يعتبر الموساوي العجلاوي الباحث المتخصص في الشؤون الافريقية أن الجبهة الليبية على الحدود الجزائريةوالتونسية ستتحول إلى بؤرة صراع جديدة لا يعلم أحد أين ستصل شظاياها، وإذا ما اختلطت الأمور بالصراع الدائر في القرن الإفريقي ستصبح الصحراء الليبية مصدرا جديدا لتهديد الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء من البحر الأحمر والمحيط الهادي إلى المحيط الأطلسي. مضيفا أن الحرب لن تنشب بين المغرب والجزائر لأن المغرب يشكل عمقا استراتيجيا لأوربا.. { التهديدات الحالية بالعودة إلى الحرب بخصوص الصحراء، هل تشكل فرضية ممكنة؟ لا أعتقد ذلك, والتهديد بالعودة إلى الحرب يعني خرق اتفاق 1991، وفي سياق تداعيات ملف الصحراء لدى الأممالمتحدة لا أحد من الأطراف قادر على المجازفة بورقة الأممالمتحدة، علما أن قرار إعلان الحرب ليس بيد قيادة البوليزاريو, بل يوجد بين أيدي أجهزة جزائرية. الظروف الإقليمية توجه أنظار المؤسسة العسكرية الجزائرية إلى الحدود الجنوبية المحاذية لمالي وإلى الحدود الجزائرية الليبية والحدود الجزائريةالتونسية. الجبهة الجزائرية المالية : بدأت تظهر انعكاسات التدخل الفرنسي العسكري في شمال مالي في الصحراء الجزائرية من حيث الإضرابات الأسبوعية لعدد من القطاعات, إضافة إلى الشباب المعطل ( وهذا ما يفسر المعارضة القوية للدولة الجزائرية للحل العسكري في شمال مالي قبل أن تنحني للضغوط الأمريكية). قبل التدخل العسكري في شمال مالي ولعقود طويلة اشتغل الناس في الصحراء الجزائرية على " المبادلات التجارية " مع سكان شمال مالي والصحراء الكبرى بشكل عام، خاصة البنزين والعجائن والسيارات، وأصبحت ولاية تمنراست أول ولاية من حيث استهلاك البنزين، وهي أقل الولاياتالجزائرية من حيث الكثافة السكانية، وتحاول الدولة الجزائرية امتصاص غضب سكان المنطقة عن طريق تخفيض الأثمان والزيارات المتتالية للمسؤولين إلى الجنوب، ومحاولة إدماج أكبر عدد من الشبان في سلك الأمن والجيش، لكن هذه العملية لم تخل من مشاكل، وتخوف الدولة الجزائرية من انتقال عدوى الانفصال التي انتشرت في شمال مالي إلى جنوبالجزائر، مع إمكانية ولادة تنظيمات جهادية جديدة توازي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بزعامة دروكدال القابع بالمنطقة الجبلية بالقبايل، مع امتداد تنظيم القاعدة نحو الجنوب بما يعرف بإمارة الصحراء، والتي تزعمها مؤخرا قيادي جزائري آخر اسمه أبو الهمام. استراتيجيا تفاعلات هذه المشاكل ستمتد لسنوات، وفي حال تأثر الموارد المالية للدولة الجزائرية سيعرف الجنوبالجزائري تحولات عميقة. لهذه الأسباب جميعها تتركز عيون كل الأجهزة الأمنية والعسكرية على الحدود المالية الجزائرية والتي تمتد على أكثر من 1000كلم. الجبهة الجزائرية الليبية، وتمتد على مسافة 1400 كلم، وهي أخطر الجبهات إطلاقا على الأمن القومي الجزائري، فالصحراء الليبية أصبحت فضاء مفتوحا لكل الحركات الجهادية وشبكات تهريب الأسلحة، وهي مجال جغرافي شاسع، اكتفى المؤتمر الوطني العام ( البرلمان) بإعلان المنطقة مجالا مقفلا، وهذا يعني قانونيا وسياسيا أن الدولة الليبية لاتتحمل مسؤولية ما يجري هناك. والأدهى من هذا وذاك أن قيادات إمارة الصحراء التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وقيادة حركة أنصار الدين انتقلت إلى الجنوب الليبي، ونعتقد أن أمورا كثيرة تجري هناك بدأت بوادرها تبرز على الحدود الليبية التشادية, وهذه المرة تبرز إثنية جديدة في الصراع وهي التبو إضافة إلى الطوارق. أبرزت الأحداث الأخيرة وقراءة ما بين السطور لبيانات حركات جهادية كأنصار الشريعة أن الجبهة الليبية على الحدود الجزائريةوالتونسية ستتحول إلى بؤرة صراع جديدة لا يعلم أحد أين ستصل شظاياها، وإذا ما اختلطت الأمور بالصراع الدائر في القرن الإفريقي ستصبح الصحراء الليبية مصدرا جديدا لتهديد الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء من البحر الأحمر والمحيط الهادي إلى المحيط الأطلسي. كل هذا يجري والدولة الليبية تعاني من مشاكل إعادة بناء الدولة ومؤسساتها في سياق تداعيات أربعة عقود من الفراغ المؤسساتي، وغياب مفهوم العدالة الانتقالية والمصالحة وتفضيل لغة السلاح والتهديد لفرض مطالب سياسية. علما أن 95% من سكان ليبيا مستقرون في الشريط الساحلي الممتد من راس اجدير إلى درنة. الوضع الأمني في جنوب ليبيا يؤثر على عملية إنتاج النفط والغاز في الجزائر، فالتقديرات تؤشر إلى نفاد آبار النفط والغاز المستغلة حاليا في 2025، والدولة الجزائرية تشجع الشركات العالمية الكبرى على الاستثمار في التنقيب، بيد أن الوضع الأمني في جنوب ليبيا بالخصوص وتداعيات الهجوم على موقع عين أميناس، جمد منذ أشهر عمل هذه الشركات خاصة البريطانية والأمريكية. الجبهة الثالثة: الحدود الجزائريةالتونسية، أبرزت الأحداث الجارية منذ سنة في ولايتي الكاف والقصرين أن الجنوبالتونسي أصبح معبرا وموطنا للجماعات الجهادية، ووقع تواصل ما بين قيادة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي و حركات جهادية، وهذا ما يفسر الأحداث الأخيرة في المنطقة الجبلية بالشعابني وفي منطقة الكاف، والتقنيات المستعملة ضد الجيش التونسي هي نفسها المستعملة ضد الجيش الجزائري من حيث زرع العبوات الناسفة والكمائن. نذكر أيضا أن الحدود الملتهبة بين تونسوالجزائر تصل إلى 600 كلم. فإذن مجموع الحدود التي تشكل خطرا على الأمن القومي الجزائري تتجاوز 3000كلم، ورغم المجهودات الجارية في عملية التجنيد وشراء الأسلحة والتقنيات الخاصة بمراقبة الحدود, فلا أحد يستطيع داخل الجزائر أو خارجها أن يطمئن على الأمن القومي الجزائري في سياق تهديدات متربصة في الجنوب والشرق، تهديدات تمس قلب الاقتصاد الجزائري ونعني بذلك المركبات البترولية والغازية في حاسي مسعود، وكشفت عملية عين أميناس كيف أن قافلة من بضعة سيارات استطاعت عبور الحدود والاستيلاء على مركب الغاز في بضع ساعات. إضافة إلى هذا وذاك تكلف عمليات نقل الثقل العسكري إلى هذه الحدود الملتهبة في الشرق والجنوب 2 مليار دولار سنويا. { ما هي التداعيات في حالة نشوب حرب على مستقبل المغرب والمنطقة، خاصة على ضوء المخاطر التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء؟ لا أعتقد أن الحرب ستنشب في تداعيات السياق الإقليمي، فالقوى الكبرى تعرف أن المنطقة لن تتحمل بؤرة توتر جديدة، والمغرب يشكل عمقا أمنيا استراتيجيا لأوربا ومدخل البحر الأبيض المتوسط ، مضيق جبل طارق، إضافة إلى أن التهديدات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء والتي بدأت تقترب من المحيط الأطلسي تتطلب وجود دول قوية خاصة المغرب والجزائر، ومن هنا نفهم سبب ربط نزاع الصحراء بالوضع في منطقة الساحل والصحراء. ومع هذا وذاك يمكن للوضع الداخلي الجزائري وتجاذبات القوى المؤثرة في القرار أن يتسبب في نزاع عسكري بين الجزائر والمغرب، فهذا الأخير ومنذ حرب الرمال سنة 1963 يشكل بامتياز ورقة داخلية في صراع الأجهزة، المرحلة الحالية حرجة من حيث اختفاء عدد من الوجوه التي كانت تمسك بالخيوط من وراء الستار، ودخلت المؤسسة العسكرية وجوه جديدة مع بروز رجال أعمال لهم امتداد داخل الجيش والأحزاب، فإذا ما استطاعت القوى الجديدة التوافق حول شخصية لخلافة الرئيس الحالي في الواجهة أو التحكم في القرار إذا ما بقي الرئيس الحالي، فإن الوضع الراهن سيستمر، بيد أن غياب هذا التوافق قد يدفع هذا الطرف أو ذاك لاستعمال الورقة المغربية لخلق موازين قوى مغايرة داخل مراكز القرار، وقراءة مذكرات الطاهر الزبيري والشاذلي بن جديد وآخرين توضح أهمية الورقة المغربية في التجاذبات السياسية الداخلية الجزائرية، و حجم توظيف ورقة البوليزاريو قد يكشف درجة حرارة الاحتكاك داخل مراكز القرار. { اليوم، كيف يمكن تقييم الوضعية الاستراتيجية لبلادنا، وكيف يمكن أن نحدد من هذه الزاوية الخصوم المباشرين للمغرب؟ المغرب يشكل مصدر أمن بالنسبة للبحر المتوسط وأوربا والمحيط الأطلسي الممتد من طنجة إلى خليج الكويرة، وهذه الوضعية تدفع الدول الغربية بالخصوص إلى الاهتمام بالاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني للمغرب، وموقف إسبانيا تجاه المشروع الأمريكي بخصوص نزاع الصحراء يبين الأهمية الاستراتيجية للمغرب ، فكل التقارير أبرزت أن الاتفاق بين إسبانياوالولاياتالمتحدة جرى بسرعة كبيرة أواسط شهر أبريل 2013 حول وجود قوات أمريكية مخصصة لمنطقة شمال غرب إفريقيا، ستتمركز في قاعدة مورون بالقرب من إشبيلية، وجاء ذلك موازاة مع الضغوط الاسبانية على الولاياتالمتحدة لسحب مشروعها، إذ أن السيادة المغربية على الصحراء تحمي بشكل حتمي أمن جزر الكناري، وإسبانيا لا يمكن أن تتحمل أعباء أمنية إقليمية وهي في قعر أزمة مالية واقتصادية، إضافة إلى أن الطريق البحري بين غرب أوربا و خليج غينيا أصبح قبلة للشركات البترولية للتخفيف من حدة الاعتماد على بترول الخليج حيث تتزايد المخاطر يوما عن يوم. المخاطر التي يمكن أن تمس المغرب حاليا تتمثل في تحول الشريط الممتد شرق الجدار إلى معقل لشبكات تهريب الكوكايين والسلاح والجماعات الجهادية خاصة حركة التوحيد والجهاد، والتقرير الأخيرالذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة بخصوص نزاع الصحراء( أبريل 2013) تعترف الأممالمتحدة من خلاله بالهاجس الأمني شرق الجدار لدرجة أن بعثة المينورسو تحتمي حاليا بالجدار، وأسقطت الجولات الليلية، وأصبحت زيارتها بين الفينة والأخرى نحو الحدود الموريتانية مع الصحراء تتطلب مرافقة عسكرية خاصة، ويتجلى الهاجس الأمني من خلال 8 فقرات (25-45-59-60-61-103-105-110) والمتتبع لانتشار الشبكات الجهادية في المنطقة يلاحظ أنها تستند دوما في تسربها على شبكات التهريب والمخدرات ، وهذه الشبكات، خاصة تلك التي تشتغل على تهريب الكوكايين تخترق كل شيء . من المخاطر أيضا أن توظف عناصر من مخيمات لحمادات في عمليات عسكرية، إذ يلاحظ الجميع بمن فيهم خبراء الأممالمتحدة أن الجيل الثاني والثالث تحول إلى أنشطة جهادية وتهريب وارتزاق، وهذا ما دفع الدولة الجزائرية إلى بناء جدار من الرمل حول ثلاثة مخيمات لمراقبة ما يجري بداخلها، إذ فقدت قيادة البوليزاريو مراقبتها على المخيمات بما في ذلك مخيم الرابوني. } يتوفر المغرب على سريتين من مقاتلات "إف 5"، وسريتين من نوع "ميراج" أكثر عصرية من الأولى. أما طائرات "تي- 37" النفاثة فتستعمل للتكوين. } تتوفر الجزائر على مقاتلات "ميغ"، سو- 24 فنسر" و"سو- 25 فروغفوت". وكذلك على أخرى من نوع "ميغ-29 " مجهزة لاستقبال مقاتلات "سو 30 إم كي آي" حصلت عليها في إطار عقد مع روسيا بقيمة ملايير الدولارات. وكانت الجزائر قد وقعت اتفاقية مع إيطاليا لاقتناء ست فرقاطات أوربية متعددة المهام، ومجهزة بصواريخ أمريكية مضادة للغواصات، وبلغت قيمة الاتفاقية أربعة ملايير أورو. وقبلها، ألغت الجزائر اتفاقية لاقتناء فرقاطات من الفرنسيين، لأن هؤلاء عرضوا على المغرب نفس قطع السلاح. } ستحصل الجزائر من إيطاليا، أيضا، على مائة طائرة مروحية من نوع "109- أ"، وإل أو هاش" و"أ دولفي 139". ويبدو أنها حصلت قبل هذا على سرية من المطاردات الروسية من نوع "شوكوي 30"، وذلك في إطار صفقة بلغت قيمتها سبعة ملايير دولار وضمت أيضا 180 دبابة، و18 طائرة مقاتلة روسية، وغواصات مستقبلية، وطائرات حربية وآليات للدفاع الجوي. } بهدف استدراك تأخره، أبرم المغرب عقدا مع الأمريكين لاقتناء أربع وعشرين "إف 16". ويسمح الاتفاق مع الأمريكيين أيضا بتغيير بعض معداته العسكرية الجوية. وقد أعطى الكونغرس الأمريكي موافقته على اقتناء طائرات "إف 16" التي تبلغ قيمتها مليارين و 400 ألف دولار. } خصصت الجزائر غلافا ماليا قدره 2460 مليون دولار للتسلح، خلال فترة 2008- 2009، حسب ما كشف عنه المعهد الدولي للأبحاث حول السلم في تقريره السنوي حول التسلح عبر العالم. ووفق الترتيب العالمي الذي ينجزه المعهد الذي يوجد مقره في ستوكهولم، فقد احتلت الجزائر المرتبة الثالثة عالميا ضمن الدول المستوردة للسلاح سنة 2008 والأولى مغاربيا (1518 مليون دولار)، والمرتبة السابعة عام 2009 (942 مليون دولار)، علما أنها كانت تحتل المرتبة 21 في سنة 2007 (471 مليون دولار).