مرة أخرى يكون الخداع، ومرّة أخرى تكون الخيانة، ومرة أخرى نتأسف على ماض ولّى. ومرة أخيرة نتألم على فريق أصبح في خبر كان وليت ولعلّ. في الموسم الماضي، كان قاب قوسين أو أدنى من الصعود إلى ما يسمى بقسم الصفوة. وبخطأ فادح يعود تاريخه إلى العصور الحجرية، بل الرؤوس المتحجرة جعلت منه يبقى أينما هو بدون أمل. ها هو اليوم ينزل منحني الرأس إلى قسم أسفل السافلين. هادْ الشّي مكتوب والأجل وْفى؟! لا تسألوني عن أسباب النزول، ولا على الناسخ والمنسوخ! فحتى وقت التعاليق والتحليلات قد ولّى ودار الزمان على الفريق دورته. وهل سيندى جبين أصحاب المسببات؟ فريق الطاس حكم عليه بالمؤبد، وتم الاستئناف، وكان الحكم بالإعدام. لن نتحدث عن إسناد المهام إلى غير أهلها، فهذا كلام صام عليه الدهر وأفطر... لن نشير بالأيدي إلى الانتهازيين والوصوليين وأصحاب الرشاوي والمتطفلين والأميين، وابحثوا عن نعوت وأوصاف أخرى! هؤلاء الناس الذين تربصوا بفريق الحي المحمدي منذ سنوات وأعوام ليجعلوا منه عرضة للمهازل والسخرية والضياع... لن نزعم بأن فريقنا المحبوب هو فريق الأمجاد والبطولات، ولن ندعي بأنه أبلى البلاء الحسن ذات يوم، ذات شهر، ذات سنة. فريقنا المفضل لم يحصل أبدا على البطولة في الوطن، ولا هو فاز بكأس يحملها أبناء الحي وسط أزقة مغلوبة على لأمرها ومنهزمة بضربات الجزاء...؟! فليكن، إنه فريق فتحنا عيوننا عليه ومعه. دخلنا مرغمين في عشقه وحبّه، فالطاس ليس مجموعة من اللاعبين وشرذمة من المسيّرين فحسب. الطاس ليس قميصا أبيض وأسماء بالوزن والقافية فقط، بل هو أكثر من ذلك، إنه رمزية تشبثنا بالحيّ العريق الذي يجمع كل الانتماءات الجغرافية من الشمال إلى الصحراء، ومن الغرب إلى الشرق. جمهور الطاس كان دائما ودوما متعدد اللكنات ومختلف الأصول. الاتحاد البيضاوي كان يجمعنا، والاتحاد اسم على واقع وعلى حقيقة... تدخل الساسة الذين ليس في قلوبهم حبّ، بل في جيوبهم رغبة. تدخل المتملقون وأفسدوا ما أصلحته الذكريات التي عبرت طفولتنا وشبابنا. وغادر الجمهور الحقيقّ جنبات المدرجات ليتركوا تعميم الفوضى في التسيير، واقتحام مستودع الملابس لكل من هب ودبّ. العربي الزاولي يتحرك في القبر، وكيرا ينام ملء جفونه، فقد مضى الزمن الذي كان فيه يتهكم ويسخر ويتفكّه على مسؤولين سقطوا سهوا من السقف ليمتصّوا البقرة الحلوب التي هي الطاس. أية عدالة هذه؟ اغتصبوا فريقنا ورمه برماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم، ولا من يحاسبهم. كن منصفا سيدي القاضي، إن فريق الاتحاد له ماض... وها هنا والآن، أصبحنا يتامى نتألم للفقدان. سرقوا من جيوبنا الشمس والقمر، وقلنا: يا أيها القلق العظيم تعال، كن متواصلا... هذا زمن تتساقط فيه الأشجار نهارا وأبناء الحيّ نيام. قتل محمد بؤسة غدرا، ومات شعيب فجأة، ونسينا ضربات الزاوية التي كان ينفذها علال نومير بالقياس والمقاس. نسينا المهدي وقاسمي ويمان وكريمو والصفوي وعبد الله ومازي ودفاع وعبد الخالق والآخرين... نسينا المناخ وتناسينا الأجواء، ووقعت الواقعة التي ليس لوقعتها كاذبة. لقد مات الفريق الذي كان دائما في الروح والدم والوجدان، فما جدوى الرثاء إن لم يكن في السابق هجاء؟! دعوني أيها الأعزاء أن أصيح في واد، دعوني اصرخ لأطلب من الغيورين الحقيقيين على الفريق الذي يمثّل الحيّ... هذا الحي الذي في البال أغنية... أن يشمّروا على أكتافهم... فأبناء الحيّ المحمدي الذين لقنوا دروسا للاستعمار والمستعمرين، لا يغلبهم الفساد والفاسدون، فلنطْو الصفحة لنفتح أخرى، صفحة بيضاء بلون القميص لنقول إن شرفاء الحيّ لا يعرفون المستحيل، وبأنهم لن يتخلوا عن رمزية فريقهم مهما كانت الظروف والمشقّات. فهذا الحيّ فيه براعم وكتاكيت وفيه الكفاءات. وبالنوايا الحسنة والعمل الدؤوب والتفكير في المصلحة العامة، والابتعاد عن النوايا المبيّتة، والهروب من أصحاب الشكّارات ذوي العقول الفارغة، يمكننا طال الزمان أو قصر، أن نعيد الفريق إلى السكة الحقيقية ليأخذ طريقه المستقيم، ونقول بصوت واحد: ما ضاع حقّ وراءه طالب...