في سياق مجهوداتها الرامية إلى توثيق ذاكرتنا المغربية والحفاظ عليها، أصدرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير كتابيْن هاميْن، الأول هو الطبعة الثانية من كتاب «دليل شبكة الفضاءات التربوية والتثقيفية والمتحفية للمقاومة وجيش التحرير»، في طبعة ثانية منقحة ومزيدة، وهو عبارة عن تحيين لقاعدة المعطيات والبيانات المتعلقة بورش العمل المفتوح لإنجاز مشروع الشبكة الوطنية للفضاءات. إنه مشروع يستهدف إقامة عشرات الفضاءات التربوية والتثقيفية والمتحفية للمقاومة وجيش التحرير المبثوثة عبر التراب الوطني على امتداد خريطة المدن الكبرى والمتوسطة منها والصغرى. وإذ تجسد مظاهر ومواقف حركة المقاومة والتحرير، فإن حفظ هذه الوسائط التواصلية في فضاءات للعرض المتحفي كفيل بإرساء منظومة الذاكرة التاريخية واستقراء تعبيراتها وتمظهراتها ليرتشف من رحيقها ومعينها المستهدفون بالرسالة التاريخية والتراثية الوطنية. ومن ثمّ، فالفضاء التربوي والتثقيفي والمتحفي للمقاومة وجيش التحريرهو أداة اتصال وتواصل تُعنى بعرض ونقل ثقافة وفكر وتاريخ ونمط حياة نساء ورجال الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير من جيل إلى جيل عبر ما توفر من وسائط وأدوات تجمع في الغالب بين المقروء ?كالمخطوطات والوثائق? وبين المرئي ?كالصور والتماثيل والأزياء، والأدوات والعدد الحياتية المتنوعة والمختلفة والأجهزة والمعدات? وبين المرئي والمسموع ?كالأفلام والأغاني والأهازيج التراثية المسجلة أو الحية المباشرة التي تثير في الزوار غريزة الانتماء لتاريخ وجغرافية المكان? والوطن. كما أصدرت المندوبية كتابا لمؤلفه الدكتور حسن الفكيكي بعنوان: « مقاومة الوجود الإيبيري بالثغور الشمالية المحتلة 1415 1574»، وهو الكتاب الذي يؤرخ للعلاقات المغربية الإيبيرية، ويوثق لفصل مهم من فصول المقاومة المغربية للاحتلال البرتغالي للثغور الشمالية المغربية على امتداد ثلثي القرن الخامس عشر، ولظروف ووقائع صد ووقف زحفه نحو القرى والمداشر والمدن التي استهدف الغزاة احتلالها لبسط نفوذهم وتثبيت وجودهم بشمال الوطن. يتتبع حسن الفكيكي لحظة بلحظة، بالاعتماد على مصادر متنوعة برتغالية وإسبانية ومحلية معززة بالصور والخرائط والرسوم والمشاهدات الميدانية، زحف المحتل البرتغالي على السواحل المغربية الشمالية على مدى 59 عاما واغتصابه لعدد من الثغور وعلى رأسها سبته. ولم يقف في استعراضه للاحتلال على سرد الأحداث، بل انبرى لنقل انعكاساته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على المناطق المجاورة وسكانها بل وعلى المغرب كافة، وما أفرزه داخل المجال موضوع الدراسة من تشكيلات وتنظيمات مقاوِمَة شعبية ورسمية؛ بالإضافة لتوقفه على طبيعة تلك المقاومة وخصوصياتها ورموزها وتقنياتها وأهدافها التي تَبين أنها تأرجحت بين السطوع والأفول وفق تأرجح ميزان القوى بين طرفي الصراع.