سقوط قنبلتين مضيئتين في ساحة منزل نتنياهو (فيديو)    جمعية فنون تقدم أحدث إعمالها الفنية و التراثية أغنية " لالة منانة" من أداء المجموعة الموسيقية لأكاديمية ميزينوكس    وزير الداخلية يدعو الولاة والعمال إلى التصدي للنقل "غير القانوني" عبر التطبيقات الرقمية    تقرير رسمي "مفزع"... نصف المغاربة يعانون من االإضطرابات النفسية    أكبر الشركات العالمية تواصل إبداء اهتمامها بالطريق السيار الكهربائي الداخلة-الدار البيضاء    الجامعة الملكية للملاكمة تنتخب بالإجماع عبد الجواد بلحاج رئيسا لولاية جديدة    صحيفة بريطانية تستعرض الوقائع التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    بالصور.. ارتفاع كمية المؤثرات العقلية التي تم حجزها بميناء طنجة المتوسط إلى أزيد من 188 ألف قرص مهلوس    تسمم غذائي يرسل 19 تلميذا إلى المستشفى الإقليمي ببرشيد    المنتخب المغربي يُحقق الفوز الخامس توالياً في تصفيات كأس إفريقيا 2025    فرقة "يوبا للابد المسرحي " تطير عاليا بنجوم ريفية في تقديم عرضها الأول لمسرحية " هروب في ضوء القمر    انعقاد الدورة الثانية للجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن لمنظمة الكشاف المغربي بجهة مراكش-أسفي    حاتم عمور يكشف تفاصيل ألبومه الجديد "غي فنان"    ندوة حول موضوع الفلسفة والحرب: مآزق العيش المشترك    الرايحي يقنع موكوينا قبل مواجهة الرجاء في "الديربي"    حصة تدريبية خفيفة تزيل عياء "الأسود"    أسباب اندلاع أحداث شغب في القليعة    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الشرق للتوزيع تعلن انقطاع الكهرباء عن أحياء بمدينة الدريوش    انعقاد الاجتماع الإقليمي للمدن المبدعة لليونيسكو بتطوان من 19 إلى 22 نونبر الجاري    حريق ياتي على العديد من المحلات التجارية في سوق الجوطية بالناظور    المغرب يعزز جهوده لإغاثة فالينسيا عبر إرسال دفعة جديدة من الشاحنات ومعدات الشفط    تراجع طفيف في ثمن البنزين في محطات الوقود    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    منظمات مغربية تدين تحيّز الإعلام الهولندي للاسرائيليين في أحداث أمستردام    عمر حجيرة: لا ترضيات في التعديل الحكومي    تعهدات في مؤتمر وزاري في جدة بمقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030 (فيديو)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    من أصول مغربية.. وزيرة هولندية تهدد بالاستقالة بعد أحداث أمستردام    المحامون يتوصلون إلى توافقات مع وزارة العدل    جائزة المغرب للشباب تحتفي بالتميز    إنعقاد المؤتمر الدولي بالداخلة حول "المبادرة المغربية للحكم الذاتي:نموذج للحكامة الترابية بإفريقيا الأطلسية".    رؤية الرئيس الصيني.. التعاون الدولي لتحقيق مستقبل مشترك    السكوري يكشف تشكيل لجنة حكومية تدرس منح دعم للكسابة في العالم القروي لمواجهة فقدان الشغل    ‪أمن دبي يقبض على محتال برازيلي    المرتجي: التراث اللامادي بين المغرب وهولندا أفق جديد للتعاون الثقافي    الفلبين تأمر بإجلاء 250 ألف شخص        حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    صانع المحتوى "بول جايك" يهزم أسطورة الملاكمة "مايك تايسون" في نزال أسطوري    أنفوغرافيك | أرقام مخيفة.. 69% من المغاربة يفكرون في تغيير وظائفهم    منع جمع وتسويق "المحارة الصغيرة" بالناظور بسبب سموم بحرية    "طاشرون" أوصى به قائد يفر بأموال المتضررين من زلزال الحوز        فريق الجيش الملكي يبلغ المربع الذهبي لعصبة الأبطال الإفريقية للسيدات    السوق البريطاني يعزز الموسم السياحي لاكادير في عام 2024    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    الأمم المتحدة.. تعيين عمر هلال رئيسا مشاركا لمنتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول العلوم والتكنولوجيا والابتكار    مغاربة يتضامنون مع فلسطين ويطالبون ترامب بوقف الغطرسة الإسرائيلية    "باحة الاستراحة".. برنامج كوميدي يجمع بين الضحك والتوعية    حملات تستهدف ظواهر سلبية بسطات    "طاقة المغرب" تحقق نتيجة صافية لحصة المجموعة ب 756 مليون درهم متم شتنبر    مقابلة مثالية للنجم ابراهيم دياز …    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغاربة بفرنسا ضد الحكرة والميز فصل من معركة السككيين ربروطاج حول قضية السككيين المغاربة أمام المحاكم الفرنسية

تمت يوم الأربعاء 23 يناير جلسة أخرى من الجلسات المتعددة التي تخص السككيين المغاربة أمام قضاء الشغل بباريس والتي تمس المجموعة 17 وتضم 30 ملفا من بين 800 سككي يتابعون الشركة والوطنية للسكك الحديدية بالميز في ملف شائك ومعقد.
في هذا الصباح الباريسي البارد، حيث مازالت بقايا الثلج في الطرقات بعد أسبوع من التساقطات الثلجية ، كان لي موعد مع الحاج، في الساعة 11 بمحطة «كار دوليست»، وهي المحطة التي يسافر منها كل المسافرين القاطنين بالجهة الشرقية لفرنسا سواء ستراسبورغ، ميتز او نانسي ورانس وكذلك إلى المدن الألمانية. وهي المحطة التي كان يشتغل بها حوالي 90 سككيا مغربيا اليوم حسب الحاج لم يبق منهم إلا حوالي 5 فقط، وثلاثة في مديرية التجهيز. موعدنا كان بالصباح البارد حيث درجة الحرارة لا تتعدى الصفر، لننتقل فيما بعد إلى مقر نقابة «راي سيد»، وهي النقابة الوحيدة لعمال السكك الحديدية التي قبلت باحتضان اجتماع السككيين المغاربة، لأن أغلبهم غير منظمين نقابيا وبعضهم أسس جمعية الاسماعيلية، وهي الإطار الوحيد الذي يتوفرون عليه اليوم. طبعا النقابات الفرنسية في هذا القطاع تجاهلت معركة السككيين وتعتبر نفسها غير معنية بذلك. وبعضها يؤاخذ على السككيين المغاربة عدم انتمائهم النقابي لطرح قضاياهم داخل النقابة. طبعا الحديث مع الحاج، أحمد كاتيم كان حول المستجدات في هذا الملف وأين وصلت هذه المعركة المعقدة مع أكبر شركة وطنية للسكك الحديدية بأوربا والتي انتدب للدفاع عنها مكتبان من أكبر مكاتب المحاماة بباريس، خوفا من استرجاع هؤلاء الشيوخ الذين أفنوا عمرهم في بناء وإصلاح خطوط السكك الحديدية بفرنسا خصوصا في عقود السبعينيات والثمانييات والتسعينيات، في ذلك الوقت كان تدخل الآلات في العمل محدودا، مما كان يجعل العمل يتطلب جهدا عضليا كبيرا في ظروف صعبة أحيانا خاصة في موسم الثلج والبرد.
الحاج عاد من رحلة إلى المغرب، بعد حصوله على التقاعد السنة الماضية ،أصبح يتردد باستمرار على البلد الأصلي ويزور الأهل بمكناس، كانت ملامح الراحة بادية على وجهه. سألني عن أحوالي وأحوال العائلة لندخل في صلب موضوع المعركة القضائية التي بدأت تتضح معالمها بعد أخطاء البداية «في البداية أضعنا وقتا ثمينا وتابعنا الشركة المشغلة أمام القضاء الاداري الذي حكم بعدم التخصص، بسبب ذلك ضيعنا خمس سنوات، كان علينا في البداية المرور بالمحاكم المختصة بالشغل قبل المرور إلى القضاء العادي». وأضاف الحاج «اليوم نحن نتوفر على دفاع قوي ومتماسك، الأستاد ليبولد مانديز ويسانده البروفيسور عبد القادر بندالي الذي يعتبر سندا حقيقيا لنا في هذه المعركة مع أحد أكبر وأقوى الشركات بأوربا» . طبعا في سياق الحديث عن القضية تحدثنا عن الاعلام الوطني، حيث كان عتاب الحاج وزملاؤه قويا على عدم تتبع الاعلام المغربي لهذه القضية. قبلت عتاب الحاج، و قلت له لا تنس جريدة «الاتحاد الاشتراكي» كانت لوحدها تتبع الموضوع في بدايته، اليوم الدائرة توسعت وأصبح جزء من القنوات والإذاعات تعرف الموضوع وتتبعه، قلت له لا بد من الوقت والاعلام المغربي موارده البشرية ضعيفة، وليست له مكاتب ومراسلون كافين بباريس، وحتى الأخبار التي يرددها هي منقولة عن مصادر وجرائد فرنسية، وهو ما يطرح بعض النواقص في التتبع. لكن العتاب انتقل إلى السياسيين أيضا، وكذا وعود الحكومة السابقة يقول الحاج «لم نر شيئا حتى الان، العديد من الوزراء وعدوا بدعمنا وتحمل مصاريف القضاء، لكن لم نرى شيئا حتى اليوم، هي مجرد وعود وكلام.. .»
كان في استقبالنا بمقر النقابة راي سيد، أحد النقابيين الشباب محمدي عبد الرحمان، وهو مغربي من أطر هذه النقابة الفرنسية المشاكسة، يعمل أيضا بنفس القطاع، كان الاستقبال حارا ودخلنا قاعة الاجتماع، في البداية سألت هل حضوري غير مزعج بالنسبة لنقاشات التي تتم بين السككيين والدفاع ؟ الجواب كان سريعا «مرحبا بيك معانا»، كان الحديث حول الملف وحول طبيعة المعركة. الاستاذ عبد القادر بندالي أخذ الكلمة ليذكر بالمسار القانوني لهذه المعركة، وعاتب العديد على تأخرهم في إتمام الملفات وتقديم الوثائق المطلوبة أو أحيانا تقديم ملفات ناقصة، وهي كلها أمور تضيع الوقت على الملف، ويمكن أن تأخذ كمبرر لتأخير الجلسة، وهي التقنية التي يستعملها دفاع الشركة، خاصة أن عددا كبيرا من السككيين المغاربة لم يتحمسوا إلى هذه المعركة القضائية خوفا من ردود فعل الشركة.
تم التطرق أيضا في هذا اللقاء إلى الحالات الخاصة التي تعرضت لحوادث أثناء الشغل والذين لم يحصلوا على حقوقهم أو أصابها التقادم. وذكر الحاضرين أنه تم إنقاذ 5 حالات، وتم إحالة قضاياهم على المحكمة. وذكر بقضية حمو الذي تعرض لحروق بيده وبعد العملية الجراحية وقطع الاصابع لم ينتبه الأطباء لمرضه بداء السكري مما نتج عنه وفاة المعني. لكن يبدو أن شركة السكك الحديدية لم ترد اعتبار ما وقع حادثة شغل وحاولت التخلص من القضية دون تعويض عائلته، لكن طرح القضية على القضاء مكنت من استرجاع حقوق هذا العامل الى عائلته باعتبار ما وقع حادث شغل، وليس شيئا آخر، وحاولت الشركة التملص من مسؤوليتها في هذا الحادث، كما نجحت في ذلك مع العديد من الحالات. وفيما يخص الحوادث، تساءل الاستاذ بندالي «أتعرفون لماذا التقاعد في هذا القطاع هو في 55 سنة ؟، لانه بعد هذا السن يتراجع السمع والتركيز والقدرات البدنية، وهو ما يفسر جزءا من الحوادث التي تعرض لها بعضكم أثناء العمل واستمرار بعضكم في العمل رغم تجاوز هذا السن » . بعد ذلك تطرق محمد تطرق الى المشاكل الصحية للعمال أثناء التقاعد، وأضاف ان العمل بهذا القطاع كان يعرضهم إلى الاميانت، وهي مادة كانت حاضرة في كل قطاع السكك الحديدية والتي تؤدي بدورها الى مشاكل صحية مثل داء السرطان، ورغم ذلك لا أحد يهتم بوضعنا الصحي و لا نستفيد مثل السككيين الفرنسيين من جميع الامتيازات والمتابعة الصحية.»
بعد هذا اللقاء الاخباري خرجنا للمشي نحو محكمة الشغل غير البعيدة عن مكان النقابة، حيث كان عدد العمال الحاضرين يتجاوز 50 فردا، الموعد كان في الساعة الواحدة بالقاعة 22، ويمس المجموعة الرابعة في هذا الملف الذي يضم خمس مجموعات. في هذا الملف الذي يتابع فيه 800 من العمال المغاربة مشغلهم في السكك الحديدية بالميز.
المحكمة كانت مكتظة بالعمال، فكل القضايا والخلافات بين المقاولات والعمال تتم بهذه المحكمة، وفي حالة عدم الوصول إلى أي حل بين الطرفين تمر القضية إلى القضاء العادي .الحضور كان كثيفا، وكان أمل هؤلاء الشيوخ أن تنطق المحكمة بحكم يريحهم، فأغلبهم وصل إلى سن التقاعد ويترددون باستمرار على المغرب، ويسعون الى قضاء تقاعد هادئ بعيدا عن ضوضاء باريس، و الوضع الصحي لأغلبهم لا يسمح بأجواء المحاكم والتوتر ، فأغلبهم غادر العمل في 65 سنة، في حين أن زملاءهم الفرنسيين غادروا في سن 55، نظرا لأن العمل شاق ومتعب في هذا القطاع .
دفاع السككيين الأستاذ ليولد مانديز نبه المحكمة إلى الوقت الطويل الذي أصبحت تأخذه هذه القضية، وطالب بضرورة الحسم في هذا الملف من طرف المحكمة. وهو الأمر الذي لم يسانده دفاع شركة السكك الحديدية، الذي اعتبر ضرورة إعطائه المزيد من الوقت، خاصة أنه تمت إضافة ملفات جديدة إلى المجموعة.
طبعا دفاع الشركة حاول دائما ربح الوقت في هذه القضية. في بداية الجلسة ركز على التقادم في هذا الملف، وبعد فشل هذه الخطة، الاستراتيجية الآن حسب الحاج، هي تمديد وقت المحاكمة. رئيس المحكمة طالب بمعرفة الحضور وأراد التأكد هل الحضور الكثيف بالقاعة هو للعمال أم لا ؟ ولم يتردد في التأكد من ذلك من خلال النداء على أسمائهم عبر اللائحة التي يتوفر عليها، رغم بعض الغياب لأسباب صحية، كما ذكرت أو التواجد بالمغرب، فإن أغلب المعنيين كانوا حاضرين بهذه الجلسة.
بعد التدوال بين أعضاء المحكمة، وهي مداولات أخذت حوالي عشرين دقيقة، تم تأجيل ملف هذه المجموعة إلى 10 من شهر يونيو المقبل. قرار خلق حالة من الإحباط وسط الحضور والعديد من العمال لم يعد يتحمل هذا المسلسل الطويل وللامتناهي. سي محمد عبر لي عن غضبه وعن مغادرته للعمل قبل التقاعد، أي فيما يسمى المغادرة الطوعية، وهي مغادرة قام بها العديد من العمال، مجبرين بعد أن أنهكتهم السنين الطويلة من العمل، كما أن الشركة بدأت تدفعهم وتشجعهم على ذلك بعد أن بدأت المتابعات ضدها من طرف العديد منهم. وأصبح يحس محمد بالخيانة والسرقة من طرف الشركة المشغلة، وكيف رأى زملاؤه يتقدمون في مسارهم المهني وتتحسن وضعيتهم، في حين ظل هو جامدا في وضعه منذ أن التحق سنة 1972 بعد أن كان يعمل في المكتب الوطني للسكك الحديدية بالمغرب.«في البداية كنت فرحا بهذا العمل، واعتبرت نفسي محظوظا أكثر من الآخرين الذين بقوا بالبلد، لكن بعد مرور السنين بدأت أتساءل حول الثمن مقابل ذلك، بعيدا عن العائلة والبلد، وفي البداية لم أكن أفهم ما يعني الميز، وكنت أعتبر أن الفرنسيين من حقهم تشغيلي كما يحلو لهم».وحول المغادرة الطوعية التي اقترحتها الشركة على العديد من العمال المغاربة ، قال لي الحاج «فهي فخ يقع فيه كل من يقبل ذلك، فهي نوع من الإحالة على البطالة، حيث يستمر العامل في الحصول على 65 في المائة من أجره فقط، مما يؤثر على قيمة التقاعد، فيما بعد، لكن كل من يقبلون بذلك لا ينتبهون للأمر.»
في طريق العودة نحو مقر النقابة غير البعيد عن المحكمة، كان أغلب العائدين متراخين في مشيتهم، يجترون هذا القرار المحبط، وسنوات من المعارك القضائية ضد هذا العملاق ، الشركة الوطنية للسكك الحديدية. رغم أن بعضهم كان فرحا برؤية زملاء له بعد عدة شهور من الفراق.الأستاذ عبد القادر بندالي لاحظ هذا الإحباط العام والاجتماع الثاني بالنقابة سيكون هدفه هو الرفع من المعنويات وفي حث هؤلاء العمال على الصمود في وجه هذا التباطؤ وهذا الزمن القضائي الطويل.
في حديثي للأستاذ عبد القادر بندالي لم يخفي غضبه من الاعلام المغربي، واعتبره جد متسامح مع المشغلين الفرنسيين، ولا يطالب بالمساواة: «كيف يحترمون المغاربة الأجانب في حين أن الفرنسيين لا يكلفون أنفسهم عناء تطبيق اتفاق وقعوا عليه مع المغرب في اطار اتفاقية اليد العاملة». حاولت الدفاع عن المهنة والزملاء وأن الأمر ليس فيه أي تواطؤ أو تآمر بقدر أن الأمر يتعلق بضعف الموارد بالقطاع الإعلامي وعدم وجود صحفيين مختصين في قضايا الهجرة بالمغرب، وأن مصدر الاخبار الأساسي هو الفرنسيين أنفسهم لعدم قدرة أغلب القنوات والجرائد على التوفر على مراسلين ومتخصصين لتتبع هذا النوع من الملفات.
بدوري طرحت سؤال « لماذا هذه المتابعة للشركة الفرنسية، خاصة أن القانون الفرنسي يقول إن وضعية السككي تخص المواطنين الفرنسيين وليس للأجانب الحق في ذلك». ما تقوله منطقي يقول الاستاد بندالي، لكن هذا المنطق لا بد أن تسير فيه حتى النهاية، إذا كان عمل ما يتطلب الجنسية، كان على المشغل عدم تشغيل الأجانب، وفي حالة تشغيلهم لا بد من إعطائهم نفس الحقوق ماداموا يقومون بنفس الواجب. وتابع بندالي مؤاخذاته، شركة السكك الفرنسية تقوم بمشروع القطار السريع بالمغرب، وهذا الأمر كاف للضغط عليها، تصور أن الشركة الفرنسية لها نفس المشروع بكاليفوورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وتدخلت إحدى الجمعيات لقدماء ضحايا المحرقة اليهودية، وهو ما أجبر شركة السكك الحديدية الفرنسية على التجاوب معهم بسرعة وتقديم اقتراحات عملية مخافة أن تضيع هذه الصفقة بالولايات المتحدة الأمريكية. فلا بد من الضغط لمساعدة هؤلاء العمال لاسترجاع حقهم.. تصور أن الهولنديين تسيبوا هم الآخرين ويريدون حرمان المتقاعدين المغاربة من حقوقهم، التقاعد هو حق، والمستفيدون من حقهم الحصول عليه في أي مكان بالعالم، لهذا لا بد من متابعتهم وبأسرع وقت أمام المحاكم. بعد ذلك تابعنا النقاش حول الدعم السياسي للملف، حيث أضاف أن رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران يتوفر على نسخة من الملف وكذلك وزير النقل، ونحن مازلنا في انتظار دعمهم في هذا الملف.
عبد القادر بندالي لاحظ الإحباط على المجموعة كان لا بد من رفع المعنويات من أجل الاستمرار في المعركة خاصة أن الشركة دخلت في مفاوضات تقترح التعويض على 5 عمال مقابل التخلي عن المتابعة القضائية. أحد الحاضرين ذكر أن العمال 5 مازالوا يشتغلون بالمقاولة، وهم تحت الضغط، أي أن قرارهم ليس اختياريا . بندالي ابتسم وقال «بصحتهم»، إذا أخذوا التعويض لكن بعد ذلك يمكنهم متابعة الشركة من جديد، لأن الميز ضدهم ثابت. ومن أجل رفع حماسهم في هذه القضية، ذكرهم بقضية الجندي السنغالي ديوب، هل تعرفون ديوب؟ هل تعرفون أنه ازداد سنة 1917، وأنه يتابع فرنسا أمام المحاكم منذ سنة 1967؟وهل تعرفون أن قضيته وصلت إلى الأمم المتحدة التي طالبت فرنسا بضرورة تطبيق مبدأ المساواة. الجندي السنغالي ديوب والذي خدم بالجيش الفرنسي وتابع السلطات الفرنسية بالميز ضده لأن تعويضه عن التقاعد كان أضعف بكثير من زملائه الفرنسيين، وهي دعوة بدأها أحمدو ديوب وربحها بعد جهد مضني دام عدة عقود، قادته حتى إلى الأمم المتحدة التي دعت فرنسا إلى احترام مبدأ المساواة وعدم الميز، وواصل ديوب قضيته حتى المحكمة الأوربية مما جعل القضاء الفرنسي يستسلم للحقيقة والاعتراف بالميز الذي مارسته المؤسسة العسكرية تجاه ديوب والذي حكم القضاء لصالح في سنة 2001، حيث صدر مرسوم للمجلس الأعلى يدين الدولة الفرنسية بالميز ويطالبها بتقديم تعويضات للمعني. طبعا نظرة الإعجاب كانت بادية على ملامح السككيين، لأن معركتهم ضد الشركة الفرنسية من أجل إدانتها ستكون طويلة ومضنية، وأن عليهم التسلح بقوة وعزيمة الجندي أحمدو ديوب الذي لم يتراجع عن حقه رغم طول المعركة حتى أنصفه القضاء. طبعا المعركة ذكرتهم أيضا بمعارك أخرى قادها مغاربة آخرون سواء قدماء المحاربيين بالجيش الفرنسي أو المنجميين بشمال فرنسا والذين عانوا من الميز بدورهم.
في أجواء هذا الحماس طلب بندالي منهم تقوية جمعيتهم الاسماعلية وضرورة الانخراط فيها، لأن الجمعية يمكنها أن تصبح طرفا في القضية ويمكنها التدخل إلى جانب الدفاع . عن هذا الطلب الذي لقي تجاوبا وهذه الأجواء حمست هؤلاء السككيين الذي يعتقد البعض منهم أنهم يواجهون جدار شاهقا، وهو ما ذكرني به الحاج، عندما أسسنا الجمعية في البداية كان بعض الزملاء يستهزؤون بنا ويتساءل كيف بإمكاننا متابعة الشركة الوطنية للسكك الحديدية، اليوم الجميع تغيرت نظرته وانضموا إلى المعركة، بل منهم من انخرط في الجمعية التي لا تتوفر على أية ميزانية.. تصور اليوم لا يمكننا تقديم حتى القهوة أو الشاي في هذا الاجتماع، وكأننا في مأتم. لكن يبدو أن الأمور تغيرت اليوم، وأصبح الجميع يؤمن بهذه المعركة.
ودعت الحاج واتفقنا على اللقاء في المرة المقبلة بالمحكمة لمتابعة أطوار هذه المعركة الطويلة العادلة من أجل المساواة وضد الميز، و فرص اللقاء كثيرة في هذه المعركة، فملف السككيين يضم 17 مجموعة وتخص أكثر من 800 عامل من بين 2000 في قطاع السكك الحديدية الفرنسية والذين اختاروا أخذ هذا المعركة ضد الشركة من أجل استرجاع حقوقهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.