لما بدأت الحركة الوهابية تعرف طريقها إلى الناس في بقاع الأرض الإسلامية ولا سيما بعد أن تبنى أمير الدرعية محمد بن سعود مضامين هذه العقيدة وكرس مجهوده من أجل فرضها على الناس بأي طريقة وكيفما اتفق بالترغيب بالمال والإغداق على العلماء والوجهاء والنافذين في وجدان الناس أو بالترهيب والتكفير والإخراج عن الملة والدين. في سياق هذا الخطر الداهم الذي باتت الوهابية تشكله على المسلمين والأمة الإسلامية قاطبة كان العلماء والصلحاء والمعتزون بهويتهم الدينية والمذهبية سدا منيعا في وجه المد الوهابي عن طريق فضح تعاليمه وفضائح زعيمهم محمد بن عبد الوهاب. فهذا العلامة سيدي عبد الحفيظ بن عبد الصمد كنون الحسني الطنجي (ت 1996) يؤلف كتابا ما يزال مخطوطا في الرد على الوهابية بعنوان»تنبيه الغافل عن معتقد محمد بن عبد الوهاب الجاهل» فصّل فيه القول تفصيلا، وأتى على كشف نقائص ومنزلقات هذه الحركة وشيخها محمد بن عبد الوهاب يبتدئ سيدي عبد الحفيظ كنون كتابه بتقديم الصورة التي ينبغي أن يضعها الناس في أذهانهم حول شخصية محمد بن عبد الوهاب مؤسس هذه الحركة وزعيمها وأفكاره وتوجهاته العقدية شهادة أقاربه وشيوخه فيه: لقد استقصى صاحب الكتاب مجموعة من شهادات أقاربه وشيوخه فيه فهذا أبوه عبد الوهاب نفسه» وقد كان من العلماء الصالحين. فكان يتفرس فيه الإلحاد. ويذمه كثيرا، ويحذر الناس منه» أما أخوه سليمان بن عبد الوهاب « فإنه أنكر عليه ما أحدثه من البدع والضلال والعقائد الزائفة وألف كتابا في الرد عليه» وهو كتاب «الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية» وأما شيوخه فقد كان منهم محمد بن سليمان الكردي، ومحمد حياة السندي وغيرهما وكانوا يتفرسون فيه الإلحاد والضلال ويقولون»سيضل هذا ويضل الله به من أبعده وأشقاه فكان الأمر كذلك وما أخطأت فراستهم تطلعه إلى الزعامة: فقد كان في أول أمره مولعا بمطالعة أخبار من ادعى النبوة كاذبا كمسيلمة الكذابوغيره فكان يضمر في نفسه دعوى النبوة ولو أمكنه إظهار هذه الدعوى لأظهرها. أضف غلى ذلك انه كان يسمي جماعته من أهل بلده الأنصارويسمي من اتبعه من الخارج المهاجرين التكفير: تقوم الوهابية على مبدإ تكفيرمن يخالفهم من المسلمين والمبالغة في ذلك حتى إن محمد بن عبد الوهاب كان إذا أراد أحد أن ينضم إلى حركته «يقول له بعد الإتيان بالشهادتين: اشهد على نفسك أنك كنت كافرا واشهد على والديك انهما ماتا كافرين واشهد على فلان وفلان ويسمي له جماعة من أكابر العلماء الماضين انهم كانوا كفارا فإن شهد قبلهم وإلا أمر بقتلهم» كما أنه كان إذا انضم إلى حركته أو تبعه أحد وكان قد حج حجة الإسلام يقول له:»حج ثانيا فإن حجتك الأولى فعلتها وأنت مشرك فلا تقبل ولا يسقط عنك الفرض» وبالجملة فقد كان محمد بن عبد الوهاب « يكفّر كل من لا يتبعه وإن كان من اتقى المتقين فيسميهم مشركين ويستحل دماءهم وأموالهم ويثبت الإيمان لمن اتبعه وإن كان من أفسق الفاسقين» التقليل من قيمة رسول الله (ص) : يرى سيدي عبد الحفيظ كنون أن محمد بن عبد الوهاب كان ينتقص النبي (ص) بحيث كان يقول عنه» إنه طارش وهو بلغة أهل الشرق بمعنى الشخص المرسل من قوم لآخرين « كما «أن بعض أتباعه لعنه الله كان يقول عصاي هذه خير من محمد لأنها ينتفع بها في قتل الحية ونحوها ومحمد قد مات ولم يبق فيه نفع أصلا وإنما هو طارش (مرسل) ومضى . وقال بعض العلماء إن ذلك كفر في المذاهب الأربعة بل هو كفر عند جميع أهل الإسلام» ومن مظاهر تنقيص محمد بن عبد الوهاب من فضل سيدنا رسول الله (ص) أنه كان يكره الصلاة عليه فكان يقول « إن الربابة في بيت الخاطئة يعني الزانية أقل إثما ممن ينادي بالصلاة على النبي (ص) في المنابر ومن ذلك أيضا «أنه قتل رجلا أعمى كان مؤذنا صالحا ذا صوت حسن نهاه عن الصلاة على النبي (ص) في المنارة بعد الأذان فلم ينته وأتى بالصلاة على النبي(ص) فأمر بقتله فقتل»