انطلقت أمس الثلاثاء، القمة العربية الرابعة والعشرين بالعاصمة القطرية الدوحة بمشاركة 16 ملكا وأميرا ورئيسا، فضلا عن ممثلين على مستوى عال لبقية الدول العربية. وبدأت الفعاليات بتسليم العراق رئاسة القمة العربية في دورتها الحالية لدولة قطر. ودعا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قادة المعارضة السورية لشغل مقعد سوريا بالجلسة. وتحل المعارضة السورية محل دمشق للمرة الأولى منذ تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية في نونبر 2011، وذلك في خطوة من شأنها تكريس قطيعة نهائية مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ويرأس وفد سوريا الرئيس المستقيل للائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب الذي وصل مساء الاثنين إلى الدوحة، كما يشارك في الوفد السوري المعارض أيضاً رئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو وقد رفع علم الذي تعتمده المعارضة مكان العلم السوري. وحث أمير قطر، خلال كلمته، مجلس الأمن الدولي على وقف إراقة الدماء في سوريا وإحالة المسؤولين عن ذلك الى العدالة الدولية. ورحّب أمير قطر بمشاركة المعارضة السورية في القمة وجلوسها على مقعد سوريا، معتبراً أن ممثليها «يستحقون هذا التمثيل.. لما يقومون به من دور تاريخي في قيادة الثورة والاستعداد لبناء سوريا الجديدة». وأكد الشيخ حمد الحرص على «وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وهي مسؤولية تاريخية نتحملها جميعاً ولا يجوز لأحد أن يتنصل منها»، مشدداً على أهمية «الوحدة الوطنية التي لا تستثني أحداً، وإقامة نظام لا عزل فيه ولا تمييز بين المواطنين». كما رحب نبيل العربي، أمين عام الجامعة العربية، بالائتلاف الوطني السوري ممثلاً شرعياً لسوريا. من جانبه وجه الخطيب كلمة إلى الحضور مؤكداً أن السوريين بدأوا ثورة سلمية إلا أن النظام رد عليهم بالسلاح والقتل، وأضاف «منح مقعد سوريا لنا هو بداية رد الحقوق لنا». وقال «الأخوة العلويون سحبوا ورقة الطائفية التي يلوح بها النظام» ، مؤكداً أن شعب سوريا هو من سيقرر من سيحكمه وكيف. وأضاف «نريد مقعد سوريا في الأممالمتحدة وباقي المنظمات الدولية». وقال الخطيب في كلمته «نطالب باسم شعبنا المظلوم بالدعم بكافة صوره وأشكاله، من كل أصدقائنا وأشقائنا، بما في ذلك الحق الكامل في الدفاع عن النفس ومقعد سوريا في الأممالمتحدة والمنظمات الدولية وتجميد أموال النظام التي نهبها من شعبنا وتجنيدها لإعادة الاعمار». وأشار الخطيب في كلمته إلى محاولات للتشويش على الثورة السورية متمثلا بإثارة قضايا الأقليات والأسلحة الكيمياوية والإرهاب. وطالب باسم الشعب السوري بالدعم الكامل بكافة أشكاله للدفاع عن النفس، وختم كلمته بطلب من القادة المجتمعين بإطلاق سراح جميع المعتقلين في الدول العربية. ويذكر أن الخطيب كان قد خلط الأوراق وأربك الاجتماعات العربية التحضيرية للقمة بإعلانه الأحد الماضي استقالته، إلا أن مصادر دبلوماسية وأخرى من المعارضة أكدت أن جهوداً عربية بذلت لإقناعه بالحضور إلى الدوحة لعدم تضييع الفرصة التاريخية التي تمنح للمعارضة السورية. وكان وزراء خارجية الدول العربية أقرروا في السادس من مارس قراراً في القاهرة حول دعوة المعارضة لتشكيل هيئة تنفيذية من أجل الحصول على مقعد سوريا في قمة الدوحة. وقام الائتلاف الوطني السوري باختيار رئيس للحكومة المؤقتة، ولم تشكل حكومة بعد. وبعد أن علّقت في نونبر 2011 عضوية سوريا بسبب رفض دمشق خطة لوقف العنف تتضمن تنحي الرئيس الأسد، اعترفت الجامعة العربية بعد سنة بالائتلاف الوطني السوري «ممثلاً شرعياً» للسوريين. وتبقى الدول الأعضاء في الجامعة منقسمة حول الموقف من نظام الرئيس الأسد، ومازالت تسع دول في الجامعة تقيم علاقات دبلوماسية مع سوريا، وهي لبنان والجزائر والسودان والأردن ومصر واليمن والعراق وسلطنة عمان وفلسطين. وكانت الجامعة العربية أقرّت في نهاية 2011 سلسلة من العقوبات ضد سوريا، من بينها تجميد العمليات التجارية مع الحكومة السورية وحساباتها المصرفية، وتعليق الرحلات الجوية مع سوريا. وإلى جانب النزاع السوري ، من المتوقع أن تبحث القمة، التي تستمر يومين، عملية السلام المعلقة منذ سنتين. وقال مصدر دبلوماسي عربي إن القمة ستشكل لجنة وزارية ترأسها قطر من أجل إجراء مشاورات مع مجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا من أجل إعادة إحياء عملية السلام. وذكر المصدر أن هدف المشاورات سيكون «التوافق على آليات وجدول زمني لمفاوضات جدية» من أجل حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وستتم دعوة الدول العربية إلى الالتزام بما التزمت به بالنسبة لتشكيل «شبكة أمان مالية» بمائة مليون دولار لمصاريف السلطة الفلسطينية. كما ستتابع القمة النقاش حول مشروع إعادة هيكلة الجامعة العربية بهدف تنشيط هذه المنظمة التي أسست في 1945 وتعاني من الانقسامات الداخلية وعجز دولها الأعضاء عن الارتقاء لمستوى الدول المتقدمة بالرغم من الثروات الكبيرة في العالم العربي. من المنتظر أن يدعو البيان الختامي للقمة مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار في سوريا، ورعاية حوار وطني بشأن ترتيبات نقل السلطة، ومطالبة نظام الرئيس بشار الأسد باحترام رغبة الشعب السوري في التغيير، مع الدعوة إلى الشروع في إعمار سوريا. وفي ما يخص القضية الفلسطينية، لوحظ أن هناك تفاؤلا لافتا لدى الوفد الفلسطيني الذي يقوده الرئيس محمود عباس بنتائج القمة على صعيد الدعم السياسي والمالي المنتظر. ويفترض أن يدعو البيان الختامي إلى تنفيذ قرارات القمم السابقة المتعلقة بدعم القضية الفلسطينية، ويشمل هذا حمل القضية إلى مجلس الأمن والمحافل الدولية الأخرى. سياسيا أيضا، ينتظر أن يدعو البيان للتوصل إلى حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. كما تشمل القرارات المنتظرة تفعيل شبكة الأمان المالي التي وعدت بها قمة بغداد الماضية، ومشروع صندوق القدس. وفي هذا السياق تحديدا، تشير توقعات فلسطينية إلى موضوع صندوق القدس الذي قد تُرصد له مبالغ مهمة لتعزيز صمود المقدسيين ومواجهة حملة تهويد المدينةالمحتلة. وفي ما يخص تفعيل آليات التكامل الاقتصادي، يُتوقع أن يدعو بيان قمة الدوحة إلى دعم اقتصادات الدول العربية التي شهدت تغييرات سياسية عقب ما يعرف بثورات الربيع العربي. البيان الختامي المرتقب يتضمن أيضا دعوة للدول العربية للمساهمة في تنمية السودان بمناسبة مؤتمر الدول المانحة الخاص بهذا البلد العربي.