لازال ملف تفويت شركة أمانديس، المفوض لها تدبير قطاعي الماء والكهرباء بكل من طنجة و تطوان، لمجموعة أكتيس ذات الرأسمال البريطاني قطري، يلفه الكثير من الغموض. فالاجتماع الذي انعقد يوم 14 أكتوبر المنصرم بمقر وزارة الداخلية برآسة الكاتب العام للوزارة، وحضور كل من محمد اليعقوبي والي الجهة، وفؤاد العماري عمدة طنجة، ومحمد إدعمار رئيس الجماعة الحضرية لتطوان باعتبارهما السلطتين المفوضتين لأمانديس، خصص لتدارس مآل صفقة التفويت، التي لازالت متوقفة على مصادقة مجلسي المدينتين المعنيتين طبقا لدفتر التحملات الذي يؤطر العلاقة بين الطرفين. وحسب مراسلة تتوفر الجريدة على نسخة منها، موجهة من مدير شركة أمانديس لوزير الداخلية ولعمدة مدينة طنجة، يخبرهم فيها أن مجموعة فيوليا المغرب، المالكة لمجموع أسهم شركة أمانديس، قد أبرمت بتاريخ 7 مارس 2013 مع شركة أطلس إنفراستريكتيور هولندينغ( ATLAS INFRASTRUCURE HOLDING)، فرع المجموعة الاستثمارية َACTIS بالمغرب، (أبرمت) عقد بيع أسهم التزمت بموجبه هذه الأخيرة بشراء جميع أسهم أمانديس، شريطة التحقيق المسبق لبعض الشروط وخاصة الحصول على موافقة السلطة المفوضة أي مجلس جماعة طنجة والوزارة الوصية، ولأجل ذلك يطلب مدير أمانديس في ذات المراسلة التسريع بإتمام إجراءات الموافقة المسبقة. غير أن أخطر ما في المراسلة هو طلب مدير أمانديس إعفاء شركة فيوليا الفرنسية، التي سبق لها سنة 2005 أن تعهدت بتنفيذ الالتزامات المالية والتقنية الملقاة على عاتق أمانديس في حالة إخلال شركة فيوليا المغرب بتعهداتها، كما التزمت أيضا بشراء % 51 من أسهم شركة أمانديس في حالة فقدت شركة فيوليا الفرنسية سيطرتها على فيوليا المغرب، وبالتالي فإن مدير أمانديس يطلب في مراسلته من عمدة مدينة طنجة التفضل بإعفاء شركة فيوليا الفرنسية من تعهداتها والإقرار ببطلانها، وهو ما يعني أن الشركة الفرنسية تسعى إلى التملص من التزاماتها مما سيضع جميع الاستثمارات في البنيات التحتية التي تعهدت الشركة بتنفيذها في حكم العدم. مصدر مقرب من مطبخ القرار بمجلس مدينة طنجة، صرح للجريدة أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء بشأن هذا الموضوع الذي يكتسي حساسية خاصة، وأن صاحب سلطة الفصل فيه هو المجلس الجماعي الذي لم يعرض عليه الأمر بعد، وعن الموقف من طلب أمانديس إعفاء فيوليا الفرنسية من تعهداتها، أفاد المصدر بكون الموافقة على هذا الملتمس ستكون بمثابة تواطؤ مكشوف مع الشركة الفرنسية على حساب مصالح المدينة، علما أن ما يجب اتخاذه هو طلب إجراء افتحاص شامل على شركة أمانديس للوقوف على مدى احترامها للعقد الذي يربطها مع الجماعة، ومدى تنفيذها للاستثمارات التي يلزمها بها العقد، خاصة في ظل وجود حديث عن تهريب مبالغ ضخمة خارج المغرب على مدار السنوات التي دبرت فيه هذا القطاع. وحسب ذات المصدر فإن موقف وزارة الداخلية يبقى غامضا إلى حدود هاته اللحظة، ويجهل ما إذا كانت الوزارة ستتدخل لما لها من نفوذ على الجماعات المحلية لإتمام إجراءات التفويت وفق ما ترتضيه شركة فيوليا الفرنسية أم سيتم ترك الصلاحية للمجالس المنتخبة المعنية باعتبارها السلطة المفوضة لاتخاذ القرار الذي تراه في خدمة الساكنة. وحول وجود بدائل أخرى لعملية التفويت أكد عمدة مدينة طنجة، في تصريح للجريدة، أن هناك توجه للبحث عن إمكانية شراء عقد التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء من شركة أمانديس، وفقا لما يتيحه له العقد المبرم بين الطرفين، خاصة وأن الحصة الكبرى من قيمة العقد هي على شكل ديون لشركة أمانديس من أبناك مغربية، وهذا يتطلب فقط فتح مفاوضات معمقة وجادة مع هاته الأبناك، وما يشجع على واقعية هذا الحل، يضيف المتحدث، هو أن الميثاق الجماعي يتيح إمكانية إنشاء شركات للتنمية المحلية بمساهمة بين القطاعين العام والخاص، يعهد إليها بتدبير مثل هاته القطاعات، أخذا بعين الاعتبار أن الأطر المغربية هي من تتحمل مسؤوليات حساسة في شركة أمانديس، وبالتالي يمكن تدبير هذا القطاع بالاعتماد على الكفاءات الوطنية.