ألقى حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، قنبلة حارقة في وجه عبد الإله بنكيران، ستكون لها، ولا شك، تداعيات على مستقبل التحالف الحكومي، حينما كشف خلال تجمع له بمدينة طنجة أول أمس السبت، أن رئيس الحكومة أكد، في لقاء له مع قيادات الأغلبية الحكومية، استعداده لتخفيض أجور الموظفين إذا ما طلب منه صندوق النقد الدولي ذلك لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، مضيفا أن بنكيران يحمل مسؤولية إغراق البلاد لحكومة عباس الفاسي حينما قررت زيادة 600 درهم في أجور الموظفين والتوظيف المباشر للمعطلين حاملي الشهادات العليا !... شباط واصل فضح خبايا ما كان يتم التحضير له داخل المطبخ الحكومي من قرارات لا شعبية، كاشفا أن حكومة بنكيران تداولت في مقترح الزيادة في سعر السكر لمواجهة كلفة استيراد المغرب لحوالي % 60 من حاجياته من هاته المادة، والحال أن الحكومة عوض الزيادة في ثمن السكر كان عليها تشجيع زراعة الشمندر السكري لمواجهة الانخفاض المهول لمنتوج المغرب من هاته المادة، مؤكدا كذلك صحة الأخبار التي راجت حول عزم الحكومة التخفيض من وزن قنينات غاز البوطان، والرفع من سعر أزيد من 2700 نوع من الأدوية الأكثر استعمالا من طرف المغاربة، متهما الحكومة بالتضليل والكذب على الشعب المغربي حينما روجت لقرار تخفيض أسعار 360 من أنواع الأدوية الباهظة الثمن والتي لا تباع بالصيدليات، كل ذلك في محاولة للتغطية على الصفقة التي عقدت مع اللوبيات المتحكمة في صناعة الأدوية بالمغرب.... الأمين العام لحزب الاستقلال حذر من الاختباء وراء جلالة الملك الذي يبقى الملاذ الأخير وضامن الاستقرار، في إشارة إلى تصريح بن كيران بكون حكومته تحضى بثقة جلالة الملك، مؤكدا أن ثقة الملكية لا تعفي من المساءلة الشعبية، مذكرا بأن أفقير و الدليمي و إدريس البصري كلهم كانوا يحظون بثقة الملك الراحل الحسن الثاني، ومنهم من كان يدخل إلى غرفة نومه، والجميع يعلم ماذا كانت مخططاتهم وأهدافهم الحقيقية، في تلميح خطير لا تخطئه عين المراقب. بالمقابل حذر حميد شباط من خطورة التوجهات التي تعتبر أن تاريخ المغرب بدأ يوم 25 نونبر 2011، مؤكدا رفضه القاطع لاتخاذ قرارات شبيهة بتلك التي يتخذها مرسي بمصر والغنوشي بتونس، موجها دعوته لكل القوى الحية من أحزاب ديمقراطية ونقابات جادة ومنظمات المجتمع المدني إلى تشكيل جبهة عريضة من أجل مواجهة المد الهيمني والتحكمي الذي يكاد يعصف بالبلاد. كما لم يفته من جهة أخرى أن يحمل رئيس الحكومة مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تكاد تصيب البلاد بالسكتة القلبية بسبب انفراده في اتخاذ القرارات وعدم الأخذ بمقترحات الوزراء غير المنتمين لحزبه، مستدلا على ذلك بكون مقترحات وزير الاقتصاد والمالية، نزار بركة، كانت تحال على وزيره المنتدب، إدريس الأزمي، الذي تكون له الكلمة الفصل لدى رئيس الحكومة، هذا الأسلوب الانفرادي كانت له نتائج كارثية على مختلف القطاعات الاقتصادية، متهما الحكومة بتزييف الحقائق، ذلك أنها عندما تتبجح بخلقها ل 150 ألف منصب شغل، في حين أنه تم تسريح أزيد من 144 ألف عامل، وهو ما يعني أن الحكومة عمليا خلقت 1000 منصب شغل طيلة سنة ونصف، منبها إلى أنه في حالة استمرار نفس النهج فإنه مع نهاية ولاية هاته الحكومة سيكون المغرب قد وصل إلى مرحلة الانهيار الشامل. الأمين العام لحزب الاستقلال جدد تذمره من أسلوب بنكيران التحكمي، متسائلا كيف يمكن التعامل مع رئيس حكومة أعلن صراحة داخل المجلس الحكومي بأنه سيسحق مريم بنصالح (meryem Ben Saleh je vais écrasé) لا لسبب إلا لأنها عبرت عن اعتراضها على أسلوب تدبير الحكومة للشأن الاقتصادي بالمملكة، كما أن بنكيران، حسب شباط دائما، رفض الحوار مع النقابات بعد فاتح ماي لأنها تجرأت ورفعت شعارات اعتبرها رئيس الحكومة مناوئة لسيادته. وفيما يشبه اشتراطات للخروج من النفق و حلحلة الأزمة الحكومية، أكد حميد شباط أن حزب الاستقلال مستعد للتفاوض مع رئيس الحكومة على أساس تغيير أسلوب التحكم والانفراد الذي تدبر به الحكومة حاليا، والقطع بصفة نهائية مع عقلية «يا علي لا تجادل ولا تناقش»، والانفتاح على مقترحات الأحزاب المشاركة في التدبير الحكومي، و اعتبار الزيادة في الأسعار والمس بالقدرة الشرائية للمواطنين خط أحمر لا ينبغي الاقتراب منه، مع ضرورة مراجعة الهندسة الحكومية في اتجاه تكوين أقطاب حكومية عوض الإبقاء على قطاعات حكومية كمحميات و إقطاعيات لكل وزير حق التصرف فيها كما يشاء، مع التسريع بإخراج القانون التنظيمي للحكومة كأولوية مستعجلة، وفي غياب القبول بهاته الاشتراطات فإن حزب الاستقلال سيكون مضطرا لتنزيل وتحصين قرار انسحابه من الحكومة حرصا منه على صيانة مكتسبات الشعب المغربي.