أعلنت الأكاديمية السويدية زوال الخميس الماضي، على لسان السكرتير الدائم لديها باستوكهولْم، بيتر انجلند عنْ فوْز الكَنَدية أليسْ مونْرو (82 سنة) بجائزة نوبل للآداب لسنة 2013. وبينما لم يُعرَف موعد الإعلان عن الفائز بالجائزة العريقة في مجال الآداب إلا منذ أيام معدودة، إلا أن موعد الإعلان عن الفائزين بباقي فروع الجائزة قد أُعلِنَ عنه منذ بضعة شهور. وفيما كانت الأعين الأدبية متّجهة إلى الرّوائي الياباني « هاروكي موراكامي»، فإن لجنة التحكيم فضّلت الكندية التي تُعتبرُ واحدة من أشهر كتّاب القصة القصيرة في العالم اليوم. وقد سبق لها أن نالت العديد من الجوائز الأدبية قبل أن تحصل على جائزة (نوبل) منها جائزة (البوكر). وقدْ نشرت رواية طويلة قبل أن تنصرف إلى كتابة القصة القصيرة في العديد من المجلات المتخصصة، وترجم العديد من قصصها لأكثر من 13 لغة، ومعظم قصصها تدور أحداثها في محيط نساء البوادي الكندية، حيث عاشت هناك معظم سنوات حياتها. وتعترف مونرو بأنها انتهكت قوانين تشكيل القصة القصيرة، ولم تطع القواعد التي تقوم عليها الخطوات التقليدية في الكتابة، إذ إنها لا تفكر عندما تكتب في شكل محدد، بقدر ما تفكر في مضمون القصة نفسها، أو لنقل التفكير في جزء صغير من المضمون، تقول »أفكر أولا: ما الذي أنوي أن أفعله؟ أريد أن أروي حكاية على الطراز القديم ؟ ما الذي حدث لإنسان ما ؟ولكنني أريد أن أوصل »ما الذي حدث« مصحوبا بإضافة تحمل شيئا من الصورة الغرائبية، أريد من القارئ أن يشعر ببعض الدهشة، ولذلك فإنني أروي »ما الذي حدث« ولكن ليس بالطريقة التي يحدث فيها كل شيء، وأستخدم في ذلك الحكايات الطويلة التي تروي قصة قصيرة، وأحاول أن أصنع ذلك على أفضل وجه«. ويطلق النقاد على مونرو تسمية »تشيكوف عصرنا«، لكنها لا تعلق على ذلك، إنما تكتفي بالقول إنها أعادت هذه الأيام قراءة الكثير مما كتبه تشيكوف، ورأت في ذلك ما تسميه »اختبارا متواضعا«، مضيفة: »إن تشيكوف كان مؤثرا علينا جميعا نحن كتاب القصة القصيرة، وهو مثل شكسبير الذي أضاءت كتاباته الطريق أمامنا...«. وتعتمد أليس على الذاكرة في معظم أحداث قصصها، ولها نظرتها الخاصة إلى ما يمكن أن نسميه ب »سلطة الذاكرة«، وتأثيرها على حياتنا لدرجة أنها تأسرنا وتثير اهتمامنا الشخصي بشخصية ما أو بحدث ما، تقول أليس »إن الذاكرة هي الطريقة التي نحافظ بها على رواية حكاياتنا لأنفسنا، وكذا روايتها للآخرين بنسخة مختلفة نوعا ما، وأنا أعتقد أنه لا يمكننا بسهولة التعامل مع حيواتنا من دون سرد حكايات نامية ومؤثرة، ونكتشف أن وراء تلك الحكايات حكايات معاد تحريرها أو ملهمة ومنتقاة.. نحن نفترض أن بعضا من الكينونة الأسطورية المنتفخة والكبيرة والتي نطلق عليها تسمية (الحقيقة) تضم حكاياتنا الخيالية التي من المفترض أن تحرك الجمرات في دواخلنا وقد تخطفها، أي شيء أكثر إثارة من تملك حياة ما؟ إن إحدى الطرق لفعل ذلك من قبلنا هو في محاولة النظر إلى ما تعنيه ذكرى معينة، حيث يتعامل كل منا مع ذكرى معينة بطريقة مختلفة عن الآخر، لكن دائما هناك تجربة مشتركة«. أليس مونرو، التي أعلنت توقفها عن الكتابة بحكم السنّ، هي الكاتبة الثالثة عشرة في سلسلة الحاصلات على جائزة »نوبل« للآداب التي ابتدأت بالسويدية سلما لاغرلوف (1909) وصولاً إلى الألمانية هيرتا مولر (2009). وهي الكاتبة السابعة والعشرين من الفائزين الذين يكتبون باللغة الإنكليزية. بدأت مشوارها الأدبي في عام 1950، ونشرت مجموعتها القصصية الأولى »رقصة الظلال السعيدة« (1968)، وصولاً إلى مجموعتها الأخيرة »عزيزتي الحياة« (2012). شغلت منصب »كاتب مقيم« في جامعتي »كولومبيا« البريطانية و»كوينز لاند«. كانت تدرس اللغة الإنكليزية في جامعة »أونتاريو« الغربية قبل أن تترك الدراسة لتتزوج في عام 1951، وتؤسس بعدها مكتبة »كتب مونرو« (1953) التي تعتبر اليوم من أهم المكتبات في كندا وأميركا الشمالية. وقد اتسعت قائمة التوقعات لتشمل وجوها أدبية عالمية من كل قارات العالم، ومن الشخصيات التي شملتها التوقعات الإعلامية المتابعة للموضوع نجد جويس كارول أوتس من الولاياتالمتحدة، وشاعر كوريا الجنوبية كو أون، والجزائرية آسية جبار، والمرشح السادس هو أدونيس الذى كان مرشحاً للفوز في 2011 في أعقاب انتفاضات الربيع العربي، وخسرها أمام شاعر آخر هو السويدي توماس ترانسترومر، وظل هو في المرتبة الثانية. وفي تغريدة للسكرتير الدائم للأكاديمية السويدية قال إنه تم اختيار خمسة مرشحين لعام 2013 لجائزة نوبل للآداب، وأثارت هذه التغريدة موجة من التكهنات حول ما إذا كان يمكن أن تكون هذه السنة هي سنة أمريكا، إذ كان يتردد احتمال فوز فيليب روث، ودون دليلو كمرشحين محتملين للجائزة. وجدير بالذكر أن الأكاديمية السويدية قد أعلنت في الحادي عشر من أكتوبر الماضي، 2012، عن فوز الكاتب الصيني مو يان بجائزة نوبل للآداب، وفي عام 2011 عن فوز الشاعر السويدي توماس ترانسترومر، وفي 2010 عن فوز الروائي والصحفي البيروفي خورخي ماريو بيدرو فارغاس يوسا.