ليس من السهل على أبناء مدينة الدارالبيضاء العثور على مكان مريح وآمن للاستجمام والراحة، وذلك بسبب ندرة حدائق الألعاب، وإن وجدت فهي عبارة عن خراب وأشجار مكسرة أو مقتلعة، وكراسٍ أصابها التلف لم يبق شاهدا على عصرها «الذهبي» الذي لم يدم طويلا سوى بقايا أطلالها. فكيف إذن، لسكان مدينة «ضجيجية» بامتياز، أن يجدوا فضاء ينسيهم قساوة الأجواء المحيطة بهم، بعد أيام من العمل الشاق، تحقيقا لراحتهم البدنية، و لرغبات الأبناء وأفراد الأسرة ؟ سؤال طرحناه على عدد من المواطنين من مختلف الأعمار، فكانت الأجوبة تصب في اتجاه واحد، هو عدم الرضى بما هو متوفر ودعوة المسؤولين إلى الاستجابة لحاجتهم المستعجلة في هذا المجال. فمحمد القاسمي، 49 سنة، أب لطفلين، أجاب عن السؤال بكل حرقة، معبرا عن غضبه الشديد من عدم وجود مرافق وحدائق للألعاب بالمدينة، حيث قال «إني في حيرة من أمري من كثرة بحثي عن مكان للاستجمام والترفيه، أصحب إليه أسرتي وسط هذه المدينة الضخمة وعديمة المرافق. وأنا مضطر للسفر إلى المدن القريبة المجاورة، قصد إيجاد مبتغاي المتمثل في سبل الترويح عن عائلتي، التي عادة ما تنتظر قدوم يوم الأحد بفارغ الصبر للتخلص من روتين يوميات الأسبوع». عائشة كندي، ربة بيت، 38 سنة، أم لطفلين، تحدثت هي الأخرى عن قلة المساحات الخضراء، مشتكية من خدمات ما هو متوفر، فقالت «إن المتنزه القريب من حيينا ذو خدمة رديئة وبنية مهترئة. أما إن أردت الذهاب إلى متنزه يستجيب حقيقة للحد الأدنى من الشروط المطلوبة في الفضاء الأخضر ، وهو قليل في مدينة كالدار البيضاء، فالأمر مكلف من الناحية المادية، والذي ليس في مستطاع غالبية الأسر البيضاوية». وفي جواب آخر، قالت هدى مفتاحي، وهي طالبة، 19 سنة، «إني لا أجد متنفسا في هذه المدينة، أقضي فيه وقتا ممتعا. وكل ما في الأمر، حدائق مهمشة ومنسية، وتنعدم فيها المرافق الحيوية كالمقاهي والألعاب والمساحات الخضراء، إضافة إلى انعدام الأمن بها». نقلنا التساؤل ذاته لأحد الاطفال الذي يقل سنه عن 15 سنة، حيث قال « إن أغلب حدائق الألعاب مهجورة أو رديئة الخدمة. وأكثر ما أخشاه على نفسي، كثرة المشردين والمنحرفين، الذين يعترضون سبيل مرتادي هذه الاماكن من الأطفال والنساء»، الذين غالبا ما يواجهون التهديد بالسلاح الأبيض من قبل اللصوص ، والذي يتحول أحيانا إلى اعتداء يلحق الأذى بالضحايا الأبرياء». في السياق ذاته ، نقلنا انشغالات المواطنين جراء الوضع المتردي للمساحات الخضراء بالمدينة لبعض المنتخبين ، حيث صرح لنا يوسف الرخيص عضو لجنة الشؤون الثقافية و الاجتماعية لمجلس مدينة الدار البيضاء ، قائلا «توجد ثلاث حدائق للألعاب: ياسمينة، سندباد، عين السبع، وهذه الحدائق توقفت منذ فترة طويلة بسبب إفلاس الشخص المكلف بتدبير هذه المرافق، وبالنسبة لحديقة عين السبع فإنها ستعرف إصلاحا وترميما من طرف إحدى الشركات الاسبانية بمبلغ 500 مليون تحت اشراف شركة « تهيئة الدار البيضاء» . أما حديقة سندباد فستشهد أشغالا كبرى تعطيها نفسا جديدا وصورة مغايرة، في حين ستتم إعادة هيكلة وبناء حديقة ياسمينة حيث سيتم استبدال فضائها الحالي بمكان آخر ». من جهته ، صرح مصطفى الريشي عضو مجلس مدينة الدار البيضاء، قائلا «بالنسبة لحدائق الألعاب المتواجدة في مدينة البيضاء هي غير كافية، لأن ثلاث حدائق ألعاب لا تكفي لساكنة البيضاء يتجاوز عددها ال 5 ملايين نسمة وقرار توقيف هذه الحدائق جاء بسبب غياب التدبير و التسيير الناجع» ، وبالنسبة للمشاريع المستقبلية الخاصة بحدائق الالعاب، أضاف «بأن مجلس المدينة لا يتوفر على مشروع محدد، والتدبير يغلب عليه الطابع العشوائي ».