استفاق الرأي العام الإسباني يوم الخميس 30 يناير المنصرم على خبر إقالة مدير جريدة «الموندو» الذائعة الانتشار بشبه الجزيرة الإيبيرية بيدرو راميريث والمعروف اختصارا بيدرو خوطا، والذي ترك بصمات قوية في تاريخ الصحافة الإسبانية وفي تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية ، حيث كانت له بصمة مؤثرة في رسم وتشكيل الرأي العام الإسباني وجعله أكثر عداء تجاهالمغرب . وهكذا تناولت أغلب الجرائد الإسبانية ووسائل الإعلام الإسبانية ليلة الأربعاء، نبأ استقالة مدير جريدة إلموندو، أو بالأحرى نبأ إقالة بيدرو خوطا ، على صدر صفحاتها ، وفي مطلع النشرات الإخبارية، وبالتالي نبأ الإقالة سبق نشرات الاقتصاد والأزمة المالية والاقتصادية التي تمر منها إسبانيا. وتضاربت الأنباء حول الاستقالة والإقالة ، حيث أكد بيدرو خوطا لاحقا أنه تعرض للإقالة من الشركة الناشرة للجريدة، وهي بالمناسبة شركةإيطالية. إذ تعددت الروايات حول هذه الإقالة بين ما هو سياسي وبين ما هو مالي، وهكذا ذهبت بعض الجرائد،خاصة منها الرقمية، من قبيل جريدة أنفو ليبري وجريدة دياريو وموقع جريدة بوبليكو، إلى احتمال الضغط السياسي للحكومة الإسبانية الحالية على الشركة الناشرة للجريدة، لإقالة المدير بسبب تماديه في ملاحقة الفضائح المالية والسياسية سواء للحكومة الإسبانية أو للعائلة الملكية، التي أصر على نشرها وجعلت الحكومة والأسرة الملكية تفقدان الكثير من شعبيتهما وعلى رأسها ملف التمويل السري للحزب الشعبي الحاكم من عمولات وأجور للمسؤولين الحزبيين، وكذا قضايا الفساد في وسط العائلة الملكية . بالمقابل ذهبت بعض القراءات لقرار الإقالة وربطته بالخسائر المالية، التي تكبدتها الشركة الإيطالية، والتي تقدر بمئات الملايين من اليوروهات التي تكبدتها خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي اعتبرت مجمل التحليلات ، أنه حان الوقت لتغيير المدير الذي أدار الموندو لمدة 25، منذ تأسيسها سنة 1989 حتى الآن، حيث كان سابقا يدير جريدة دياريو 16. ويعد بيدرو خوطا نموذجا حيا لصحافة المؤلف ، إذ أن جريدة إلموندو ارتبطت باسمه أكثر من ارتباطها من الشركة الناشرة ، حيث كان له الفضل في تميزها ورسم خطها التحريري وبالتالي ترك بصمات واضحة عليها وعلى شعبيتها . وبهذا فإن الموندو اختلفت ولاتزال تختلف عن جرائد مثل الباييس وآ بي سي ولاراثون ولفانغورديا التي ترتبط بمؤسسات والشركات الناشرة ولديها ميولات سياسية واضحة . ويحفظ التاريخ السياسي والإعلامي لجريدة الموندو في عهد بيدرو خوطا أنها كانت السباقة في تفجير ملفات كبرى في تاريخ اسبانيا خلال العقود الأخيرة ،وعلى رأسها فضيحة «الغال» ، حيث تمكنت الجريدة من إماطة اللثام عن قيام مجموعة من أفراد الشرطة الإسبانية بعمليات اغتيال أعضاء إيتا خارج القانون، إذ أن هاته الفضيحة أسهمت في تدني شعبية رئيس الحكومة الأسبق فيلبي غونثالث، وأدت إلى الزج بوزيره في الداخلية باريو نويفو داخل غياهب السجون . كما أن إلموندو هي من أثارت وكشفت عن فضيحة التمويل السري الذي كان يتلقاه العديد من المسؤولين الحزبيين، وفي مقدمتهم ماريانو راخوي، كما كانت وراء تفجير فضائح القصر الملكي والتي أوصلت الأميرة كريستينا الى القضاء و زوجها إنياكي أورداغريين ، هذا إلى تفجير قضية الصيد التي كان يقوم بها العاهل الإسباني في أدغال إفريقيا . ويرى العديد من المتتبعين أن بيدرو راميريث ساهم بشكل كبير في رسم صورة سيئة عن المغرب لدى الرأي العام الإسباني. حيث كان من أشد المدافعين عن نظرية تورط المخابرات المغربية في أحداث 11 مارس الأليمة ، هذا إلى ملفات أخرى مثل الهجرة السرية والتهريب الدولي للمخدرات ،حيث كانت أطروحته لنيل دكتوراه الدولة التي ناقشها في رحاب كلية علوم الإعلام بمالقة تحت عنوان «بناء صورة المغرب في خطاب افتتاحيات الباييس والموندو 1999-2009» قد شددت على الدور الكبير الذي تمارسه الموندو في رسم صورة المغرب سلبا في اسبانيا من خلال الافتتاحيات القوية للجريدة التي تصنف ضمن خانة الجرائد اليمينية، خاصة في مجال الهجرة والإرهاب المرتبط بالإسلام السياسي والنزاعات الترابية مثل سبتة ومليلية المحتلتين وجزيرة ثورة. وسيتولى كاسميرو أباديا منصب المدير العام خلفا لبيدرو خوطا المقال ، حيث لا يقل تطرفا تجاه المغرب وقضاياه المشتركة مع إسبانيا، فالمدير الجديد هو صاحب الكتاب الذي يبسط نظرية تورط المخابرات المغربية في تفجيرات 11 مارس.