«حيثما توجد السلطة توجد المقاومة» ميشيل فوكو غريب، صرخته خافتة، رغم حدتها، منبوذ، مُخترِقٌ لاستراتيجيات الفساد، مقموع، مجتث ، تتحرك السلطة للفتك به. أما الضحايا من يشتغل كي يكسر الذل عن أعناقهم فيتحدون ضده متضامنين مع الجلاد من أجل كف رضا تمسح عن ظهر الكلب الخنوع الجاثم في أعماقهم. يصرخ، صرخته مكمومة، صرخته تقوي الجلاد وتزيد من نفوذه، كان يمكن أن يلعب لعبتهم، كان يمكن أن يحقق ما يريد بالتواطؤ مع رؤوس الفساد ، لكن الصوت إياه، صوت الخسارة يقوده دوما أن يكون الوحيد، الهش والقوي في نفس الآن، من يختار أن يكسر شوكة الجلاد ويكون كابوسه. يكفي أن ترفع صوتك خارج السرب، خارج فروض الطاعة والولاء للعصابة لتكون الوحيد، لكن ما يدهشك كيف يتحرك المستبد لمهاجمتك ولباس قناع الضحية، مغيرا من خططه متحركا نحو ضحاياه، يرحمهم يوهمهم أنه معهم، يفتح بابه ويوهم بالحوار. كله حرب معلنة، رغم السلم حرب تشتغل وتعمل في علاقات السلطة بوسائل أخرى... أبتسم في وجهك ، أعانقك وأشد على يدك وفي الخفاء أقص أجنحتك، أقزم صورتك، أبتسم منتشيا في وجهك وأنا أسألك:»هل أنت معي أم ضدي!» يتحرك الجلاد نحو ضحاياه، يغير من خططه، يفتح بابه، وكأن الصوت الغريب ينبهه ليقوي نفوذه بوسائل أخرى: من قال إنني وحيد في اتخاذ القرارات؟ من قال إنني أجمع خلاني وأصحابي لأقسّم « الخبزة المباركة»؟ «هكذا أضمن عصابة تحارب معي حين ينزلق الكرسي من تحت مؤخرتي» أمعن في الفتك بك أيها الصوت الغريب، أمعن في وضع الكمامة حول فمك، أرقص حولك مستعملا سلطتي ، فأنت الأضعف ويمكنني أن أنعتك بشتى النعوت، يمكنني أن أصنع لك « تيكيتات» ألصقها بك لأسخر منك، يمكنني أن أخرب سقفك، يمكنني أن أقتلك وأتفرج عليك تموت ببطء لأنني القوة، لا شيء يحميك مني، اشتريت الأصوات المتواطئة، اشتريت الأصوات الصامتة، اشتريت الأصوات الضعيفة، اشتريت الأصوات العارفة، وحدك مت بألمك، وحدك مت بهذا الوجع الذي يفترسك لأنني الأقوى.