على باب الاعتراف، نافذة ورسم جديد لأسماء ظلت دوما تمنحنا وحدة لقياس المرحلة، لقياس الزمن الذي لانلتفت إليه إلا حين نصبح أمام الفراغ. على باب الاعتراف ، لحظة لاستعادة الأمل الحي المحمدي ليس حيا عاديا، الحي ليس فقط دورا للسكن وللعيش البسط. الحي المحمدي يشكل برجالاته ونسائه وأزقته ذاكرة حيه لمغرب عميق. الحي المحمحدي، حي يسكنه الصحراوي، العروبي والامازيغي ومن كل حذب وصوب، هو كذلك خليط من الثقافات. حين تتكلم عن هذا الحي الذي ارتبط تاريخه وعمق وجوده بكاريان سنطرال، نجده في قلب المغاربة، بالنظر لما منحه وأنتجه من أسماء مبدعة، من ناس الغيوان مرورا، بالمشاهب ووصول الى فرق مسرحية رائدة. الحي ايضا، منح للمغرب أسماء رائدة في كرة القدم، كان على رأسها المرحوم العربي الزاولي، الذي نشأ وكبر الى جانب الطاس، الاتحاد البيضاوي، الذي أطل على المشهد الكروي المغربي، من رحم الوطنية والنضال من أجل الاستقلال. العربي الزاولي، هذا الاسم الذي اربتط أفقيا وعموديا بالحي وبالطاس، هناك نشأ وهناك صنع اسمه من ثراب ملعب الطاس، كان يفطر بالكرة وعشاؤه الوحيد الكرة، لايعرف لغة أخرى الا لغة الكرة. العربي الزاولي استطاع ان يرفع الطاس الى أعلى المرتب، بلونها الابيض، جالت في ميادين الكرة، وتركت بصمات وأسماء مازالت الذاكرة الرياضية تحتفظ لهم بمكانة خاصة، ك: نومير، بؤسا، الغزواني، لبزار وعشرات آخرين من هذا المستوى الكبير والرائع. لم يكن العربي الزاولي رجلا عاديا، فلقد كان اصراره يتجاوز كل شيء، كان مقتنعا ان الطاس لايمكنها ان تعلو الا اذا كان العمل القاعدي يسير في اتجاه يمنح لهذا الفريق الابيض مساحات كبيرة للتنفس. لذلك نجده كان دائما يبحث في هذا الحي الذي يشبه منجم الذهب. يبحث عن المبدعين، فوجدهم في أزقة الحي وفي مساحاته المتعددة، وصنع بهم اسمه واسم فريق أضحى اليوم يعيش وضعا صعبا. مازالت أتذكر، كيف كان الانقلاب الاول والاخير، الذي أبعد الاب عن ابنه، ابعد العربي عن الطاس، كان وقتا عصيبا مر منه هذا الرجل، حين جاءت قوة السياسة والمال، لتغيير معالم التاريخ ، معالم حي ، معالم فريق يلامس السحابة البيضاء. في تلك الفترة، لم تعد الاسلحة التي قاتل بها العربي في السنوات الاولى من أجل باء الطاس، هي نفس الاسلحة، الاسلحة الجديدة التي يمكنها ان تحرق حتى ورقة الهوية، لتظل خارج زمن العقل. ولننتظرالساعة. خرج العربي الزاولي من الطاس مطرودا، هي مأساة حقيقية، مع الاسف ساهم في هذا الذبح الكثير من الوجوه التي نعرفها ، وساعدوا الوافد الجديد على حساب الرجل التاريخي، لأنهم لم يعودوا في حاجة الى التاريخ، هم في حاجة الى مصالح وبقع أرضية وامتيازات، وهي متوفرة على كل حال لدى القادم الجديد. من هنا كانت نقطة نهاية جملة جميلة رسمها وكتبها العربي الزاولي. العربي، لم يكن فقط رجلا يمثل الحي المحمدي ، بل كان حضوره على المستوى الوطني، يشكل وجها آخر لهذا الرجل، لقد كان رحمه الله، من بين أكبر المهندسين للجموع العامة لجامعة كرة القدم، بذهائه وبحساباته وبعلاقاته الممتدة على امتداد الفرق والمدن. كان من بين الرجالات الذين وضعوا ورسموا الحروف الاولى للكرة المغربية، لكن مع مرور الزمن، وجد هؤلاء المؤسسون أنفسهم خارج الدائرة، وأضحوا فقط شهداء على مرحلة جديدة بدأ فيه المسخ يصول ويجول، بدون ان تكون للمستقبل قيمته وللماضي ثقله الذي يفرضه كلما حاولنا السير الى الامام. في الكثير من المناسبات، نقف عند حجم التشوهات التي أصابت الكرة المغربية، بالنظر الى الطريقة التي كنا نتعامل بها مع ماضينا الكروي، كنا نتنكر له، نهرب منه، في محاولة للتخلص منه. وحين نفعل ذلك، نكون قد سرنا نحو المجهول، ونبدأ من جديد، ونتيه من جديد، ونبحث عن أسماء جديدة نستقدمها من الخارج، عساها ان تدلنا على الطريق وبغلاف مالي يفوق المتخيل. في حين ان هذه البلاد، لها تاريخ ولها أسماء ولها ذاكرة وتاريخ وتراث كروي رائع، لاتحتاج الى الآخر ليوجهنا ليرسم لنا الطريق التي نعيها جيدا ولنا كل الامكانيات لنرسمها بأنفسنا، سيرا على القول المأثور، ماحك جلدك مثل ظفرك.