عاد مؤسس أسبوعية «لو نوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية جون دانييل، يوم 30 نونبر، إلى جائزة ابن رشد الدولية التي حصل عليها، هذه السنة، مناصفة مع الأمير الحسن بن طلال والتي سلمت له بمراكش قبل أيام، كاتبا: «من المعلوم أنه تم يوم 16 نونبر الماضي، في رحاب قصر فندق الورود بمراكش وتحت رعاية الملك محمد السادس، تسليم جائزة ابن رشد الدولية من طرف جامعة القاضي عياض. وهي الجائزة التي تعمقت مكانتها بفعل إدماج ممثلين عن جامعة قرطبة بإسبانيا والمرصد المتوسطي (إيطاليا) ضمن لجنة تحكيمها». وتعتبر الجائزة تكريما وتكريسا سنويا لشخصيتين اثنتين من ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط على أعمالهما وإسهاماتهما المستمدة من روح فكر وإنسية ابن رشد، شخصية تمثل الضفة الجنوبية والأخرى الشمالية. بعد أن ذكر بأن الأمير الحسن بن طلال كان ممثل الضفة الجنوبية، أضاف جون دانييل أنه حظي شخصيا «بشرف تمثيل الضفة الشمالية الكبير»، مضيفا أن ممثلي الجهات المنظمة تناولوا الكلمة قبل أن يتدخل المتوجان، ومعهم المستشار الملكي أندري أزولاي، الذي أصبح اسمه الشخصي «روبير» بسبب خطأ مطبعي، ما يؤكد أن كبريات المجلات العالمية لا تنجو، هي الأخرى، من لعنة الأخطاء! عقبها، أثنى مؤسس «لو نوفيل أوبسرفاتور» كثيرا على مداخلة الأمير الحسن بن طلال الذي تناول الكلمة قبله، وتحدث حسبه «بسلاسة وطلاقة لسان، وبإيمان يذكر بالمهمات السامية التي كلفها بها القصر»، وأشار إلى «دور رجالات العلم والسلام في العالم التراجيدي المرتقب»، كما دعا إلى ترسيخ قيم التسامح والسلم الإنسانية التي تميز فكر ابن رشد. حين حلت اللحظة «الصعبة» لتناوله الكلمة، لم يستطع جون دانييل حجب افتخاره باختياره للتتويج بالجائزة، يعترف مؤسس المجلة الفرنسية اليسارية الواسعة الانتشار، مستطردا أنه تساءل: أليس هناك شخصيات كان من المفروض اختيارها للتتويج قبلي؟ «وفي الحقيقة، يشرح جون دانييل، فقد حضرتني الكلمات المنسوبة لألبير كامو حين نيله لجائزة نوبل، حيث قال: مالرو هو من كان يجب أن يحصل عليها. شخصيا، ومع الاحتراز الشديد في مقارنة سمعتنا واستحقاقنا، شعرت بنوع من التأخر بأنه كان علي أن أصرح: خوان غويتيسولو هو من كان يجب أن يحصل على الجائزة». «أنا معجب بهذا الرجل منذ أن شرعت في قراءته ومصاحبته، يضيف دانييل، أحب هذا الكاتب البسكي العاشق للأندلس، الذي قضى الفترة الأولى من حياته في فرنسا وحصد كل جوائز المنطقة اللاتينية». أجل، خانت البديهة جون دانييل للقيام برد الفعل اللازم هذا في حينه، وفق تعبيره. لكنه أصر على التوجه إلى أهل مراكش قائلا: «أنتم جد محظوظين لأن رجلين استثنائيين يعيشان بين ظهرانيكم». الأول، يوضح الكاتب- الصحفي: «مؤرخ عملاق للموسيقى، هنري لوي دو لا غرونج، المتخصص في موسيقى غوستاف مالِر». أما الآخر، فلن يكون، بكل تأكيد، غير صاحب «إسبانيا في مواجهة التاريخ... فك العقد». «الثاني، يكتب جون دانييل، هو خوان غويتيسولو، المعروف في فرنسا وإسبانيا بنفس القدر، وكذلك في مصر وألمانيا. خوان اختصاصي رائع في التربية حول التاريخ العربي وتاريخ الأندلس. يأتي الناس من كل بقاع العالم للاستشارة معه. اعلموا أنه حاضر معكم، أنتم، في عين المكان. اعلموا أيضا أننا لا زلنا نتوفر على ساحة جامع الفنا بفضله، ساحة لا تحتلها السيارات ولا تهيمن عليها لعنة تجار العقار. هو، ولا أحد غيره، من ابتكر مفهوم التراث غير المادي لدى منظمة اليونسكو. وهذا يعني أنه من المستحيل المساس بالساحة، لا حاليا ولا مستقبلا». بتواضع الكبار، يستسمح الشامخ جون دانييل مراكش وأهلها ومنظمي جائزة ابن رشد الدولية في استعمال إحدى أجمل كلمات اللغة الفرنسية لختم مقاله: كلمة «الاعتراف بالجميل»، كاتبا: «لكم جميعا، أنتم الذين ترعون وتنظمون وتساهمون في إضفاء معنى على كلمة الإنسية المتوسطية، أريد أن أقول إن قلبي ملؤه الاعتراف بالجميل». في السنة القادمة، ستمنح جائزة ابن الرشد الدولية في غرناطة، فهل يستجيب أعضاء لجنة تحكيمها لنداء جون دانييل ويمنحونها لخوان غويتيسولو؟ لننتظر وسنرى!