حل أمس الثلاثاء بالرباط أربعة وزراء بالحكومة الإسبانية بالإضافة إلى تسعة وزراء خارجية سابقين ورؤساء ومدراء 26 من كبريات الشركات والمقاولات الإسبانية، ورئيس الاتحاد الإسباني لمنظمات الأعمال ورئيس المجلس الأعلى للغرف، وذلك استكمالا لبرنامج الزيارة غير المسبوقة التي يقوم بها إلى المغرب العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس الأول. وكان العاهل الإسباني قد حل بالرباط اول امس الاثنين، ليصبح بذلك أول زعيم دولة يزور المغرب في شهر رمضان. وبمناسبة هذا الشهر أقام جلالة الملك إفطارا عائليا على شرف العاهل الإسباني . وتحظى هذه الزيارة باهتمام كبير في الضفتين وذلك لعدة أسباب: فسياسيا توصف العلاقات المغربية الإسبانية بأنها في أزهى مراحلها بعد أزمات عديدة وصلت إلى حد خروج الشعب المغربي في مسيرة حاشدة ضد سياسات الحزب الشعبي الإسباني. واقتصاديا تولي إسبانيا اهتماما غير مسبوق بالمغرب لتجاوز أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها في العصر الحديث، فالأرقام تشير الى أن إسبانيا في 2012 أصبحت الشريك التجاري الأول للمغرب، حيث صدرت إلى المغرب ما قيمته 5،3 مليار أورو، واستوردت من المغرب ما قيمته 3 مليار أورو، وخلال الأشهر الأربعة من هذه السنة مثلت الصادرات الإسبانية إلى المغرب 29،9 في المائة من مجموع الصادرات الأوروبية متقدمة على فرنسا بنسبة 25،7 في المائة. ولتعزيز هذا التطور تقرر خلال هذه الزيارة الاعلان عن إنشاء المجلس الاقتصادي المغربي الاسباني، وقد تم أمس الثلاثاء في الرباط التباحث بين رجال المغاربة والاسبان بهدف إعطاء دفعة قوية للشراكة بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب والكونفدرالية العامة للمقاولات الإسبانية. وتتواجد في المغرب أكثر من 800 شركة إسبانية، فيما تقيم 20 ألف شركة إسبانية علاقات تجارية مع المغرب، ويستحوذ المغرب على 52 % من مجموع الاستثمارات الإسبانية في القارة الأفريقية وتكشف الاحصائيات الاخيرة عن تطور العلاقات الاقتصادية بين الرباطومدريد، وامتدادها الى مجالاتى متنوعة وهو ما ساهم في المنحى التصاعدي لحجم المبادلات التجارية بين البلدين، خصوصا في القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية وعلى رأسها الصناعة، التي تستقطب 33 في المائة من الاستثمارات الاسبانية نحو المغرب، والسياحة (24 في المائة)، والعقار(24 في المائة)، وقطاع البنوك (12 في المائة). وخلال السنوات الاخيرة بدأ اهتمام المستثمرين الاسبان يتجه نحو قطاع الطاقات المتجددة، لاسيما بعد المشاريع المتعددة التي أطلقها المغرب في هذا القطاع. وعلى الصعيد الثقافي يرافق العاهل الإسباني مدير معهد سيرفانتيس وعمداء 13 جامعة، في إشارة إلى رغبة الجهود التي تبذلها مدريد لنشر اللغة والثقافة الإسبانية في المغرب الذي مازالت فيه الفرنسية مهيمنة على باقي اللغات الأجنبية، وقد قرر القصر الملكي الإسباني في مبادرة تجاه المغرب تسليم عدد من المخطوطات العربية التي تملكها إسبانيا لفائدة المكتبة الوطنية بالرباط . ولتتويج هذه الزيارة سيتم الخميس تسليم مفتاح مدينة الرباط إلى العاهل الإسباني ليصبح بذلك أول زعيم أجنبي يتسلم مفتاح العاصمة المغربية.