بوتيرة إيجابية، سجلت دينامية التعاون الاقتصادي بين المغرب وإسبانيا، خلال السنوات الأخيرة وخاصة في الأشهر الأخيرة، تطورا ملحوظا يعكس عزم البلدين الراسخ على بناء شراكة مربحة بالنسبة للجانبين. ومن المؤكد أن هذه الدينامية ستتعزز أكثر خلال الاجتماع العاشر المغربي-الإسباني من مستوى عال، الذي ستحتضنه الرباط يومه الاربعاء ثالث أكتوبر الجاري عبر التوقيع على عدة اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة، خصوصا الاقتصادية منها. وتستدعي عوامل متعددة كالأزمة الاقتصادية الدولية والقرب الجغرافي وتحديات العولمة، البلدين معا إلى استكشاف مؤهلاتهما وتحقيق التكامل الاقتصادي المطلوب بينهما. وقد أصبح المغرب، بفضل ما لديه من نمو قوي ومتنوع وأسس اقتصادية سليمة، سوقا رئيسية بالنسبة للجارة الشمالية التي باتت تهتم أكثر فأكثر بما أصبح يوفره من فرص للاستثمار، فضلا عن ما أصبح يتيحه، كبلد صاعد على مقربة من أوروبا، وفي سياق أزمة عالمية اقتصادية ومالية من إمكانات لتطوير وتوسيع المقاولات الإسبانية على المستوى الدولي، وذلك بفضل ما أعده من تسهيلات وما اعتمده من إصلاحات. وفي هذا الصدد فإن الأرقام تتحدث عن نفسها، إذ شهدت الصادرات الإسبانية نحو المغرب زيادة كبيرة ب 20,9 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2011، حيث بلغت أكثر من 2,5 مليار أورو. وهكذا، انتقل البلد الإيبيري كشريك تجاري للمغرب من الصف الثاني إلى الأول، متقدما على فرنسا، حيث تستقر بالمغرب ما بين 800 و1000 مقاولة إسبانية تشتغل في مختلف القطاعات. ويستقطب المغرب، الذي يوفر فرصا استثمارية في جميع المجالات ومناخا ملائما للنشاط الاقتصادي، 52 في المائة من الاستثمارات الاسبانية الموجهة لإفريقيا، مما جعله يشغل موقعا مفضلا بالنسبة للمستثمرين الإيبيريين. وبالنظر لموقعه الجغرافي وحداثة بنياته التحتية والاقتصادية واستقراره السياسي، يفرض المغرب نفسه كقاعدة جذب رئيسية للمقاولات الإسبانية الراغبة في دخول السوق الإفريقية. ففي السنوات الأخيرة أصبح المغرب الذي تبنى سياسة ترمي إلى تحرير الاقتصاد، بغية الرفع من تنافسية منتجاته ، الوجهة المفضلة للاستثمارات الإسبانية التي تزايد اهتمامها بولوج السوق المغربية. وتعتبر الدينامية، التي يشهدها المغرب في جميع الميادين وكذا انفتاح اقتصاده، ومتوسط معدل نموه السنوي المقدر ب 5 في المائة خلال العشرية الأخيرة، جميعها عوامل تقف وراء هذا الاهتمام المتزايد من قبل الشركات الإسبانية. ويبرز تطور العلاقات الاقتصادية بين الرباط ومدريد على الخصوص، من خلال تنوع مجالات التعاون بين البلدين والارتفاع المتواصل للمبادلات التجارية، لاسيما في القطاعات الرئيسية لاقتصاد البلدين كالصناعة التي تستقطب 33 في المائة من الاستثمارات الإسبانية في المغرب، والسياحة (24 في المائة)، والعقارات (24 في المائة) والبنوك (12 في المائة). وتؤكد هذه الأرقام المستوى الذي بلغه مسار تأسيس علاقات اقتصادية مثمرة بين البلدين، وكذا مدى استعدادهما للدخول في شراكة استراتيجية لفائدة الشعبين الجارين.