عن دار النشر فلاماريون بباريس، صدر كتاب «الشاحنة والدمية، هل دماغ المرأة والرجل مختلفين؟ للكاتب جان فرانسوا بوفي، الذي قدّم كتباً عديدة، تُرجمتْ إلى لغات كثيرة، من بينها: «بدون الطاقة النووية قد نشعل الشّموع». في كتابه الجديد يعيد طرح العلاقة أو الاختلاف بين دماغيْ الرجل والمرأة. تتعدد النظريات حول وجود اختلاف بين دماغ الجنسين: المرأة والرجل. ويحاول المتخصص في العلوم الحيوية، البيولوجية، جان فرانسوا بوفيه، صاحب الأعمال العديدة، التي لاقت نجاحاً كبيراً لدى جمهور القرّاء، الإجابة عن سؤال: «هل دماغ الرجل والمرأة مختلفان»؟»، في كتابه: «الشاحنة والدمية». ومن ثم يطرح السؤال التالي: إلى أية درجة يختلفان؟ يجيب المؤلف عن السؤال، في فصول عشرة تشكل الكتاب. يبدأها ب: «التاريخ البيولوجي المختصر لنقاط الاختلاف بين الرجل والمرأة». ويكرّس الفصول التسعة الأخرى، لدراسة مختلف جوانب الدماغ، وتصنيفاته بين: «كبير» و»صغير» و»مختلف البنية» و»العوامل الثقافية والبيولوجية في آلية عمل الدماغ»، وغير ذلك. وكتمهيد لمحاولة الإجابة عن السؤال المتعلق ب»الخلاف» بين دماغ المرأة والرجل، يجري جان فرانسوا بوفيه أوّلاً، نوعاً من الجرد لمختلف الدراسات المقدّمة حول هذا الموضوع. ويخلص من هذا إلى القول إن العديد من الملاحظات وضّحت، اعتماداً على آخر تقنيات التصوير الطبي للدماغ الإنساني، أن هناك نقاط اختلاف بنيوية ووظيفية، بين دماغي الرجل والمرأة، البالغين. لكن موطن الصعوبة لا يزال حتى الآن يكمن في تحديد الأسباب وراء هذا الاختلاف؟ وهل يعود إلى التكوين الأصلي أم أنه مكتسب بفعل تبنّي نمطين متمايزين للتربية؟ ومن ما يسوقه المؤلف حول الفرضية الاجتماعية- الثقافية، كمصدر للاختلاف بين دماغي الرجل والمرأة، دراسة حول درجة إتقان التوجّه الفضائي لدى الفتيات والصبيان، في ثقافتين هنديتين، إحداهما تسود فيها سلطة الأب، والأخرى تسود فيها سلطة الأم. إذ بيّنت التجربة أن الذكور الذين يقال عامة، انهم أكثر إتقاناً للتوجّه في الفضاء، لم تثبت المقولة بالنسبة للثقافتين الهنديتين، إلا للذين ينتمون إلى الثقافة التي تسود فيها سلطة الأب. وبالمقابل، حقّقت الفتيات كفاءات عالية في ظلّ الثقافة التي تسود فيها الأمّ. وما يشرحه المؤلف هو أنّ ذلك، ورغم ما كشفه، لا يسْمح، بتفسير الاخْتلاف المبكّر بين دماغي الرجل والمرأة. فدراسات عديدة أثبتتْ أنّ البنات يدققن النظر، منذ اليوم الأول بعد الولادة، بوجه إنساني، أطول وأكثر من الذكور. وينتهي المؤلّف في هذا النهج من التحليل، إلى القول إن هناك تبايناً في حجم الدماغ بين الجنسين، دون نفي التأثير الثقافي والاجتماعي لعامل المورثات الجينات ودوره في وجود «خلاف» بين دماغ المرأة والرجل، وذلك كما أثبتت البحوث الراهنة في هذا المضمار. بل هناك بعض التفاوت في جملة من الميادين. فمثلاً تبدي النساء في جميع الأعمار، تفوّقاً على الرجال في اختبارات التعرّف على انفعال ما، عبر ظهوره على ملامح الوجه. لكن هذا لا يمنع المؤلف من التأكيد على أنّ المرأة والرجل يملكان الدماغ ذاته. ولكنْ هذا لا يغيّب واقع أنّ النساء هنّ أقل ذكاءً من الرجل، كما شاعت المقولة في القرْن التاسع عشر. ويشير المؤلف في هذا السياق، إلى أنّ دراسات عديدة أثبتت أن دماغيْ الرجل والمرأة، ربما يتشكلان في بنيتهما بطريقة مختلفة. ولكن بالنسبة للمنطقة الدّماغية التي تتولّى تكديس المعلومات وتحديد معالم البيئة المحيطة، يبدو أن المرأة أفضل تجهيزاً. بالمقابل، تبدو المنطقة الدماغية التي تعد بمثابة موقع أساسي لردود الأفعال الانفعالية، أكبر لدى الرجل. والخلاف يبقى في كيفية قراءة النتائج المترتبة على مثل هذا التمايز في السلوك الإنساني. أما بالنسبة لمعدّل الذكاء، فيستعرض المؤلف دراسة للبريطاني ادريان فيورنهام، أثبت فيها أن الرجال والنساء يتعادلون في الذكاء. لكن النساء يقللن من مستواهن في هذا المضمار، بينما الرجال يبالغون فيه. تختلف أدمغة الرجال والنساء، في ماهية حفنة من الجينات، كما يحدد المؤلف القول، مضيفاً، إن هذا لا يعني أبداً تفوّق الدماغ الأكبر حجماً (الرجالي)، على الأصغر منه: (النسائي). وذلك من حيث درجة الذكاء وإتقان مختلف المهارات.