدمنا بشكايات عديدة في الموضوع بدون جدوى.. وتم نقلها الى فرعية الزاوية لكن حليمة لم تتخل عن عادتها القديمة، فلم تكمل 15 يوما حتى غادرت متذرعة بانها مريضة لكن يبدو أن مرضها دائم دوام غيابها..»
معاناة حقيقية تطال التعليم بهذه المنطقة فأول ما يتحدث لنا عنه كل من سألناه الا وبدأ بالتعليم وهو هاجس سكان المنطقة الذين أرادوا بالفعل الخروج من قوقعة التهميش في هذا المجال مؤمنين ان مستقبل أبنائهم لن يتم الا اذا تلقوا تعليما سليما يسمح لهم بولوج الكثير من المجالات..
قال بعض السكان «تحوموا» حولنا في احدى مقاهي تبقال: «مطعم المدرسة المركزية لا يخضع للمراقبة وأغلب الفرعيات لا مطاعم فيها.. أثناء التساقطات المطرية والثلجية يحرم التلاميذ من الدراسة، خاصة أبناء دوار تيزوال الذين يدرسون في فرعية الزاوية التي تبعد عنهم بحوالي ثلاثة كيلومترات.. الفرعيات لا وجود فيها للمراحيض ومرافق النظافة، ناهيك عن أنها غير مسورة وبعض أقسام هذه الفرعيات ترشح ماء خلال تساقطات الأمطار..» .
الواقع أن هذه المناطق يعاني فيها التلميذ والمعلم على حد سواء، لكن للحقيقة، فالسكان يقدمون دعمهم للمعلمين ويدعمونهم بالأفرشة والأغطية الصوفية المحلية والزرابي.. لكن الحلم الذي كان الحبيب الملكي قد وعد به المنطقة حين كان وزيرا للتعليم تحقق لهم، وهو بناء إعدادية، لكنها إعدادية انطلقت ومعها الكثير من المعاناة.. يقول مواطن:
«انطلقت الدراسة بالإعدادية الوحيدة في الموسم الماضي لكنها مع الانطلاقة حملت معها الكثير من المعاناة والمشاكل.. أهمها غياب الداخيلية ناهيك عن البعد والذي يشكل بالفعل أحد المصاعب الكبرى بالنسبة للتلميذ والأب على حد سواء..
الإعدادية توجد في تراب جماعة تفنوت، فتلاميذ منطقة انمراغت وتزكي ومؤمن يبعدون عن الإعدادية بما يفوق 15 كلم وهذا يؤدي الى الإنقطاع الدراسي، في السنة الماضية انقطع 85 تلميذة وتلميذا، وفي هذا الموسم انقطع حوالي 90 تلميذا والرقم مرشح للارتفاع واغلب المنقطعين من الفتيات بنسبة تسعين في المائة..
بعض الآباء رغم ظروفهم المعيشية وفي غياب مشاريع مدرة للربح يحاولون التغلب على هذه المعاناة ولكن في مقابل إثقال كاهلهم بمصاريف النقل التي يقدمونها لاحد الاشخاص حيث يؤدون مائتي درهم عن كل تلميذ شهريا ولابد من تقديم 20 درهما لكل تلميذ الذي يستيقظ من الساعة السادسة صباحا ولا يعود الا في السابعة مساء.. والأخطر من هذا ان هؤلاء اصبح غداؤهم مُعلّبا ( السردين والموناضا) ما يهدد صحتهم مع العلم ان السلع الموزعة بهذه المناطق لا تخضع لأية مراقبة حتى وان فقدت هذه المواد مدة صلاحيتها..» .
واستهزأ هذا المواطن من هذا الوضع البئيس للتعليم وقال بمرارة: «نحن الان تزداد لدينا الأمية انتشارا وارتفاعا..»
ليس التعليم وحده ما يقض مضجع سكان تبقال بل انهم يعانون ايضا على مستوى الصحة . يقول احد السكان:
«لدينا ممرضة وحيدة تشتغل يوما فقط في الأسبوع في مستوصف يفتقد لأبسط الشروط لحوالي 10 آلاف نسمة.. حوالي 43 دوارا ، أحيانا تستقبل القريب وتقدم له الدواء وترفض القادم من منطقة بعيدة..» .
قلت لمخاطبي، الأمر لا يتعلق بممرضة فقد قلت بأن المستوصف يفتقد لأبسط الشروط فما عسى هذه الممرضة المغلوبة على امرها أن تقدمه في غياب بنيات صحية بالمنطقة التي تحتاج بالفعل إلى مركز او مستشفي يتوفر على طبيب دائم وعدد من الممرضين وقسم للولادة وقسم المستعجلات ؟
فقال: «هذا صحيح، إذ من العار أن تضطر المرأة الحامل إلى الذهاب الى تارودانت على بعد 150 كلم أو اوزيوة على بعد 50 كلم للوصول إلى المستشفى وأحيانا تضع في الطريق ، أخرى تفقد الحياة قبل الوصول إلى المستشفى.. »
قال آخر: « هناك ممرضة متدربة ليس لديها ما تفعل لان المستوصف يفتقد لكل شيء.. الشيوخ يعانون، الاطفال يعانون، ومن لا يئن هو ذلك الانسان السليم أو ذلك الذي ينام على جراحه واضعا أمله في الله، مادام لا أحد له هم الاهتمام بالبلاد والعباد.. لاوجود لأية قابلة على صعيد الجماعة اللهم من القابلات التقليديات التي نجد بعضهن في بعض الدواوير، ومطلبنا أن يتم تطوير هذا المستوصف الوحيد الى مركز صحي وتتوفر فيه بعض التخصصات مع قسم للولادة..» .
في هذه المناظق مازال الموت يحوم حول النساء الحوامل والكثيرات فقدن حياتهن نتيجة الوضع الصحي المتأزم وغياب البنيات التحتية، يقول لحسن ايت افقير: إن ابنتي فقدت الحياة نتيجة نزيف حاد بعد الولادة وفي ظل الإهمال وضعف الوسائل.. الطبيعة الجبلية لهذه المناطق لا تسمح بفضاءات شاسعة لممارسة العديد من الرياضات ومن ضمنها الرياضة الشعبية الأولى كرة القدم ومع ذلك فشباب المنطقة يتحدى الصعاب ويخلق لنفسه نشاطا رياضيا حسب ما أتيح له من إمكانيات بسيطة غير ان الرغبة والإرادة جعلته يؤسس لنفسه بعضا من هذا النشاط من خلال دوريات تشرف عليها جمعيات الدواوير ويقول السكان بأن لهم أملا في ان تهتم بهم الجهات المعنية لاكتشاف المواهب التي تزخر بها المنطقة خاصة في ألعاب القوى والرياضات الجبلية..» .
قلت للسكان بأن العزلة فكت عنكم من خلال شق الطريق وتعبيده ومازالت الاشغال مستمرة في اشطره الاخرى فقالوا: «هذا صحيح لكن مازلنا نعاني من مشكل النقل، هنا يوجد فقط الخطافة ويحملون الناس مكدسين حتى في الأماكن الخاصة بالأمتعة..» .مشهد حقيقة يؤلم ويطرح سؤالا حول رخص النقل والتي يستحق سكان هذه المناطق ان تخصص لهم لفك العزلة عنهم بدل اقتصارها على محظوظين في مناطق اخرى..
لكن السكان يعانون ايضا في مجال الوثائق الإدارية ليس من جماعتهم يقول أحد السكان: «إن كبار السن يضطرون لقطع مسافات طويلة تبلغ حوالي 60 كلم بمنطقة أسكاون قصد الحصول على عقود ازديادهم باعتبار انها الجماعة الام وان جماعة تبقال لم تؤسس إلا في العقود الثلاثة الأخيرة..
وفي حالة ما إذا اراد مواطن عدم التنقل وتضييع الوقت في الإتيان بهذه الوثيقة فإنه يقدم 50 درهما لصاحب سيارة ترونزيت (خطاف) للإتيان بها باعتبار أنه يقوم يوميا بنقل الناس الى تلك المنطقة باعتباره وبالنسبة لنا فهو يساعدنا ويحل لنا مشكل النقل..» .
سألت محاوري حول الدخل الفردي فضحكوا مستغربين من السؤال حيث قالوا إنه صفر، وأضافوا: «إن بعض الآباء يدفعون بأبنائهم للانقطاع عن الدراسة والدفع بهم للعمل في المدن قصد مساعدتهم على مصاريف العيش، فالفلاحة بالنسبة لهذه المنطقة ليس هناك اي دور للجهات المسؤولة فلاحيا ان على مستوى الارشاد الفلاحي او غيره.. المنطقة لايصلح فيها سوى غرس الاشجار وهي المنتشرة بكثرة وبالدرجة الاولى الجوز واللوز والتفاح »
وأضافوا: « حتى هذه الفلاحة الهزيلة والبسيطة تقضي عليها الانجرافات التي تتسبب فيها السيول المحملة بالحجارة والطين ، مايؤدي الى القضاء على فلاحتنا.. لذلك نطالب بمعالجة هذه الشعاب وبناء حواجز لحماية الحقول ومحاربة الانجرافات..».
الانجراف والتهميش يصيب كل شيء في هذه المناطق الجميلة، حيث يصعب رصد كل المعاناة، كل المشاكل في منطقة عانت من العزلة لعقود طويلة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.