ما يزيد من ألم زعماء النهضة أن أبناءهم الأعزاء الذين يذكّرونهم بشبابهم، لم يتدربوا على حمل السلاح لمساندتهم، ولكن لينقلبوا عليهم. أرى زعماء النهضة في ورطة لا يتمناها العدو لعدوّه، فأبناؤهم الأعزّاء الذين يذكّرونهم بشبابهم, تبيّن أنهم إرهابيون وقتلة يتآمرون على حكمهم وسلطانهم. ومن قال إنهم يبشّرون بثقافة جديدة إسلامية، اتضح أنهم بالفعل يجددون في الثقافة التونسية، فيغتالون السياسيين ويذبحون العساكر والأمنيين، ويستهدفون قلب نظام الحكم، ليحوّلوا تونس إلى أفغانستان في أحضان القاعدة وطالبان. ومن دعاهم ذات يوم إلى الانتشار في الأرض، ونصب الخيام، لم يخّيبوا ظنه، وانتشروا في أعالي الجبال، يتدربون على القتال، ونصبوا الخيام في الشوارع والأسواق لاستقطاب الشباب التوّاق وباتوا يجوبون البلاد بالعرض والطول للتبشير بفقه كندهار وكابول، وحصلوا على الأموال التي تخدم الهدف، ليحققوا حلم المجتمع المختلف، وتجرؤوا على الدولة، بالتخطيط لإقامة دولتهم على أنقاضها، وعوض أن يعترفوا بالمرزوقي وليا لأمرهم، بايعوا الظواهري وأبا عبد الودود، ثم جلبوا العتاد والذخيرة من وراء الحدود، وخزّنوها خلف الباب الموصود، استعدادا لليوم الموعود، واغتالوا البراهمي بعد بلعيد في انتظار المزيد، وأرسلوا الشباب إلى ساحات النزال في خارج الوطن حتى يحظوا بالتجربة في حرب الشوارع والمدن، وصعدوا إلى جبل الشعانبي بالسلاح، ومعهم المال والخرائط ومجاهدات النكاح. وما يزيد من ألم زعماء النهضة وعذابهم أن أبناءهم الأعزاء الذين يذكّرونهم بشبابهم، لم يتدربوا على حمل السلاح لمساندتهم عند اللزوم، ولكن لينقلبوا عليهم في يوم معلوم، ووجدوا في من كان يحسبهم حلفاءه خارج البلاد، حلفاء لأبي عياض وشركاء له في مشروع الجهاد، يقدمون له الدعم والمساعدة على الإعداد لمرحلة حكم القاعدة، ووصل الأمر إلى مرحلة الإنذار بالخراب، عندما اخترق الإرهاب الدولة بدل أن تخترق الدولة مكامن الإرهاب. وقد يأتي يوم بعد طول مخاض، نرى فيه قيادات من النهضة قد تورطت مع أبي عياض ، ففي النهضة من المتشددين التكفيريين، من يتفقون مع أنصار الشريعة «الإرهابيين» في ضرورة النظر إلى بعيد، إلى يوم تفتح فيه تونس من جديد.