يترقب الجزائريون، يومه الأربعاء، العودة الرسمية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى ممارسة مهامه العادية بعد أربعة أشهر من الغياب المثير للجدل بسبب أزمته الصحية ولجوئه للمكوث لمدة ناهزت الثلاثة أشهر في المستشفيات الفرنسية للعلاج. ويتوقع المراقبون أن يسجل عودته عبر بوابة اجتماع مجلس الوزراء الذي لم يلتئم منذ تسعة أشهر، وتعطل عشرات الملفات والقوانين التي كادت تقع تحت طائلة التنافي مع النصوص الدستورية لو لم يجتمع مجلس الوزراء برئاسة بوتفليقة قبل نهاية الشهر الجاري. من المنتظر أن يلتئم اليوم الأربعاء، مجلس الوزراء برئاسة بوتفليقة بعد تسعة أشهر من الشلل، وفي أجندته أكثر من ثلاثين ملفا وقانونا للبت والدراسة، وسيكون الاجتماع أول إطلالة رسمية لبوتفليقة بعد أربعة أشهر من الغياب، وهو ما يعني عودته لممارسة نشاطه الرسمي. فبعد أشهر من الجدل حول الملف الصحي للرئيس، ومدى قدرته على استكمال ما تبقى من شهور في عدّاد ولايته الرئاسية، خاصة في ظل إطلالاته المثيرة للتساؤل على ثلاث مناسبات بالصورة دون صوت وملامح تعب نال كثيرا من الرجل بعد رحلته العلاجية الى فرنسا. ويرى مراقبون أن عودة بوتفليقة ستحمل في طياتها العديد من القرارات الحاسمة، لتكون بداية الهجوم المضاد للسلطة تحسبا للاستحقاق الرئاسي المقرر في ربيع العام المقبل 2014. فبعد مرحلة الفراغ التي تركها غياب بوتفليقة في السلطة ولدى الأحزاب الموالية، تمكنت المعارضة من اكتساب مواقع جديدة في الساحة، بسبب حالة الشلل التي أفرزها غياب الرئيس، وردّات الفعل التي تركتها ملفات الفساد التي تورط فيها ما يعرف برجال الرئيس، على غرار وزير النفط السابق شكيب خليل. ويضيف المراقبون أن اجتماع مجلس الوزراء الذي يتزامن مع اجتماع اللجنة المركزية للحزب الحاكم- جبهة التحرير الوطني- نهاية هذا الأسبوع، لانتخاب أمين عام، ينطوي على عدة رسائل توحي إلى حسم السلطة في دعم الجناح الذي يقوده أحمد بومهدي، في اتخاذ خطوات عملية لتحضير السيناريو الذي يعد له ما يعرف بتكتل الرئاسة، والمتمثل بحسب تسريبات من الجناح أن يتم انتخاب الرئيس السابق للغرفة السفلى للبرلمان، عمار سعداني، أمينا عاما لجبهة التحرير، على أن يكون بلخادم مرشح الحزب للرئاسيات القادمة، أو التمديد لعامين آخرين لبوتفليقة، بموجب الدستور الجديد، الذي قد يحدد حكم الرئيس القادم بولايتين فقط، على أن تكون مدة الولاية سبع سنوات وليس خمسة. إلى ذلك ترجح دوائر مقربة من السلطة أن يلجأ بوتفليقة مطلع شهر سبتمبر القادم إلى تعديل في حكومته، سيمس حوالي عشر حقائب وزارية. إذ من المقرر أن يستغني عن العديد من الوجوه التي أبدت طموحا في الاستحقاقات القادمة، أو تراجع ولاؤها نتيجة ميلها للتموقع في أجندة ما بعد رئاسيات الربيع المقبل. وإذا كان تكتل الرئاسة قد حسم مسألة الحزب الحاكم الذي تتقاذفه ثلاثة أجنحة متصارعة، ما قبل الإطاحة بعبد العزيز بلخادم، بمنح بومهدي مأمورية عقد اللجنة المركزية وانتخاب أمين عام جديد. فإن التطورات الجارية داخل صفوف الحزب توحي بأن جبهة التحرير تسير نحو الانشطار بسبب تسمك الجناحين الآخرين بما يسمى بأن شرعية عقد اللجنة المركزية سيمر عبرها. وقال عبد الرحمن بلعياط، الذي يشغل منصب المنسق العام المؤقت، أن دعوة بومهدي باطلة، ووجه أصابع الاتهام إلى وزارة الداخلية على خلفية منحها الترخيص بالاجتماع لجناح بومهدي. كما أشارت مصادر في جناح بلعياط إلى ضلوع المستشار وشقيق الرئيس، سعيد بوتفليقة، في تحريك عجلة الحزب في صالح جناح بومهدي. أما جناح حركة التقويم والتأصيل التي يقودها عبد الكريم عبادة، فيترقب هو الآخر الوضع ويعتبر أن ما يقوم به بومهدي وبلعياط باطل ولا يخدم مصلحة الجبهة. ويقول الناطق الرسمي للحركة، محمد الصغير قارة، إن الحسابات السياسية هي التي تحرك هؤلاء، وشدد على أن الرجلين يسيران نحو رمي الحزب في براثن الفساد. واصفا عمار سعداني المرشح لمنصب الأمين العام » برمز الفساد والضالع في ملفات خطيرة تتعلق بالاستثمار الزراعي في الهضاب والصحراء«. وفي ظل هذه التطورات التي تحيط بالحزب الحاكم في الجزائر، يرى المراقبون أن عودة بوتفليقة إلى نشاطه الرسمي بداية من الغد، ستلهب الصراع الكبير بين الزمر النافذة في السلطة حول الاستحقاق الانتخابي القادم.