أوردت الصحافة المغربية المكتوبة، أن الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بورزازات قد أحال محمد آيت بن علي مع آخرين على قاضي التحقيق، على إثر توصله بمحضر البحث التمهيدي الذي أنجزته الشرطة القضائية (الدرك الملكي (.وأن قاضي التحقيق قد أمر باعتقاله احتياطياً في انتظار إجراء التحقيق معه، بتهمة استعمال وثيقة إدارية قيل بأنها مزورة. وما كان هذا الموضوع يثير أي تعليق، لو لم يكن الشخص المذكور الذي وضعه قاضي التحقيق رهن الاعتقال الاحتياطي، هو المشتكي الذي كان ضحية ابتزاز، وطلب رشوة من طرف قاض هو نائب الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالجديدة، الذي ضبط في حالة تلبس بالجرم المشهود ، بالدار البيضاء من طرف الشرطة القضائية بحضور النيابة العامة، وبحوزته مبلغ عشرين ألف درهم ، عداً ونقداً ، سبق أن وضع المشتكي نظائرها لدى الجهة القضائية التي نصبت الكمين للقاضي المذكور . ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد، هو أن الوثيقة الإدارية التي كانت سبباً في اعتقال المواطن صاحب الشكاية ضد القاضي ، قد مضى على إنجازها ثلاث سنوات ، وتم تحريك البحث فيها فقط، ومباشرة بعد تقديمه الشكاية التي كانت سبباً في ضبط القاضي في حالة تلبس بتسلم مبلغ عشرين ألف درهم. ومن المعلوم أن القاضي المتلبس، كان يشتغل قبل التحاقه بالنيابة العامة بالجديدة، بورزازات. إن كل هذه الوقائع، تبرز بالضرورة أن إجراء اعتقال المواطن المشتكي محمد آيت بن علي، قد يكون رد فعل على تشكيه من الابتزاز الذي تعرض له، والنتيجة التي أسفرت عنها شكايته تجاه القاضي ، وهذا الموقف المتخذ ضد هذا المواطن يشكل سابقة خطيرة، وإنذاراً لكل من سولت له نفسه التبليغ عن جريمة الرشوة، أو صدق الخطاب بأن من يبلغ عنها يبقى في دائرة حماية القضاء من كل مكروه يصيبه مباشرة، أو بصفة غير مباشرة، وإلا بما يمكن تفسير أو تبرير تحريك المسطرة ضد هذا المواطن بعد أيام من تشكيه من الابتزاز، بسبب وثيقة يجرى تداولها في الملف القضائي منذ ثلاث سنوات، وبقدرة، استطاع « هدهد سليمان « ، أن يخبر النيابة العامة بورزازات ، بأن هذه الوثيقة مشكوك في صحتها وتتطلب إجراء تحقيق فيها، ضد محمد آيت بن علي، في حالة اعتقال ، في حين أنه ليس موظف إدارة، ولا رجل سلطة إدارية، يدخل في اختصاصه إصدار مثل هذه الوثائق، وتحمل مسؤولية ذلك. إن تلازم تحريك إجراءات البحث والتحقيق مع المواطن، مباشرة بعد فضحه لابتزاز القاضي طالب الرشوة، لا يمكن حمله إلا على أنه عملية انتقامية مكشوفة وتحذير صريح لمن قد تسول له نفسه، محاولة مقاومة رغبات الرشوة من طرف بعض الشواذ من القضاة، الذين يسيئون لنبل رسالة القاضي وإلى السلطة القضائية، التي يعتبر إصلاحها وتقويتها واستقلالها هو رهان المرحلة الكبير، وما تنصيب هيئة ملكية عليا للإشراف على حوار وطني حول إصلاح منظومة العدالة لأكبر دليل، على أن هذا الإصلاح، هو أولية الأولويات بالنسبة للدولة والمجتمع، هذا على مستوى الخطاب، إلا أن اعتقال مواطن اشتكى مطالبته بأداء رشوة من طرف القاضي، الذي تم رصده في حالة تلبس بالجرم المشهود، رسمياً من طرف السلطة القضائية ( شرطة ونيابة عامة ) لا يمكن تفسيره إلا أنه عمل معاكس للإرادة العامة في الإصلاح، لا سيما إذا كان تحريك الدعوى العمومية قد تم من طرف النيابة العامة التي تعمل تحت إمرة السيد وزير العدل والحريات، الذي يرأس هيئة الإشراف العليا للإصلاح، ويحمل هموم المواطن عامة والمتقاضي خاصة، الذي يكتوي بنيران آفة الرشوة، ومن واجبه أن يطمئن المتقاضين على أن التبليغ عن جريمة الرشوة هو واجب وطني مقدس ، يستحق من يقوم به الإشادة والتقدير، والحماية من الانتقام، فهل اعتقال المواطن محمد آيت بن علي، هو دعوة المتقاضين إلى التعامل «بواقعية « مع الابتزاز والاستجابة لطلبات الرشوة والحذر، والإحجام عن التبليغ عن ذلك، تلافياً للعواقب السلبية، لمن حاول السباحة ضد التيار ؟. هذه هي النتيجة المنطقية والواقعية، التي تقاوم أي تبرير لاعتقال المواطن المشتكي مع الأسف.