لجنة الصحافة تتداول في البطاقة المهنية    مؤشر "مازي" يسحل تراجعا بورصة البيضاء    اعتقال إسرائيليين بتهمة التجسس لإيران    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم        فؤاد عبد المومني.. أمام القانون وليس فَوقه    تصدع داخل حزب الحمامة بأكادير إداوتنان.. وأخنوش يسابق الزمن لاحتواء الوضع قبل اتساع رقعة الصراع    اعتقال ومتابعة صناع محتوى بتهمة "التجاهر بما ينافي الحياء"    "حماس" ترفض فكرة وقف مؤقت لإطلاق النار وتؤيد اتفاقا دائما    غارات إسرائيلية تستهدف ريف حمص الجنوبي وسط سوريا    مولودية وجدة ينتظر رفع المنع وتأهيل لاعبيه المنتدبين بعد من تسوية ملفاته النزاعية    الرابطة الإسبانية تقرر تأجيل بعض مباريات الدوري المحلي بسبب إعصار "دانا"    الركراكي يعيد أبو خلال إلى عرين الأسود ويستقر مجددا على شهاب كحارس ثالث    مصطفى بنرامل ل"رسالة24″: النينيا وليس الاستمطار الصناعي وراء الفيضانات الكارثية في إسبانيا    وضع الناشط فؤاد عبد المومني تحت الحراسة النظرية للاشتباه في نشره أخبارا زائفة حسب النيابة العامة    طقس الخميس.. امطار ضعيفة بالريف الغرب وغرب الواجهة المتوسطية    موقع "نارسا" يتعرض للاختراق قبل المؤتمر العالمي الوزاري للسلامة الطرقية بمراكش    شركات متوقفة تنعش حساباتها بفواتير صورية تتجاوز 80 مليار سنتيم    الطاقة الخضراء: توقيع اتفاقية شراكة بين جامعة شعيب الدكالي وفاعلين من الصين    لبنان.. ميقاتي يتوقع إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل في غضون أيام    "فيفا" يعلن عن أول راع لكأس العالم للأندية 2025    محامية ترفض الالتزام بقرار هيئة المحامين بالإضراب المفتوح عن العمل    مانشستر سيتي وتشيلسي يودعان كأس الرابطة الإنجليزية    ألمانيا.. رجل يفر من الشرطة في برلين ويترك حقيبة متفجرات بمحطة قطار    مزور: المغرب يطمح إلى مضاعفة عدد مناصب الشغل في قطاع صناعة الطيران    انطلاق النسخة السابعة من معرض مراكش الدولي للطيران "آير شو"    مندوبية التخطيط تسجل انخفاضا طفيفا في أسعار إنتاج الصناعة التحويلية    توقيف شخص بسلا يشتبه تورطه في جريمة قتل    مصرع شاب في حادثة سير بتازة    حماة المال العام يطالبون بوضع حد لكل مظاهر الريع والفساد بأقاليم الصحراء المغربية    فرنسا والمغرب..بأي حال يعود الود؟ ولماذا يُخرج ماكرون اتفاقية لاسيل-سان- كلو بعد حوالي سبعين عاما؟    نقابيو المختبر العمومي للتجارب والدراسات يضربون    منفذو الهجوم الإسرائيلي على إيران يتحدثون للمرة الأولى    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    إسرائيل تدعو لإقالة خبيرة أممية اتهمتها بشن حملة "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين    القروض والأصول الاحتياطية ترفعان نسبة نمو الكتلة النقدية بالمغرب إلى 6,7% الشهر المنصرم    وزير: الإنتاج المتوقع للتمور يقدر ب 103 آلاف طن في الموسم الفلاحي 2024-2025    الحدادي يسجل في كأس ملك إسبانيا    الأشعري: التعامل مع اللغة العربية يتسم بالاحتقار والاستخفاف في المغرب    متحف قطر الوطني يعرض "الأزياء النسائية المنحوتة" للمغربي بنشلال    التحكيم يحرم آسفي من ضربة جزاء    الخنوس يهز شباك مانشستر يونايتد    ارتفاع عدد ضحايا فيضانات فالينسيا وإسبانيا تعلن الحداد ل3 أيام    تكريم نعيمة المشرقي والمخرجين الأمريكي شون بين وديفيد كروننبرغ    الممثل المصري مصطفى فهمي يغادر دنيا الناس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    مدينة البوغاز تحتضن مهرجان طنجة للفيلم وتكرم المخرج المغربي مومن سميحي    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    المحامية بالجديدة سامية مرخوص تنال شهادة الدكتوراه في القانون باللغة الفرنسية بميزة مشرف جدا    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز 82 عامًا بعد صراع مع المرض    الإعلان عن تنظيم جائزة طنجة الكبرى للشعراء الشباب ضمن فعاليات الدورة ال12 لمهرجان طنجة الدولي للشعر    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    إطلاق حملة وطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر بنجلون المثقف الثوري

حينما تحل علينا ذكرى اغتيال المناضل الفذ عمر بنجلون كل سنة من يوم 18 دجنبر، تاريخ اغتياله من طرف قوى الغدر المتأسلمة، سرنا نستحضر شخصيته من خلال فكره ومن خلال سلوكه النضالي. ونستحضر روحه الطاهرة في هذه السنة التي أخذ قتلته يغطون دمه الذي ظل عالقا في أجسامهم وفي أيديهم بعباءة حقوق الإنسان ، فمنهم من أصبح رئيسا لحكومة البلاد، ومنهم أصبح وزيرا للعدل والحريات ،ومنهم من عاد من المنفى الاختياري المؤدى عنه من طرف النظام ، بعد ضمانة من أهل الحل والعقد الذين سرقوا روح الحقوقي في هذه البلاد، وقد يصبح هذا العائد القاتل لعمر وزيرا أو مستشارا بقوة الترامي على حقوق الإنسان . لأن دور حكومة بنكيران هو أن يجتمع الشمل لقتلة عمر على أرض الوطن الذي لا زال يرتوي من دماء الشهداء وفي مقدمتهم دم عمر ليخرج للناس حبا ونباتا وريحانا .
لماذا هذه المؤامرة الشنيعة ضد رجل عاهد فأوفى و كافح من أجل الحرية و الكرامة فأبلى ؟ هل لأن عمر كان شخصية مقلقة للنظام ؟ أم شخصية محرجة لأصحاب المطيع و بنكيران في مشروعهم الرامي إلى ضرب الحداثة والتقدم والديمقراطية و حقوق الإنسان؟
إن الجواب عن هذا السؤال يحيلنا على سؤال رئيس له ارتباط بالأسئلة المطروحة سابقا. ألا وهي من هو عمر ؟ أي كفكر و كسلوك و كممارسه. وسنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال المحاور التالية:
1 عمر المثقف العضوي
2 عمر المثقف الثوري
3 أهداف النظام و الرجعية من اغتيال عمر
عمر المثقف العضوي
إن عمر كان له ارتباط بالجماهير و كان يرغب في التغيير و يعمل من أجله لصالح تلك الجماهير. وكان يسعى من خلال محاضراته إبراز معالم الصراع الطبقي و دور الطبقة العاملة في حسم هذا الصراع, حيث قال في محاضرة له عام 1971 " ضرورة تغيير الهياكل الاقتصادية و السياسية حتى يتخلص العامل من هذه الأسئلة المفروضة عليه و يصبح صاحب إنتاج "و أضاف " فالتيارات والتحولات الكبرى للحركة النقابية ، هو في الواقع موضوع الارتباط اليومي و الدائم بين الكفاحات المهنية و النضال السياسي و التاريخي المستمر الذي يضمن كذلك كفاحات يومية من أجل تغيير النظام الذي يجعل من العامل أو العمل بضاعة " . فهو بذلك يكون المثقف العضوي الذي يحمل مشروع البديل الثقافي و التكويني للعمال و المناضلين من أجل تحقيق هيمنة ثقافة الطبقة العاملة التي تتبنى على التحليل العلمي لدراسة الواقع و التعاطي معه بعيدا عن الخرافة و الانطلاق من الواقع الملموس.و يصدق على عمر نظرية أنطونيو غرامشي A.Gramsci. بخصوص المثقف العضوي، »المثقف العضوي لا يختزل فهما وتعريفا في ذلك المثقف المرتبط بالجماهير فحسب، الراغب في التغيير والذي يعمل أو عليه أن يعمل من أجله. المثقف العضوي، هو صاحب مشروع ثقافي يتمثل في الإصلاح الثقافي والأخلاقي سعيا وراء تحقيق الهيمنة الثقافية للطبقة العاملة » وبذلك فإن أي مثقف عضوي فهو مصدر انزعاج للقوى الرجعية. فالنظام و الرجعية في المغرب رأوا في عمر الفكر الذي يشكل الخطر القادم على النظام و مصالح الرجعية في البلاد و أصحاب المشروع الإسلامي المتطرف المشمول بالفكر الظلامي التكفيري والمناهض للتقدم و الديمقراطية و حقوق الإنسان.
عمر مثقف ثوري
لقد كان عمر ضد الدوغمائية السائدة في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ثم في الاتحاد الاشتراكي و في الاتحاد المغربي للشغل . إنه المثقف الثوري بامتياز لأنه كان ضد الظلم والقهر والاستغلال والاستبداد والاحتلال و في أعماقه هموم المجتمع و معاناته .نظرته للنظام كانت تختلف عن باقي السياسيين و النقابيين، فهو لا يرى فيه إلا الظلم والقهر والاستغلال والاستبداد . كان يرفض الجاه و المال مما يجعله ذلك المثقف الذي حكم على نفسه بالانتحار الطبقي ليكون فكرا و ممارسة إلى جانب المقهورين و ليضع الطبقة العاملة في مركز اهتماماته اليومية من حيث التكوين و التنظيم و التوجيه. فجعلها تتعرف على طبيعتها و محذرا إياها في نفس الوقت من حمل الشعارات بدون مغزى ، و قال في هذا الاتجاه " ... نعيش جوا من الخلط و الالتباس و الصراعات لأننا نعيش بشعارات الغير ، بمفاهيم الغير ،التي كانت أو ما تزال مطابقة لأوضاع و معطيات لا صلة لها بأوضاعنا و معطياتنا " لقد أدرك في زمانه بأن الطبقة العاملة و حلفائها الطبيعيين يعيشون تجاذب القوى الرجعية من خلال شعارات لا تهدف إلا إلى ضرب الأداة النقابية كقوة مادية في وحدتها و في إيديولوجيتها التي تتبنى الصراع من أجل التغيير لصالحها و لكافة المحرومين. كما أدرك بأن أعداء الطبقة العاملة يحاولون خلق آليات لتجميد حركتها ودعوة العمال إلى الصبر و الانتظار.إن كل أفكاره و تحليله للواقع الملموس وبعد النظر التي تميز به جعله مناضلا مثقفا ثوريا ،لا يكتفي بالتنديد بالسلطة السياسية للنظام أو بالدولة البوليسية ،كما كان يصفها ، بل يناضل من اجل اقامة دولة يسود فيها العدل ، أي دولة و المساواة و الكرامة ، دولة الديمقراطية الحقة وحقوق الإنسان.
لقد ظل عمر يؤمن بالتغيير الجذري الشامل من أجل مستقبل افضل يواكب التقدم الذي يعرفه العالم المعاصر . إنه المثقف الثوري لأنه لما أنيطت به مسؤولية إدارية ظل متمسكا بقيمه الأساسية جاعلا مسافة بين شخصيته بوصفه مثقفاً ثوريا و بين الإغراءات التي يستعملها النظام لاحتواء المثقفين . لقد انطبق على عمر ما قاله أنطونيو غرامشي A.Gramsci و رفاقه في حق المثقف الثوري"هو الذي يحمل هماً ثقافياً جذرياً ، ويرتبط بروابط وثيقة بالمجتمع وبالثقافة ، يظل دائماً منسجماً الى حد كبير مع ذاته ، ومع الوظائف الثقافية والوطنية، ولا ينسى بعده الثقافي.وهو الذي يطالب بأن يكون إلغاء دكتاتورية السلطة، وشخصنتها نحو الحزبية والفردية ..."
أهداف النظام و الرجعية
من  اغتيال عمر
لقد أدرك النظام و معه الرجعية و الظلاميون بأن عمر ،الذي يحمل صفات المثقف "المناضل العضوي و المثقف "المناضل الثوري ، أصبح يشكل خطرا عليهم جميعا لأنه يعمل على تأهيل الطبقة العاملة كي تعي بذاتها و بدورها في التغيير ،وكذلك يعمل على بناء حزب القوات الشعبية (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) ليكون الأداة الثورية إلى جانب طبقة عاملة واعدة .
إن النظام يدرك جيدا بأن المثقفين الثوريين هم روح اية ثورة او تغيير، ولهذا كان يصيبهم في حياتهم أو في كرامتهم . ومن تم كانت استراتيجية النظام متكاملة لاغتيال عمر بالاعتماد على القوى الظلامية التي وفر لها ظروف و شروط النشأة المادية و المعنوية ووفر لها امكانات هامة ، لتكون الخنجر الذي يمسك به لتصفية المناضل الثوري حتى يتوقف الزحف الأحمر الذي يقوده من أجل إسقاط الاستبداد والاستغلال و القهر و العبودية .
لقد عمل النظام على تصفية عمر و من قبله المهدي و من بعدهما اكرينة و سعيدة و رحال وزروال و دهكون و بنونة و اللائحة طويلة ، حتى لا يستمر هذا الشعب من إفراز مثقفين ثوريين و لا عضويين و لا قياديين من طينة عمر . و كانت النتيجة هي سيطرة الفكر الظلامي بدعم من النظام حتى تعم الأمية السياسية والميوعة النقابية ،و يعم مبدأ الوجبة السريعة في السياسة و في النقابة و في المجتمع المدني . تلك هي معالم الدولة التي كان يهدف إليها النظام و الرجعية والقوى الظلامية . ولقد تحققت أهدافهم على أرض الواقع باسم الديمقراطية المغشوشة .
قلعة السراغنة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.