عاد الفقيه أحمد الريسوني إلى الرياضة العقدية التي يجيدها، التكفير، وصوب سهامه، في خروج لا يبدو صدفة، إلى قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في شخص كاتبه الأول ادريس لشكر. ومال الريسوني إلى المتشابه من الكلام، ونزع رأيا للقيادي الاتحادي عن سياقه لكي يحشره ضمن «الملحدين واللادينيين»، في وقفة «أولية قصيرة». فبماذا سيعقبها يا ترى؟ بفتوى يعتبر أنه الأهل لإصدارها في حق اللادينيين والملحدين، الصغار منهم والكبار، على حد زعمه؟ حقيقة الأمر أن الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كان يتحدث عن نازلة محددة، في سياق محدد، في الزمان والمكان، وهي ما قاله وزير العدل والحريات بخصوص الإضراب الذي شنه ويشنه موظفو العدل. وهي الحكاية التي أوردتها الصحف، ومنها أن الوزير خاطب سيدة مضربة «واش ماشي حرام عليك ؟» وهو منطق ينزع الطابع البشري، النقابي والمطلبي عن سلوك مواطنة، ويرمي به إلى مجال واسع ومحفوف بالتأويل، هو مجال الحلال والحرام. فعوض أن يتحدث الوزير كلام القانون (وهو هنا القانون المنظم للإضراب) والقوانين الخاصة بتنظيم الممارسة النقابية، ذهب إلى إشعار الموظفة بأنها ترتكب إثما وليس حقا نقابيا. هذا الحديث «ركب» عليه السيد الفقيه لكي يذهب به إلى حد الكلام عن اللادينيين والملحدين، الصغار، والذي «قبل» بهم وسلم بوجودهم، لكنه لا يقبل «بعض ذوي الوزن الثقيل»،... في ميزان اللاتدين والإلحاد طبعا!! التكفير هنا واضح بسياقه ومعناه، وأراد له صاحبه التأصيل بالعودة إلى إمارة المومنين عندما قال إن «عاهل البلاد محمد السادس قال أمام البرلمان: «بصفتي أميرا للمؤمنين لا يمكنني أن أحلل حراما أو أحرم حلالا». وهو بذلك يثقل الاتهام، الذي صاغه على هواه بالتأصيل الشرعي بإقحام إمارة المومنين، التي نعرف رأيه فيها، ونعرف رأيه في الافتاء من لدنها وما تلاه، أيام الدكتور الخطيب الذي وصفه بالبليد! السيد الريسوني انتقل إلى التكفير، الأولى القصير، في انتظار أن «يتفضل» أحد ما بإهدار الدم والقيام ب«المطلوب». إن كلاما من هذا القبيل لا يمكن أن يتم بدون رد، من لدن المجتمع ككل، ومن طرف قوى الديموقراطية والقانون والحق - ومنها الحق في الحياة، وفي السلامة -، ومن طرف الرافضين لقانون الترهيب ومصادرة الحق في الرأي وإبداء التعبير مهما كان خصمه. من الواضح أن الخروج الذي يقوم به الريسوني، لا يختلف عن خرجات حَقَّر فيها إمارة المؤمنين، وحَقَّر فيها المغاربة الذين لا يصادفون هواه، كما أنه لا يبتعد، في تقديرنا عن الأجندة التي يبشر بها منذ العودة من ديار الوهابية. والاتحاديون، الذي يتلقون، منذ قرار حزبه بعدم المشاركة في الحكومة الحالية، الضربات ومحاولات التشكيك، يعرفون أن حبل الكذب قصير، وأن الحقيقة التي تنتصر هي التي يحملها الصادقون، أما الذين يتبعون المتشابهات من الأفكار، فهؤلاء مهما كانت ذراعهم الدعوية طويلة ودموية، فأنهم ينتهون إلى النسيان.