نشرت يومية «لوموند» الفرنسية في عددها ليوم الخميس 19 شتنبر، فقرات موسعة من تقرير لجنة التحقيق الأممية الخاصة بالجريمة المرتكبة يوم 21 غشت الماضي بغوطتي دمشق، وهو التقرير الذي يؤكد وقوع هجوم بالأسلحة الكيماوية واستعمال غاز السارين من قبل نظام دمشق، الذي له وحده الكفاءة العلمية والعسكرية للقيام بجريمة مماثلة، بما فيها التوفر على معلومات حالة الطقس العلمية الدقيقة، التي تجعل استعمال ذلك الغاز يتطلب شروطا علمية دقيقة لا تتوفر لغير حكومة بشار الأسد. هنا ترجمة لتلك التفاصيل.. تعريب: أنس عثمان ملاحظات الأمين العام.. عبر الأمين العام (للأمم المتحدة) وهو يقدم نتائج التقرير الخاصة بالبحث في ما جرى يوم 21 غشت بالغوطة بضواحي دمشق، عن أسفه وصدمته لحجم المجال الذي استعملت فيه الأسلحة الكيماوية وما تسببت فيه من ضحايا مدنيين بينهم أطفال. لقد أدان بلغة قوية استعمال تلك الأسلحة مما يعتبر خرقا لبرتوكول 1925 وجريمة ضد الإنسانية. وأن من واجب البشرية مطالبة المسؤولين عن ذلك بتقديم الحساب وأن تسحب تلك الأسلحة من ساحة المعركة. ولقد عبر الأمين العام عن تقديره الكامل لرئيس البعثة الأممية المكلفة بالتحقيق وكل أعضائها وكذا خبراء نزع تلك الأسلحة ومنظمة الصحة العالمية. مثلما قدر دعم الدول الأعضاء للجهود الأممية، متمنيا تواصل الدعم حتى إنهاء كل الأبحاث اللازمة وتقديم التقرير النهائي. وأن انخراط سوريا يوم 14 شتنبر 2013، في اتفاقية منع تصنيع الأسلحة الكيماوية وفي تخزينها أو استعمالها خطوة مرحب بها. ومنذ وضع ذلك القانون الأممي والأمين العام يطالب بتنفيذه على الصعيد العالمي. مثلما ثمن الإتفاق بين موسكو وواشنطن يوم 14 شتنبر 2013 لوضع جدول لتدمير المخزون من تلك الأسلحة السورية، متمنيا أن تسرع المؤسسات الدولية المعنية في تطبيق ذلك على أرض الواقع. طالبا من الجمهورية السورية تشريف التزاماتها بالإمتثال للقانون الدولي من أجل الوصول للنتائج المرجوة. مؤكدا أن كل استعمال للأسلحة الكيماوية من أية جهة كانت وفي أية ظروف وتحت أية درائع يعتبر خرقا سافرا للقانون الدولي. نتائج لجنة التحقيق.. بوصولنا إلى الجمهورية العربية السورية يوم 18 غشت 2013، كنا يوم 21 غشت بدمشق حيث كنا نستعد للقيام بتفتيش في مواقع معينة ضمن مهمتنا للتقصي حول استعمال أسلحة كيماوية في خان العسال، الشيخ مقصود و سراقب. فبعد عدة تقارير تفيد باستعمال تلك الأسلحة المحظورة في منطقة الغوطة قرب دمشق يوم 21 غشت 2013، تلقينا أوامر بتحديد بحثنا في منطقة الغوطة للتأكد من حقيقة الوضع هناك. فقررنا القيام بمهمة تحقيق في المعظمية بالغوطة الغربية وبعين ترما بالغوطة الشرقية. وتبعا لاتفاقياتنا السابقة مع الحكومة السورية وكذا مع الجهات الأخرى المعنية حالة بحالة، تم الإتفاق على وقف لإطلاق النار لخمس ساعات يوميا ما بين 26 و 29 غشت. لقد كان القيام بتلك المهمة جد معقد وصعب، لأن الفسحة الممنوحة للقيام بمهمتنا كانت جد ضيقة. والولوج إلى مواقع الأحداث والمسار الواجب عبوره ظل معلقا حتى آخر لحظة. مثلما أن عناصر أساسية للبحث، مثل عدد المصابين ومناطق الإصابات قد بقيت ضبابية قبل وصول البعثة إلى مواقع الحدث. وفي يوم 26 غشت زارت لساعتين البعثة الغوطة الغربية ويومين 28 و 29 غشت زارت اللجنة منطقة زملكا وعين ترما بالغوطة الشرقية، حيث بقينا هناك 5 ساعات ونصف الساعة. ورغم ضغط التوقيت المسموح به والتهديدات الجدية التي تواجهنا وضمنها إطلاق النار الذي استهدفنا من قبل قناص غير محدد الهوية يوم 26 غشت، فإن أعضاء لجنتنا قد تمكنوا من جمع معلومات من عند حوالي 50 مصابا بقوا على قيد الحياة وضمنهم جزء من الساكنة ومن الطاقم الطبي الذين تطوعوا لإنقاد المصابين. وتبعا لتلك الشهادات فإن الصواريخ أرض أرض قد أطلقت فجر يوم 21 غشت. لقد أجمعت الشهادات على أن القصف ابتدأ بدوي الصواريخ متبوعا بظهور متواتر لصعوبات في التنفس ودوخة ونزول كثيف مفاجء للمخاط من الأنف ثم توترات عصبية في العين وفقدان مؤقت للرؤية وقئ وانهيار كامل للجسد تتبعه غيبوبة. وكل الذين تطوعوا لإنقاد المصابين قد أجمعوا أنهم وجدوا أمامهم أجسادا مرمية بالعشرات أغلبها ميت أو في حالة غيبوبة. وأنهم لمحوا صعوبة في التنفس لمن تبقوا على قيد الحياة مع نزول كبير للمخاط من الأنف والفم. بل إن أغلب المتطوعين قد أصيبوا بدورهم. وأكد واحد منهم أن فقد صفاء النظر للحظات وبضعف كامل وانهيار وخفقان سريع في القلب وإحساس بيقين الموت قبل أن يدخل في غيبوبة. استمعنا لتسع ممرضات وسبعة أطباء. أغلبهم كانوا بمنازلهم لحظة الكارثة والتحقوا مباشرة بموقع الحدث لمساعدة الضحايا. حيث وقفوا على حجم الضحايا القتلى وكذا عدد المصابين الذين لا يزالون على قيد الحياة وهم بالمئات ممددين في الأزقة والشوارع بدون أي أثر لجرح أو إصابة دموية. أغلب الضحايا في حالة غيبوبة وأغلبهم يجدون صعوبات جمة في التنفس. لقد عملوا على أن يقدموا لهم المساعدات الأولية من خلال محاولة سقيهم بالماء ونقلهم بسرعة حسب الإمكانيات المتوفرة إلى المستشفيات القريبة عبر سيارات خاصة. حالة الطقس بدمشق يوم 21 غشت.. أكدت مصالح الأرصاد الجوية نزولا للحرارة بدمشق يوم 21 غشت ما بين الثانية والخامسة صباحا، هذا يعني أن أن الهواء لا يرتفع من الأرض بل أنه بالعكس يبقى نازلا. بالتالي فإن استعمال الغاز الكيماوي يبقيه في الأسفل قريبا من الأرض مما يجعله يصل إلى الناس في مواقع اختبائهم تحت الأرض. معلومات حول ما تم تجميعه.. جمعنا في المجمل 30 عينة خلال فترة تحقيقنا. وهي عينات من مواقع الحدث ومن محيطها المباشر. بعدها أخضعنا تلك العينات للتحليلات اللازمة. لقد تأكد من قبل المنظمة الدولية لمنع الأسلحة الكيماوية، أن الأمر يتعلق بغاز السارين وأنه موجود في كل العينات التي تم تجميعها. معلومات حول الأعراض.. طلبت لجنة التحقيق لقاء 84 مصابا تتوفر فيهم الشروط المطلوبة من قبلنا. وضمنهم عرضنا 34 حالة على الأطباء المتخصصين الأعضاء بلجنتنا. وكلهم يعانون بوضوح من أعراض دالة: فقدان الوعي (78 بالمئة)، صعوبات في التنفس (61 بالمئة)، ضعف في الرؤية (42 بالمئة)، التهاب في العيون وحكة مصاحبة (22 بالمئة)، قئ (22 بالمئة)، تشنجات وهستريا (19 بالمئة). وهي جميعها أعرارض متطابقة مع الإصابة بالغازات العضوية الفوسفورية. معلومات خاصة بالعينات البيوطبية.. جمعنا عينات من الدم والشعر والبول من حوالي 34 حالة من مجموع 36 حالة المختارة من قبل لجنة التحقيق. وأكدت تحاليل الدم والبول، بما لا يدع مجالا للشك، أن الأمر يتعلق بالتعرض لغاز السارين عند كل المصابين. وهي النتائج مؤكدة بالتحليلات الإكلينيكية، التي أوضحت سبب الأعراض التي ظهرت على المصابين وضمنها ضيق التنفس والإجهاد والتهاب العيون ونزول حاد للمخاط وهديان وتجنش حدقة العيون. والنتائج متطابقة تماما مع ما تم تجميعه من شهادات عند الأطباء من أن الضحايا مصابون بتبعات استعمال مادة محظورة للأعصاب. خلاصات.. تبعا للنتائج المتحصل عليها بفضل تحقيقنا بالغوطة، فإن الخلاصة أنه يوم 21 غشت 2013، استعملت أسلحة كيماوية في الصراع الدائر بالجمهورية العربية السورية ضد مدنيين ضمنهم أطفال وبنسب عالية جدا. وكل العينات المحيطة والكيميائية والطبية التي جمعناها تؤكد بوضوح لا لبس فيه وبيقين أنه تم استعمال صواريخ أرض أرض محملة برؤوس كيماوية من نوع غاز السارين وألقيت على عين ترما والمعظمية وزملكة بمنطقة الغوطة قرب دمشق. والأدلة على ذلك، هي كالآتي: لقد تأكدنا من بقايا صواريخ أرض أرض حاملة لغاز الساردين لقد تأكد ليدنا أن المناطق التي يصل إليها مدى تلك الصواريخ مصابة بغاز الساردين. لقد تطابقت لدينا تصريحات ومعلومات 50 ناجيا وطاقما طبيا مع النتائج الإكلينيكية والمخبرية والعلمية. تشخيص العشرات من المصابين الأحياء أكدت بوضوح أنهم مصابون بغازات كيماوية. العينات المأخودة من الدم والبول كل أكدت الإصابة بغاز السارين. النتائج المتحصلة عليها تجعلنا على درجة عالية من القلق والخوف.