تتعرض المغتصبة مرتين للعذاب والألم الأولى من قبل معتد «بشري» أثيم والثانية من قبل وسائل الإعلام. الاغتصاب كما تعرفه المراجع وترسمه الأحداث والوقائع هو ممارسة الجنس مع شخص دون رضاه بواسطة القوة أو بالترهيب، و عادة ما يكون هو ذلك الجماع غير المرغوب فيه من الطرفين حيث يكون مع إمرأة بدون موافقتها، اعتمادا على القوة، وسيادة منطق الخوف، أوتواطؤ الخداع. وتذهب جميع المقاربات إلى اعتبار عمليات اللقاء الجنسي مع القاصرات سناً عملية اغتصاب لا غبار عليها حتى ولو أظهرت القاصرات موافقتهن على ذلك. وحسب تعريف منظمة الصحة العالمية، ووفق ما هو متعارف عليه دوليا فان ظاهرة الاغتصاب تخص الأطفال كما تخص الراشدين، والاغتصاب ممارسة جنسية ضد رغبة الطرف الآخر، أو «مواقعة شخص دون موافقته «وهي بالنسبة للأطفال غالبا ما ترتكب من طرف الأقارب حسب العديد من الوقائع والأحداث. بمعنى أن الفاعلين أناس غالبا ما تكون لهم علاقة قرابة عائلية بالطفل. وعموما يعتبر فعل الغصب او الإغتصاب شذوذا جنسيا يمارس برغبة حيوانية وبدون تفكير. مما جعل الإجماع شبه عالمي على تشديد أقسى العقوبات وبالتالي عجل مطالب المنظمات الحقوقية وشبكات المجتمع المدني الطالبة بعقوبة الإعدام كحد أدنى في حق مرتكب جريمة اغتصاب الأطفال خاصة، مشترطة في بعض الأحيان أن يكون الإعدام علنيا كما هو الشأن في إيران والسعودية..، حتى يكون عبرة لمن يعتبر ، فجرائم من هذا النوع في حال التستر عليها تهدم كيان المجتمع وتهدم براءة الطفولة، رجال الغد وأمل المستقبل. وعلى مستوى الأنثى، فلا شك أن الاغتصاب كفعل مناف للقيم والأخلاق النبيلة يُخرّب حياة المرأة ويقضي على مستقبلها حيث أثبتت جل المقاربات أن المُغتصب يقوم بعمل لا يمكنه السيطرة عليه، وبالرغم من طوفان الندم الذي يستتبع عملية الاغتصاب بعد حدوثه، فإن ذلك لن يقوى سوى على تعزيز السلبية إلى أن تصل إلى تصفية الضحية بالتشويه المفضي إلى القتل. على أن المُغتصب غالباً ما ينجو بفعلته لعدم اقدام الضحية على التبليغ خاصة وأنها سليلة مجتمع محافظ يمتلك قوة شحن هائلة للحفاظ على الموروث بكل تجلياته، وبنفس القدر من الخوف ومن هزيمة التشهير لما لها من تحطيم رمزي للذات في محيطها الخاص المحمي بتوابلها وبهارتها الشعبية المستمدة من المأثور والدين الاجتماعي السائد. تلك خلاصات لابد من أخذها بعين الاعتبارأثناء مقاربة جريمة الاغتصاب إعلاميا وهنا لابد من طرح الأسئلة التالية: كيف يتفادى الصحفي اغتصابا ثانيا تقوم به الكاميرا؟ كيف يجعل الصحفي حياة المغتصبة بعيدا عن خوف المجتمع قريبا من العبرة والدرس الحياتي البليغ؟ كيف يتجنب الصحفي إقحام الطفولة البريئة والمنتهكة أثناء نقلها من شاشة الحياة الخاصة إلى شاشة المجتمع الأكثر قسوة؟ أن لجوء إحدى القاصرة التي تم اغتصابها جماعيا إلى تخبئة وجهها بيديها أثناء استجوابها من طرف مراسل تلفزيوني يجب التفكير فيه بجدية وبمقاربة نفسية ذكائية حيث تذهب جميع المقاربات اعتبار الكاميرا «المعتدي الثاني» فبعد أن أفلتت «المغتصبة» من أيدي المعتدي المغتصب الأول تسقط الضحية في شباك اعتداء ثاني لكن المعتدي هذه المرة علينا أن لا ننجح في تحقيق حلمه بجعل حياتها محفوفة بالخوف والمخاطر المرعبة». بخصوص نقل جرائم الاغتصاب من شاشة المحيط إلى شاشة المجتمع حذرت دنيا مقلد من عواقب عرض روبورتاجات مصورة حول المغتصبات قد تشكل ألما فضيعا للمرة الثانية وقدمت نصائح عن تغطية حوادث الاغتصاب والاعتداءات الجنسية سواء عبر الاذاعات او القنوات التلفزية نشرته على موقع الشبكة الدولية للصحفيين موقع باسم ميسا الشوا تقول الإعلامية اللبنانية دنيا مقلد المهتمة بقضايا المرأة في العالم العربي والإسلامي «منذ شهرحوّلت ومضات بعض كاميرات وسائل الإعلام اللبنانية آلام الطفلة مريم من ذوي الاحتياجات الخاصة التي اغتُصبت في مركبة جنوب لبنان إلى مجرّد سبق صحفي: خبر عابر ذو إطار واقع مأساوي وكلمات تعزف لحن التعاطف» في المغرب وبحكم الطفرة النوعية في عالم الصحافة واعتبارا لرحابة هامش حرية التعبير في إذاعاته وقنواته لا يبدو أن الوضع استثنائي على هذا النحو، لقد بات طبيعيا أن يطالع الفرد يوميا أخبار الاغتصاب على الصحف اليومية أو التلفزيون كما لو كان الخبر جينيركا لازما للمنبر الإعلامي ليس إلا. كما أن أخبار اغتصاب الأطفال القاصرين في مناطق مختلفة من البلاد بات سبقا صحفيا تفتخر الجرائد بتقديمه في الصفحات الِأولى كخدمة إعلامية متميزة تشبع نهم القارئ الافتراضي. ولعل أخطر ما يصادف الفرد منا إحالة أشخاص محسوبين على التربية والتكوين بمدارس ابتدائية بالبيضاء وفاس وغيرها على القضاء بعد اكتشاف ممارسة شذوذهم الجنسي على تلاميذ أبرياء وضحايا في نفس الآن ومع الإقرارهنا بعدم تسامح القضاء المغربي مع هذا الصنف من الجرائم بحيث يتم التحقيق مع المتورطين واحالتهم على القضاء بعد توقيفهم وفصلهم عن العمل نهائيا إلا أن تنام الظاهرة بات يفرض تظافر جهود الحكومة والنسيج المدني معا لبلورة آلية قانونية واجتماعية تعمل على الحد من تنام الظاهرة وتكبح جماحها. ويرى المتتبعون «إن تزايد هذه الجرائم لا يجب أن تتوقف مطالبها عند تعبئة اجتماعية وإعلامية وسياسية كبيرة لفضح هذه الممارسات اللاأخلاقية فحسب وكذا العمل على الحد منها باعتبار جريمة اغتصاب القاصرين والقاصرات إرهاب جديد مسلط على أبناء الشعب، بل يتعين «إثارة الموضوع على مستوى البرلمان لسن قانون ملائم في حق مرتكبيه إذ لم تعد بضع سنوات سجنا كافية في حق مجرم آدمي هتك أعراض الناس وزرع الإحباط والتذمر في نفوس أسرهم وعائلاتهم حتى إذا أنهى مدته الحبسية عاد ليمارسها مفاخرا بين أقرانه في الدرب والحياة».