كثيرا ما نسمع عن قيام طائرة بدون طيار بعملية اغتيال أو قصف محددة الهدف ، لكن الطائرات بدون طيار لا تقوم بهذه المهام الأمنية و العسكرية فقط، بل إنها قادرة على القيام بكثير من الأعمال المدنية المفيدة للبشرية . فكيف تعمل هذه الطائرات و كيف يتم التحكم فيها و من يفعل ذلك؟ الطائرات بدون طيار هي أنظمة تقنية معقدة لا يجلس فيها طيار. ولكن اسم هذه الطائرات لا يدُل تماماً على الطريقة التي تعمل بها هذه الطائرات. فهي في الواقع لا توجّه نفسها بنفسها بشكل كامل ،بل تحتاج أيضاً إلى طيار يجلس في محطة التوجيه على الأرض، ويتحكم بها عن بُعد بطريقة لاسلكية. فالطائرات «بدون طيار» تتطلب في الحقيقة أن يكون لها طيار في محطّة أرضية. وهذا الطيار الأرضي يتحمل مسؤولية قيادتها بدءا من إقلاعها حتى عودتها إن عادت، ولذلك فهو يعمل أيضا على ضمان عدم وقوعها في أية حوادث، ويتدخل في حالات الطوارئ. لكنه في مهامه هاته لا يفعل ذلك بواسطة عصا تحكُّم مثل عصا توجيه طائرات الألعاب، بل إن عليه تحديد نقاط مسار الطائرة ذهابا و إيابا، وبعدها تقوم الطائرة بتوجيه نفسها بنفسها وفق هذه الإحداثيات بواسطة نظامها الأوتوماتيكي، أي بتوجيه من نظام طيرانها الآلي. وهذا النظام لا يختلف كثيرا عن نظام طائرات نقل المسافرين الكبيرة والحديثة، التي تطير لمسافات طويلة بشكل تلقائي كامل باستخدام الطيار الآلي، فنظام الطيران الآلي فيها يحدد موقع الطائرة في الجو من خلال كَمّ هائل من البيانات، التي يجمعها بما يتوفر لديه من تقنيات: كالبوصلة ومقياس الارتفاع وعدّاد السرعة وجهاز الملاحة عبر الأقمار الصناعية. أما الطائرات بدون طيار، البعيدة بمئات الكيلومترات عن محطة التوجيه الأرضية، فلم يعُد يُتَحكَّم بها من خلال موجات الراديو، بل عبر الأقمار الصناعية. وذلك لأن الاتصال اللاسلكي بواسطة القمر الاصطناعي لا ينقطع على الأغلب، عكس الاتصالات الراديوية التي يعتريها بعض التشويش و تخضع للأحوال الجوية. ينبغي على الطيار الموجود في المحطة الأرضية، القائد للطائرة بدون طيار، أن يكون على تواصل مستمر مع برج المراقبة في أقرب مطار إلى الطائرة التي يتحكم بها، حتى يُبلغه بتواجدها، إلا في حالة قيامها بمهمة سرية في بلد مُعاد و هو الأمر الذي تقوم به في الغالب. الشيء الذي لا يستطيع الشخص المتواجد في قمرة القيادة الأرضية فعله هو: رؤية ما يوجد خارج الطائرة بعينيه بشكل مباشر، و لكن هذا الأمر يتسنى له عبر الكاميرات، ولذلك عليه الانتباه دائماً لتجنب تصادم الطائرة بدون طيار مع أية طائرات أخرى في الجو. فالطائرة بدون طيار يمكنها الكشف عن العقبات التي تواجهها بواسطة أجهزة استشعار مركّبة على متنها، كالكاميرات الضوئية العادية وكاميرات الأشعة تحت الحمراء والرادار، ويرسل نظام الطيران الآلي هذه المعلومات إلى الطيّار البشري الموجود في المحطة الأرضية، الذي بإمكانه التدخل لتغيير وجهتها أو ارتفاعها إن بدا له ذلك ضروريا. ونظراً لسعرها الباهظ، فإن الاستخدام المدني للطائرات بدون طيار يكاد ينعدم حالياً، وينحصر على الأغراض الأمنية والعسكرية فقط. و يُشار إلى أن الاتحاد الأوروبي في صدد إنشاء مشروع تجريبي لمراقبة البحر الأبيض المتوسط بواسطة الطائرات بدون طيار وبإشراف المركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء. وثمة الكثير من الأفكار لإدخال هذه الطائرات الآلية في تطبيقات عديدة، في مجالات الشرطة والدفاع المدني والإطفاء والإنقاذ من الكوارث، والمراقبة الأمنية للفعاليات الضخمة كالمظاهرات والحفلات الموسيقية في الهواء الطلق، بل وحتى في مجال البحث عن المفقودين في حالات الطوارئ، وبعض الزلازل والحرائق، و في حالات التلوثات النووية أو البيولوجية أو الكيميائية مثلاً حين لا يمكن إرسال طيارين من البشر إلى مواقع الكوارث، حفاظاً عليهم وحماية ً لأرواحهم. وتبدو الآفاق المستقبلية للطائرات بدون طيار، التي تستطيع التحليق على ارتفاع يزيد على 10 آلاف متر، مناسبة جداً للأغراض المدنية لخفة وزنها وقدرتها على جمع المعلومات.