بالنظر لأهمية وحساسية ورش إصلاح منظومة العدالة وما يطرحه من تحديات لم نفاجئ في جمعية عدالة من ردود أفعال خبرناها منذ عقود كحقوقيين وحقوقيات خصوصا وانها ردود فعل لمنبر اعلامي يفترض فيه نقل الخبر وتدويله بصدقية وتجرد بعيدا عن الاثارة الاعلامية التي تقتصر على منطق التجارة القائم على تحريض وتمويه للراي العام الوطني بعيدا عن مقومات ومبادئ واخلاقيات مهنة الصحافة وما قد يكون لذلك من تاثير على النهوض بالمسألة الحقوقية بصفة عامة وإصلاح منظومة العدالة بصفة خاصة . في هذا الصدد , يمكن إدراج ما جاء في جريدة أخبار اليوم , عدد 1100 بتاريخ 27 يونيو2013 ، الذي في رأينا يدخل ضمن خانة التشويش وتحوير مجرى النقاش العمومي حول استقلالية السلطة القضائية وضمانات المحاكمة العادلة وتعزيز حقوق وحريات المتقاضين و المتقاضيات ، ويقدم لنا صورة أخرى حول واقع وسلوك بعض المنابر الصحفية التي لازالت تصر على الزيغ عن رسالتها النبيلة وتؤكد رفضها الإنخراط الإيجابي وبفعالية في مسار الإصلاح وعدم تعاطيها الموضوعي والمسؤول مع كل الإنتاجات الأدبية والمعرفية والعلمية لكل الفاعلين وفي مقدمتهم الجمعيات الحقوقية التي ترتكز على المرجعية الكونية في مجال حقوق الإنسان ومن ضمنهم مذكرة عدالة التي لاتحرجها أية قراءة نقدية موضوعية . بصراحة إن فهم خلفيات هذا التجني وتلفيق مثل هذه الإتهامات التي لاتمت بأية صلة بمضمون مذكرة جمعية عدالة حول إصلاح العدالة تعفينا من طرح السؤال حول من له مصلحة في تحريك مثل هذه الإتهامات التي لا أساس لها من الصحة خاصة إذا تبين لنا أن المستهدف ليس فقط جمعية عدالة، بل المسستهدف الحقيقي هو مضمون وجرأة الحوار الذي يعرفه المغرب اليوم حول إصلاح منظومة العدالة ونوعية المبادرات والمقترحات المقدمة في هذا المجال من طرف العديد من الهيئات المعنية. وإذا كان انخراط جمعية عدالة في هذا النقاش العمومي يندرج في إطار الأهداف الأصيلة للجمعية فإنه من جانب آخر يأتي في إطار التفاعل الإيجابي مع سياقات الإصلاح وتحديد الأولويات والمقاربات الأساسيات في إصلاح منظومة العدالة والوقوف عند مختلف إختلالاتها والتجاوب مع الإنتظارات والتحولات في منظومة القيم المجتمعية بشكل يضمن المساواة بين الجنسين في إطار رؤية متكاملة فرضتها النقاشات والمطالب المجتمعية والحقوقية وبشكل خاص الحركة النسائية. في هذا السياق فإننا في جمعية عدالة نبرؤ بأنفسنا الخوض في مثل هذه الجدالات المغرضة والنقاشات الكيدية التي تهدف تحوير النقاش حول إصلاح منظومة العدالة عن مساره الحقيقي خاصة أن ما تضمنته المذكرة بخصوص تجريم العلاقات الرضائية بين البالغين و البالغات لا يعني اطلاقا و بشكل قطعي إباحة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، على اعتبار أن العلاقات الرضائية بين الجنسين لا تعني فقط الممارسة الجنسية، مع العلم أن العلاقات الرضائية بين الشباب و الشابات هي مظهر من مظاهر الحريات الفردية المنصوص عليها في الإعلانات و الاتفاقيات الدولية، و التي أكد الدستور المغربي على الالتزام والتشبت بها, كما أن الممارسة و الواقع في المغرب يكشفان على عدة أنواع من التعسف في العديد من الحالات، حيث يتم القاء القبض على بعض الشبان و الشابات في مختلف الأماكن العمومية أو في فضاءات الترفيه بدعوى أن ذلك يشكل فسادا و تتم متابعتهم على هذا الأساس، و هذه الممارسة هي انتهاك صريح للحقوق و الحريات. و انطلاقا من كون هذا الموضوع يعتبر مطلبا مشتركا للعديد من الهيئات الحقوقية ، فإننا في جمعية عدالة نجد أنفسنا مضطرين إلى المطالبة بضرورة توفير الأمن القانوني لمختلف المواطنين و المواطنات على اختلاف جنسهم و سنهم، و التأكيد على مطلب عدم تجريم العلاقات الرضائية باعتباره إحدى الضمانات الأساسية لتحقيق الأمن القانوني، و هو ركيزة أساسية لحماية الحقوق و الحريات الفردية و لتكريس الحق في الاختلاف. رئيسة جمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة