لا يملك المتجول في مجموعة من شوارع وأزقة وأحياء مدينة العيون، إلا أن يشعر بالاستغراب الشديد لدى رؤيته للعدد الهائل من البنايات العشوائية التي تتوزع على مناطق استراتيجية وفوق مجاري المياه وقنوات الصرف الصحي، وفوق الملك العام المائي ووسط الطرقات وعلى جنبات ووسط وادي الساقية الحمراء، وهو ما شكل إعداما للاستثمارات بالمنطقة التي تشكو جشع لوبيات العقار ومافيا البناء العشوائي التي أتت على الأخضر واليابس، وكشفت عن وجود اختلالات قانونية وتدبيرية التي يعرفها قطاع التعمير والسكنى في ظل صمت السلطات المعنية، التي نقدم عنها « نموذجا حيا « « المقاطعة الحضرية الثالثة « بالعيون، التي شرعت للبنايات العشوائية بترابها الإداري، والذي شكل وجه آخر من أوجه «الفساد الإداري» بالمدينة. ولجرد عدد من ملفات البناء العشوائي بالمدينة ذاتها، يمكن الكشف عما يمكن نعته بالسلطة العقارية، التي توظف خيرات هذا المجال لخدمة مصالح جهات منتخبة نافذة، أو لتدبير سياسة الدولة في خلق طبقة مقربة تحظى بكل الامتيازات، وفي الجانب الآخر، معاقبة من يصنفون في خانة أعداء السلطة. أصبحت أحياء دوار المخازنية والمسيرة وتجزئة ليراك بنفوذ المقاطعة الحضرية الثالثة بالعيون، مسرحا للبناء العشوائي والترامي على الملك العمومي، بدون حسيب ولا رقيب، مما أغرق هذه الأحياء في فوضى من العمران المشوه بالرغم من أن أولويات السلطة المحلية ومعها مجلس الجماعة الحضرية ، العمل على حماية ومراقبة واسترجاع الملك العام، لخلق ممرات بالأزقة وخلق متنفسات خضراء وملاعب رياضية، عكس تحويل الأحياء السكنية إلى بنايات إسمنتية كما هو حاصل بهذه المقاطعة التي أشرف رئيسها بشكل مباشر وبصفة شخصية على الترخيص لتشييد بنايات عشوائية بتجزئة الحارثي وفوق الملك العام المائي بوادي الساقية الحمراء، وبتجزئة القوات المساعدة أو ما يعرف ب « دوار المخازنية « الذي تم فيه تفريخ دور سكنية عشوائية وغير منظمة تفتقد للوثائق القانونية بعد أن تطاول العديد من الاشخاص الذين يشكلون أذرعا انتخابية على الملك العمومي، مما خلق فوضى داخل الأزقة والأحياء السكنية على مستوى تراب المقاطعة الثالثة. واعتبرت جهات مسؤولة ومعنية بالسكن، أن هذه البنايات التي شيدت بمناطق مختلفة بنفوذ المقاطعة الحضرية الثالثة بشكل عشوائي «فضيحة» سابقة من نوعها، إذ أن الأشخاص الذين توجد أسماؤهم على أوراق البيع، ليسوا هم من يحصلوا على عائدات البيع، فهناك أسماء وازنة تتوارى وراء الأسماء الظاهرة، وتحرك السلطات المحلية لفائدتها، وهذا ما يوضح صمت السلطات المعنية. ويبدو أن السلطات المحلية بالعيون ليست لديها أية نية أو التزام باستئصال البناء العشوائي، عبر اعتماد مقاربة شاملة تجمع بين محاربة حاسمة للوبيات، التي تقف وراء هذه الظاهرة ومحاسبة السلطات والمنتخبين المتورطين فيها، ومواصلة الجهود الرامية إلى القضاء على جميع أشكال الترامي على الملك العام، وتكتفي السلطات ذاتها بالقول إن البنايات مرخصة من مجلس الجماعة الحضرية للعيون، دون إغفال أن هذه الرخص تم توقيعها من طرف الجماعة الحضرية بشكل أحادي وبدون استشارة اللجنة المشرفة على تسليم رخص البناء، حسب ما أكده مصدر من الوكالة الحضرية الذي لم يخف استنكاره من طريقة تسليم رخص البناء التي سمحت بالبناء فوق الملك العام المائي وفوق الصخور ووسط الطريق العام وبالساحات العمومية، بناء على وثائق تسليم مزورة لولاة سابقين أشرفوا على تسير الإدارة الترابية بجهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، علما بأن هذه البنايات العشوائية التي شهدتها أحياء بنفوذ تراب المقاطعة الحضرية الثالثة هي بمثابة خرق لمقتضيات المادة 50 من الميثاق الجماعي.